يجري ملك إسبانيا فيليب السادس، وزوجته الملكة ليتسيا، زيارة إلى مصر، تبدأ اليوم وتستمر لمدة 4 أيام، وذلك في إطار العلاقات العميقة التي تربط مصر وإسبانيا، على مر العقود، والتي تمت ترقيتها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، عقب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإسبانيا في فبراير 2025.
تاريخ العلاقات المصرية الإسبانية
وعلى مدار عقود، جمعت مصر وإسبانيا علاقات متميزة للتعاون والصداقة والتفاهم والتقارب في وجهات النظر، خاصة فيما يتعلق بتعزيز التنسيق بين دول جنوب البحر المتوسط وشماله.
ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية إلى العشرينيات من القرن الماضي، عندما أنشأت إسبانيا وفدًا دبلوماسيًا في القاهرة عام 1922، ثم تمت ترقيته إلى رتبة سفارة في عام 1949، واستمرت العلاقات في التطور مع تبادل الزيارات الثنائية، وفي فبراير 2008، زار الملك خوان كارلوس والملكة صوفيا مصر، حيث وقع وزيرا خارجية البلدين معاهدة الصداقة والتعاون بين القاهرة ومدريد، والتي كانت بمثابة نقلة تعاقدية وسياسية نوعية فى العلاقات الثنائية وتشكل إطاراً لكافة أوجه العلاقات بين البلدين.
وكان الرئيس السيسي التقى سابقا بملك إسبانيا، في العاصمة مدريد، خلال زيارة الرئيس لإسبانيا في فبراير الماضي، حيث حرص جلالة الملك فيليب في مستهل اللقاء على الترحيب بالرئيس ضيفًا عزيزًا على إسبانيا، معربًا عن اعتزاز بلاده بالعلاقات والأواصر التاريخية الممتدة التي تجمع البلدين والشعبين الصديقين، وتطلعه لأن تسفر الزيارة عن المزيد من التعاون في مختلف المجالات، والبناء على الزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية خلال السنوات الماضية.
كما أعرب الملك فيليب عن تقدير إسبانيا لدور مصر الجوهري وجهودها باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط.
ووجه الرئيس، خلال المباحثات، الدعوة لملك وملكة إسبانيا لزيارة مصر، وكذا للمشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث أعرب جلالة الملك فيليب السادس عن تطلعه لتلبية الدعوة وزيارة مصر في أقرب فرصة.
وفي تلك الزيارة، وقع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والسيسي اتفاقية شراكة استراتيجية بين البلدين.
وفي 30 أبريل 2015، زار الرئيس السيسى إسبانيا، للمرة الأولى، والتقى خلالها بالملك فيليب السادس، وتم عقد جلسة مباحثات ثنائية تناولت مجمل أوضاع العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها وتعزيزها في كافة المجالات، كما عقد الرئيس جلسة مباحثات ثنائية مع عدد من المسئولين، منهم رئيس الوزراء الأسباني آنذاك، ماريانو راخوي، تم خلال الاجتماع استعراض سبل دفع العلاقات الثنائية بين البلدين من خلال طرح عدد من المبادرات والمقترحات لتفعيل التعاون فيما بينهما .
وهناك العديد من مجالات التعاون بين البلدين، ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت قيمة التبادل التجاري بينهما إلى 3.1 مليار دولار عام 2024 مقابل 3.2 مليار دولار عام 2023، حيث بلغت قيمة الصادرات المصرية لإسبانيا 1.5 مليار دولار عام 2024 مقابل 1.6 مليار دولار خلال عام 2023، بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من إسبانيا 1.6 مليار دولار خلال عام 2024 مقابل 1.5 مليار دولار خلال عام 2023.
وعلى المستوى الإقليمي، تتوافق وجهات نظر مصر وإسبانيا في العديد من القضايا وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث تدعم إسبانيا القضية الفلسطينية كما أعلنت الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مايو 2024.
وفي بيان مشترك بين البلدين، خلال زيارة الرئيس السيسي لإسبانيا، فبراير الماضي، أكد الطرفان حق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم وأعربا عن رفضهما لأية محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار، وأكدا أهمية تضافر الجهود الدولية المشتركة لرفع المعاناة عن قطاع غزة من خلال زيادة المساعدات الإنسانية والالتزام بإعادة إعمار القطاع دون أي تهجير للفلسطينيين من أرضهم أخذاً في الاعتبار تداعيات الحرب على غزة والتي تسببت في واحدة من أسوأ المآسي البشرية في التاريخ الحديث. ودعا الطرفان في هذا السياق المانحين الدوليين إلى الانخراط بقوة في مؤتمر إعادة الإعمار الذي ستستضيفه مصر.
زيارة ملك إسبانيا مصر
وتعد الزيارة الحالية، هي الزيارة الأولى لملك إسبانيا الذي يشغل المنصب منذ 2014، خلفا لوالده الراحل الملك خوان كارلوس الأول، وتستمر الزيارة لمدة 4 أيام، ويرافقه خلالها وزير الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون خوسيه مانويل ألباريس.
ومن المرتقب أن يستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي الملك الإسباني في قصر الاتحادية، حيث ستُقام مراسم استقبال رسمية.
كذلك يتضمن برنامج الزيارة، حسبما أفادت به سفارة إسبانيا بالقاهرة نقلاً عن الخارجية الإسبانية، زيارة ملك وملكة إسبانيا لعدد من المشروعات الاقتصادية والثقافية والعلمية الإسبانية في القاهرة والأقصر، بما في ذلك البعثات الأثرية، كذلك سيُعقد خلال الزيارة منتدى الأعمال الإسباني المصري لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.