بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، عملية برية واسعة في أرجاء مدينة غزة، معلنًا أن قواته النظامية والاحتياطية من الفرق 98 و162 و36 شرعت خلال الـ24 ساعة الماضية في تنفيذ هجوم بري ضمن عملية "عربات جدعون 2"، التي تهدف إلى احتلال المدينة.
وتزامن ذلك مع قصف جوي ومدفعي مكثف، إضافة إلى استخدام روبوتات مفخخة، ما أسفر عن سقوط عشرات الفلسطينيين بين قتيل وجريح.
وأدان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عمليات التدمير المفرط للبنية التحتية المدنية التي تنفذها إسرائيل في مدينة غزة، معربًا عن قلقه البالغ إزاء تكثيف القصف العسكري على المدينة.
وأكد المكتب أن الفلسطينيين يُجبرون على النزوح بأعداد كبيرة في ظل استمرار الهجمات، مشيرًا إلى أن الغارات الإسرائيلية استهدفت مناطق سكنية وخيامًا ومدارس، كما أفادت تقارير ميدانية بتدمير أحياء كاملة جراء التفجيرات.
وأفادت مصادر طبية بأن حصيلة الضحايا في عموم قطاع غزة منذ فجر الثلاثاء بلغت 106 شهداء، بينهم 91 في مدينة غزة.
وواصل جيش الاحتلال إصدار أوامر الإخلاء للفلسطينيين قاطني المدينة، حيث ألقى منشورات ورقية قال فيها: "إذا وجدت هذا المنشور، فأنت في منطقة قتال خطيرة، يجب عليك الإخلاء عبر شارع الرشيد، حتى سيرًا على الأقدام جنوبًا من وادي غزة".
وحتى الآن، ووفقًا لتقديرات جيش الاحتلال، انتقل أكثر من 350 ألف فلسطيني من مدينة غزة إلى الجنوب، حسب موقع "والا" العبري، الذي أوضح أن المدينة ما يزال بها نحو 650 ألف نسمة.
غير أن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أكد أن "أكثر من مليون فلسطيني ما زالوا صامدين في مدينة غزة وشمالها، متمسكين بأرضهم وبيوتهم، ورافضين النزوح القسري جنوبًا"، رغم "وحشية القصف وحرب الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي".
وأكد جيش الاحتلال أنه لا وقت محددًا لعمليته في غزة، مقدّرًا أن السيطرة على المدينة ستستغرق عدة أشهر.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المدان بجرائم حرب لدى المحكمة الجنائية الدولية، قوله إن الجيش بدأ عملية وُصفت بـ"الحاسمة" في غزة، معلنًا الدخول في مرحلة جديدة، ومشيرًا إلى أن اليوم قد يشهد تطورات مهمة.
وفي السياق ذاته، تباهى وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بتوسيع نطاق العدوان، قائلاً: "غزة تحترق. الجيش الإسرائيلي يضرب بقوة البنية التحتية الإرهابية، ويقاتل جنوده لتهيئة الظروف لإطلاق سراح المحتجزين وهزيمة حماس. لن نلين ولن نتراجع حتى اكتمال المهمة"، على حد تعبيره.
فيما أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، أن الجيش جند آلاف الجنود الاحتياطيين لتنفيذ العملية في مدينة غزة، مؤكداً أن قيادة الجيش عرضت أمام القيادة السياسية المخاطر والفرص المصاحبة للعملية.
وقال زامير إن القوات تعمل في عمق مدينة غزة بهدف تشديد الضربات ضد حركة حماس، مشددًا على أن الهدف الأساسي هو تحرير المحتجزين.
وفي المقابل، قالت حركة حماس إنّ "توسيع الاحتلال الإسرائيلي لعملياته العسكرية ضد الشعب الفلسطيني في مدينة غزة، وما تشهده من تصعيد همجي غير مسبوق، لا يعدو كونه فصلاً جديدًا من فصول حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الممنهج بحق أبناء شعبنا".
وأوضحت الحركة أنّ "هذه الجرائم، التي تجاوزت كل الأعراف والقوانين الدولية، تتم تحت غطاء سياسي وعسكري مكشوف من الإدارة الأمريكية، التي تتحمّل المسؤولية الكاملة عن نتائج هذا العدوان".
وأكدت حماس أنّ الإدارة الأمريكية "شريك أساسي في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الجاري في غزة".
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر أن العملية العسكرية في غزة انطلقت بشكل تدريجي بناءً على طلب من واشنطن، موضحة أن الولايات المتحدة لم تفرض قيودًا على إسرائيل، غير أن هدفها من هذا الطلب هو إتاحة نافذة زمنية لفتح مسار تفاوضي مع حركة حماس.