تحل اليوم، 24 سبتمبر، ذكرى ميلاد الفنان الشعبي الكبير محمد طه، أحد أعمدة التراث الغنائي المصري، وصاحب أشهر المواويل التي تجاوز عددها 10 آلاف، ليبقى صوته علامة بارزة في وجدان المصريين، خصوصًا بأغنيته الشهيرة "مصر جميلة خليك فاكر مصر جميلة" التي تغنى بها حبًا وانتماءً للوطن.
ولد محمد طه في 24 سبتمبر 1922 بمدينة طهطا بمحافظة سوهاج، ونشأ في بيئة بسيطة جعلته قريبًا من وجدان الشعب، في عمر 16 عاما عمل في مصنع غزل ونسيج بالمحلة الكبرى، وهناك اكتشف زملاؤه خامة صوته المميزة حين كان يغني لهم، لتبدأ رحلة البحث عن مكان للفن بعيدًا عن العمل بالمصانع.
انتقل بعدها إلى القاهرة ليغني في الموالد الشعبية بمناطق مثل الحسين والسيدة زينب، ومع ثورة 1952 بدأ الاهتمام الرسمي بالفن الشعبي، لينضم إلى فريق الفنانين الذي كان يشرف عليه وجيه أباظة، مقدمًا حفلات بمعرض القاهرة الدولي وعروضًا في مناسبات وطنية.
الارتجال سر التميز
اشتهر محمد طه بقدرته الفريدة على الارتجال اللحظي، حيث اعتبر أن "الفن الشعبي مثل مية النيل يتدفق على طول". وبرغم أنه لم يكن يجيد القراءة والكتابة، إلا أنه أدهش المستمعين بما يحمله الموال من جناس وتورية، وهو ما اعتبره نجله سعيد سبب انطلاقته الحقيقية بعد انضمامه للنقابة رغم اشتراطها المؤهل العالي.
محطة الانطلاقة
في عام 1954، كان اللقاء الفارق عندما استمع إليه الإذاعيان الكبيران طاهر أبو زيد وإيهاب الأزهري أثناء غنائه في أحد مقاهي الحسين، فاصطحباه إلى الإذاعة حيث سُجلت له مواويله الشهيرة، ومن هنا ذاع صيته، لينضم إلى "فرقة الفلاحين للفنون الشعبية" التي شكلتها وزارة الثقافة بقيادة زكريا الحجاوي، كما شارك في حفلات كبرى مثل "أضواء المدينة" في غزة، وأحيا حفلات الثورة أمام الرئيس جمال عبد الناصر وكبار القادة.
مسيرة فنية متكاملة
لم يكتفِ محمد طه بالغناء، بل كون فرقته الخاصة "الفرقة الذهبية للفنون الشعبية" التي ضمت شقيقه شعبان طه وعددًا من العازفين، وظلت ترافقه في حفلاته داخل وخارج مصر وكذلك في الأفلام التي شارك فيها، كما أسس شركته الخاصة لطباعة أسطواناته تحت اسم "ابن البلد"، ليؤكد حضوره كرمز للفن الشعبي الأصيل.
وبقي محمد طه طوال مشواره الفني صوت البسطاء ولسان حال الناس، محتفظًا بمكانته في قلوب عشاق الموال حتى بعد رحيله، لتبقى أغانيه ومواويله حاضرة جيلاً بعد جيل.