يترقب سوق المال قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها غدا الخميس 2 أكتوبر 2025، وسط تباين في توقعات الخبراء ما بين تثبيت أسعار الفائدة أو المضي في خفض جديد يتراوح بين 1% و2%.
وأكد عدد من المحللين والاقتصاديين في تصريحات خاصة لبوابة «دار الهلال»، أن القرار سيأتي في ضوء مزيج من العوامل المحلية والدولية، أبرزها تراجع معدلات التضخم مؤخرًا، واستقرار سعر صرف الجنيه، إلى جانب التداعيات المرتقبة لرفع أسعار المحروقات والخدمات، والتوترات الجيوسياسية بالمنطقة، مما يجعل البنك المركزي أمام خيارات دقيقة لتحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.
ويبلغ سعر الفائدة في مصر حاليًا 22% للإيداع و23% للإقراض لليلة واحدة، بعد سلسلة من التخفيضات المتدرجة خلال عام 2025 وصلت إلى نحو 5.4%.

فمن جانبه قال الدكتور أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي، إن قرار لجنة السياسات النقدية في اجتماعها المقبل يوم الخميس 2 أكتوبر 2025 سيكون أكثر تحوطًا ويميل نحو التثبيت، على الرغم من وجود مؤشرات محلية ترجح خيار الخفض.
وأوضح شوقي في تصريحات خاصة لـ«بوابة دار الهلال»، أن قرارات لجنة السياسات النقدية لا تتوقف عند حدود العوامل الداخلية فقط، بل ترتبط كذلك بالمتغيرات الإقليمية والدولية، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، بما يفرض ضرورة التعامل بحذر مع تلك التداخلات.
وأشار إلى أن العوامل المحلية شهدت تحسنًا ملحوظًا في معدلات التضخم، حيث انخفض التضخم العام للحضر إلى 12.0% في أغسطس، مقارنة بـ 13.9% في يوليو و14.9% في يونيو و16.8% في مايو 2025، فيما تراجع التضخم الأساسي إلى 10.7% في أغسطس مقابل 11.6% في يوليو و11.4% في يونيو و13% في مايو.
وفيما يتعلق بتداعيات رفع الدعم الجزئي عن المحروقات المقرر في أكتوبر، أوضح الخبير الاقتصادي أن هذه الخطوة ستؤدي إلى زيادة أسعار المحروقات، وهو ما قد يرفع معدلات التضخم بنطاق يتراوح بين 1% و2%، مشيرًا إلى أن استمرار الدولة في دعم أسعار السولار يهدف إلى الحد من انعكاسات ارتفاع تكاليف النقل والتشغيل.
وأضاف شوقي أن أسعار العائد الحالية، البالغة 22% للإيداع و23% للإقراض، شهدت خفضًا متتاليًا خلال 2025 بمقدار 5.4%، ورغم وجود فجوة كبيرة بين معدلات التضخم العام 12%وسعر العائد على الإيداع 22%، بما يتيح فرصة لخفض جديد لا يقل عن 1% لدعم خفض تكاليف التمويل للدولة والقطاع الخاص، إلا أن الاتجاه الأقرب يبقى التثبيت.
وأوضح أن هذا السيناريو التحوطي يهدف إلى احتواء أثر رفع أسعار المحروقات والخدمات على التضخم، وضمان قدرة الاقتصاد المصري على استيعاب الضغوط التضخمية، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي قد تمتد آثارها إلى الداخل المصري.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن يكون التوجه نحو الخفض مرجحًا خلال الاجتماعين المتبقيين للجنة في نوفمبر وديسمبر 2025، بعد التأكد من قدرة الاقتصاد على استيعاب الضغوط الحالية والتعامل مع المتغيرات الداخلية والخارجية.

وقال محلل أسواق المال، الدكتور أحمد معطي، إن اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الخميس المقبل من المرجح أن يشهد خفضًا جديدًا في أسعار الفائدة بنسبة 1%، وربما تصل النسبة إلى 2%، موضحًا أن هذا السيناريو الأقرب في ضوء المعطيات الاقتصادية الراهنة.
وأوضح معطي في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن السبب الرئيسي لتوقع خفض أسعار الفائدة هو اتساع الفجوة بين معدل الفائدة والتضخم، حيث يبلغ التضخم نحو 12% بينما يصل سعر الفائدة على الإيداع إلى 22%، وهو ما يعني أن سعر الفائدة الحقيقي يبلغ 10% تقريبًا، وهي نسبة مرتفعة تكفي لجذب الاستثمارات والحفاظ على جاذبية أدوات الدين.
وأضاف أن البيئة الاقتصادية أصبحت أكثر استقرارًا مع وفرة المعروض من النقد الأجنبي، مدعومًا بارتفاع الصادرات وتحسن إيرادات السياحة التي سجلت أرقامًا قياسية تجاوزت 9 مليارات دولار خلال الفترة الماضية، فضلًا عن تدفقات الاستثمارات من الخارج، وهو ما يقلل الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة مجددًا.
وأشار محلل أسواق المال إلى أن خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل سيدعم بيئة الاستثمار ويحفز النشاط الاقتصادي، متوقعًا أن يشهد العام الحالي تخفيضات إجمالية تتراوح بين 5% و6% مع الاجتماعات الثلاثة المتبقية للبنك المركزي، في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر.
وأكد معطي أن السياسة النقدية تمضي في اتجاه أكثر مرونة لدعم النمو الاقتصادي، مع الاستمرار في مراقبة معدلات التضخم وسعر الصرف لضمان تحقيق الاستقرار المالي والنقدي.

وفي نفس السياق قال الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح، إن التوقعات تشير إلى احتمال اتجاه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار يتراوح بين 1% و2% خلال اجتماعها في أكتوبر، وذلك استكمالًا لسلسلة التخفيضات التي شهدها العام الجاري.
وأشار أبو الفتوح في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، إلى أن لجنة السياسة النقدية كانت قد قررت في اجتماعها الأخير يوم 28 أغسطس 2025، خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 22.00% و23.00% على الترتيب، وهو ما يعكس نهجًا متدرجًا في التيسير النقدي.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن هذا التوجه يستند إلى تحسن عدة مؤشرات اقتصادية، أبرزها تراجع معدل التضخم، حيث سجل التضخم الأساسي 10.7% في أغسطس 2025، إلى جانب تباطؤ التضخم الشهري إلى 0.1% مقابل 0.9% في الشهر ذاته من العام الماضي، كما ساهم استقرار الجنيه المصري مدعومًا بتحسن موارد النقد الأجنبي التي بلغت 49.250 مليار دولار في أغسطس، في تعزيز قدرة البنك المركزي على المضي قدمًا نحو خطوات إضافية.
ولفت أبو الفتوح إلى أن التحدي الأبرز يتمثل في ارتفاع أسعار المحروقات خلال أكتوبر، وهو ما قد يرفع معدل التضخم الشهري بنسبة تتراوح بين 0.5% و2%، الأمر الذي قد يدفع البنك المركزي إلى إعادة تقييم قراراته في اجتماع نوفمبر.
وأكد أن البنك المركزي قد يلجأ إلى خفض تدريجي لأسعار الفائدة في أكتوبر، شريطة استمرار التحسن في المؤشرات الاقتصادية، مع ضرورة تحقيق توازن دقيق بين تحفيز النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.
وأوضح أن الفترة الحالية تتطلب قدرًا كبيرًا من الحكمة في اتخاذ القرارات النقدية، مشيرًا إلى أن "التوازن بين دعم النمو وضبط التضخم ليس أمرًا سهلاً، إلا أن الوضع الاقتصادي الراهن يفتح المجال أمام فرص جديدة إذا ما تمت متابعة التطورات بدقة وحذر".

وقال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن هناك سيناريوهين مطروحين أمام لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في اجتماعها المقرر الخميس المقبل، الأول يتمثل في تثبيت أسعار الفائدة، وهو الاحتمال الأقرب في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، حتى يمنح البنك المركزي فرصة لمراقبة أثر قرار خفض سعر الفائدة الأخير بمقدار 2% على مختلف قطاعات الاقتصاد، أما السيناريو الثاني فيتعلق بإمكانية خفض جديد لكنه طفيف لا يتجاوز 1%، حال استمرار تراجع معدل التضخم واستقرار سعر صرف الدولار.
توقعات سعر الفائدة في مصر
وأوضح غراب في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن معدل التضخم شهد تراجعًا خلال شهر أغسطس الماضي، بالتوازي مع استقرار سعر صرف الدولار وتراجعه في الفترة الأخيرة نتيجة زيادة تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر، إلا أن التوجه الأقرب يظل هو تثبيت أسعار الفائدة، خاصة مع الإعلان عن زيادات مرتقبة في أسعار المحروقات خلال أكتوبر المقبل، فضلًا عن رفع سعر الغاز الطبيعي للمصانع بواقع دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية، وهي عوامل قد تضيف ضغوطًا تضخمية.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن التثبيت يعد الأنسب في الاجتماع المقبل، على أن يعاد النظر في خفض أسعار الفائدة بالاجتماع الذي يليه بعد التأكد من استدامة التراجع في معدلات التضخم، لاسيما مع استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.

وأضاف أن معدل الفائدة الحقيقي في مصر ما زال مرتفعًا، وهو ما عزز من جاذبية أدوات الدين الحكومية أمام المستثمرين الأجانب، وجعل السوق المصرية بيئة جاذبة لرؤوس الأموال.
وأكد غراب أن تثبيت سعر الفائدة في الوقت الحالي يمثل خطوة احترازية ضرورية، في ظل التحديات الداخلية واستمرار التأثير غير المباشر للتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.