تشهد نيجيريا، أكبر منتج للنفط الخام في قارة أفريقيا، تحولا مهما صوب تعزيز الاعتماد على الطاقة الشمسية، في وقت تتعرض فيه البلاد لانقطاعات مزمنة في الطاقة الكهربائية وإشكالات في البنية التحتية الأساسية.
ورغم ما تمتع به نيجيريا من ثروة نفطية، فإنها تعاني من أجل توفير مصدر طاقة كهربية موثوقة ومستمرة بسبب نقص البنية التشغيلية.
ورصدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في تقرير مطول لها مشهد الطاقة في نيجيريا، مبينة أن رفع الدعم على الوقود فاقم من تلك المشكلة، ما تسبب في دفع العديد من النيجيريين إلى الاعتماد على المولدات الكهربائية التي تعمل بالديزل، أثناء فترات انقطاع التيار الكهربي المتكررة، الأمر الذي قيل أنه يؤثر على نحو 85 مليون نسمة يفتقرون للوصول إلى شبكة الكهرباء.
ونتيجة لتلك الأوضاع، شهدت البلاد نمواً كبيراً في استخدام حلول الطاقة الشمسية، مدعومة بالتدفقات الكبيرة للألواح الشمسية ذات الأسعار المعقولة القادمة من الصين، والتي ساهمت أيضاً في الكثير من الإنشاءات والحلول الشمسية التي انتشرت في القارة الأفريقية، وقد زادت واردات القارة من الألواح الشمسية الصينية بنسبة 60 في المائة خلال عام حتى يونيو الماضي، وفق تقديرات شركة "إيمبر" الاستشارية.
وتقول "فاينانشيال تايمز" إن نيجيريا أصبحت ثاني أكبر مستورد لألواح الطاقة الشمسية في القارة خلال العام الماضي باسترادها 1.7 جيجاوات من ألواح الطاقة الشمسية.
ويدعم البنك الدولي وغيره من المنظمات غير الهادفة للربح العديد من المشروعات التي تستهدف إقامة شبكات طاقة مصغرة مصنّعة من الألواح الشمسية والبطارية، والتي صُممت لتزويد التجمعات العمرانية بإمدادات كهرباء مستقرة، مثل مقاطعة "إيفو" التي يقطنها نحو 7 آلاف مواطن بالقرب من العاصمة القديمة لاجوس.
ويرى النائب الأول لشؤون الطاقة لرئيس "مؤسسة روكفلر" الداعمة لمشروعات الشبكات الصغيرة، أشفين دايال، الإقبال على الطاقة الشمسية في نيجيريا هي "استجابة لمشكلة.. حيث لا يمكنك الاعتماد على شبكة الكهرباء على مدار 24 ساعة/ 7 أيام أسبوعياً في معظم أجزاء نيجيريا في هذه اللحظة."
وتابع قائلاً "حدثت طفرة في الطلب (على الألواح الشمسية) أملا في الحصول على تيار كهربي موثوق وبكلفة معقولة سواء في المنزل أو لإدارة الشركات الصغيرة، أو لتشغيل مشروعات ومعدات زراعية، من أجل زيادة الإنتاجية والدخول."
وتشير الصحيفة إلى أن الأسر الثرية، التي شعرت بالضجر من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربي للشبكة العامة، كانت أول الفئات التي اندفعت إلى تركيب وتشغيل الألواح الشمسية.
ولفتت "فاينانشيال تايمز" إلى أن مطوري القطاع الخاص في نيجيريا، كان لهم دور محوري في نشر الشبكات المصغرة، التي تتيح استغلال الطاقة الشمسية نهاراً مع ربطها بالشبكة الوطنية.
وتشير التوقعات إلى قدرة الشبكات الصغيرة المترابطة قد تصل إلى ما يزيد على 20 جيجاوات بحلول عام 2030، ما يسلط الضوء على منطقة نمو مهمة في قطاع الطاقة النيجيري، حيث يبلغ معدل استهلاك الطاقة اليومي حالياً في البلاد حوالي 4.5 جيجاوات.
وتشير الصحيفة إلى تقديرات البنك الدولي بأن إقامة الشبكات الصغيرة يتطلب حوالي 127 مليار دولار بحلول عام 2030 بهدف توسيع نطاق الوصول إلى الكهرباء، بما قد يعود بالنفع على 490 مليون شخص في جميع أنحاء القارة.
خلصت "فاينانشيال تايمز" إلى أن ثورة الطاقة الشمسية في نيجيريا تعكس اتجاهات أوسع نطاقا في الدول النامية، كما تسلط الضوء على الحاجة الملحة لإيجاد حلول طاقة مبتكرة لمواجهة تحديات البنية التحتية الأساسية المستمرة.