الأحد 5 اكتوبر 2025

تحقيقات

محمد إدريس.. صاحب فكرة الشفرة النوبية التي ساهمت في نصر أكتوبر

  • 5-10-2025 | 11:11

محمد إدريس

طباعة
  • محمود غانم

لم يُصنع نصر أكتوبر المجيد بجهود القادة الكبار وحدهم، بل كان ثمرة عطـاء وتفانٍ من كل جندي مصري أسهم بدوره في معركة العبور، كلٌّ بحسب موقعه وقدرته، حتى سطّر الجنود البسطاء أسماءهم في سجل الخالدين، ومن بينهم البطل أحمد إدريس، صاحب فكرة الشفرة النوبية التي لعبت دورًا حاسمًا في تحقيق نصر أكتوبر العظيم.

 البطل محمد إدريس

وُلد أحمد محمد إدريس عام 1935 في قرية توماس وعافية التابعة لمحافظة أسوان جنوب مصر، ونشأ في بيئة نوبية بسيطة غارقة في القيم والانتماء الوطني. 

حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1952، وانتقل بعدها إلى القاهرة للإقامة مع شقيقه الأكبر في حي حدائق القبة حتى أنهى دراسته.

بدأت رحلة عطائه للوطن عندما تطوع في القوات المسلحة المصرية عام 1954، وشارك في رد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ثم خدم في سيناء منذ عام 1957، وشارك في حرب اليمن، قبل أن يخوض حرب يونيو 1967.

 لحظة فارقة

لكن اللحظة الفارقة في مسيرته جاءت عام 1971 أثناء خدمته في حرس الحدود، عندما علم بانزعاج الرئيس أنور السادات من نجاح العدو في فك شفرات الاتصالات العسكرية. 

وقتها، اقترح إدريس على زملائه مازحًا: «نرطن بالنوبي»، موضحًا أن اللغة النوبية تُنطق ولا تُكتب بالحروف العربية، مما يجعلها عصيّة على الفهم أو الاختراق.

وصلت الفكرة إلى القيادات العسكرية، وتم التعامل معها بسرية تامة، حيث جرى تقييد إدريس تمويهًا ونقله إلى جهة مجهولة، ليجد نفسه وجهًا لوجه أمام الرئيس السادات، الذي استمع إليه بإعجاب وقرر اعتماد الفكرة رسميًا بعد اختبارها.

نُقل إدريس إلى مقر القيادة العامة في سرية تامة، وتم اختيار مجموعة من الجنود النوبيين للتدريب على استخدام اللغة كوسيلة اتصال بين الوحدات في صحراء سيناء، حتى يوم 5 أكتوبر 1973، عندما تم سحبهم تمهيدًا لبدء معركة التحرير في اليوم التالي.

تكريم من الدولة 

وفي تقدير لدوره الوطني الفريد، كرّمته الدولة عام 2017 بمنحه وسام النجمة الذهبية، كما كشف في لقاء تلفزيوني عام 2019 عن سر الشفرة التي احتفظ بها طوال 40 عامًا دون أن يخبر بها حتى أبناءه. وقد تناولت قصته فيلمًا تسجيليًا بعنوان "الشفرة" وثّق هذه الخدعة العسكرية العبقرية.

وفي 21 سبتمبر 2021، أعلنت أسرته رحيله، وشيّع جثمانه إلى مثواه الأخير في مقابر الأسرة بمنطقة كينج مريوط بالإسكندرية، بعد أن خلد اسمه في ذاكرة الوطن كأحد أبطال نصر أكتوبر المجيد.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة