لم يكن الفن فى حرب أكتوبر مجرد أغان وطنية أو مشاهد تمثيلية تجسد البطولة؛ بل كان سلاح حقيقي فى يد عدد من الفنانين والمبدعين الذين تجاوزوا حدود الشهرة والأضواء، ليشاركوا بأنفسهم فى الدفاع عن الوطن، بعضهم حمل السلاح، وآخرون تبرعوا بجهودهم وأموالهم، وهناك من نزفوا العرق والدم إلى جوار الجنود على الجبهة.
وفى ذكرى النصر المجيد، نستعيد قصص حقيقية لنجوم جمعوا بين الإبداع والبطولة، وخلدوا أسماءهم فى سجل الشرف الوطنى.
محمد حمام
الفنان محمد حمام، صاحب الصوت الملهم الذى غنى "يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى"، لم يكن مجرد مطرب؛ بل مقاتل من نوع خاص.
انضم لفرقة "الأرض" بقيادة كابتن غزالى بعد نكسة 67، وغنّى وسط رصاص المعارك والبارود فى شوارع السويس.
حمل صوته نبض المقاومة وساهم فى رفع الروح المعنوية للجنود والمدنيين. ورغم بطولاته، لم ينل التكريم الذى يستحقه داخل مصر، بينما لمع اسمه فى أوروبا وفرنسا كرمز للفن المقاوم.
تحية كاريوكا
تحية كاريوكا لم تكن مجرد راقصة وفنانة كبيرة، بل رمزا للوطنية والجرأة،قبل ثورة يوليو كانت تهرّب الأسلحة للفدائيين ضد الاحتلال الإنجليزى بسيارتها إلى الإسماعيلية، وساعدت الرئيس السادات على الهرب من الملاحقة.
وبعد النكسة، تبرعت بمجوهراتها لدعم الجيش، وعملت ضمن فرق الهلال الأحمر بمستشفى قصر العينى خلال حرب أكتوبر، حيث داوت الجرحى بعنبر 21، لتؤكد أن حب الوطن فعل لا شعار.
نادية لطفى
نادية لطفى جسّدت البطولة على الشاشة وفى الميدان. شاركت فى تمريض الجرحى بمستشفى المعادى خلال حرب أكتوبر، وساهمت فى توثيق شهادات الأبطال بفيلم "جيوش الشمس" مع المخرج شادى عبد السلام، لم تكتفِ بدعم الجنود فى مصر، بل اخترقت حصار بيروت عام 1982، لتكون إلى جوار المقاومة.
قالت عنها الشاعر عز الدين المناصرة: "كانت نادية لطفى امرأة شجاعة، دخلت النار والحصار دون خوف،الفن قوات مسلحة إنسانية واجتماعية لا تقل تأثيرًا عن الجيش".
محمد عوض
الفنان محمد عوض، رغم طابع أعماله الكوميدية، عاش بطولات صامتة،بعد نكسة 67، كان ينقل الطعام والمياه إلى جنود السويس ويعود بالجرحى إلى القاهرة، كتب وصيته قبل كل رحلة خوفا من ألا يعود.
كما سافر بفرقته ليسعد الجنود على الجبهة والسد العالى، وقدم عروضا دون مقابل دعمًا للمجهود الحربى.
أحمد بدير
عاش الفنان أحمد بدير لحظة العبور داخل ميدان القتال، إذ خدم كمراسل حربى فى الشؤون المعنوية، وساهم فى إعداد برنامج "صوت المعركة" الذى كان يرفع معنويات الجنود ويزلزل العدو، حمل وصية صديقه الشهيد صابر الذى أوصى ألا يُقام عزاؤه إلا بعد تحرير الأرض — وعد أوفى به المصريون فى السادس من أكتوبر.
حمادة إمام
الكابتن حمادة إمام، نجم الزمالك والجيش، شارك فى حرب أكتوبر ضابطًا فى المخابرات الحربية، واستجوب الأسرى الإسرائيليين بنفسه.
نشأ فى بيت وطنى؛ فوالده كان ضابطًا وحاكمًا لغزة عام 1954، وحصل حمادة على نوط الواجب من الرئيس عبدالناصر بعد فوزه على وست هام الإنجليزى.
تروي زوجته الدكتورة ماجى الحلوانى أنه كان يعيش روح المقاتل داخل الملعب وخارجه، فظل رمزا للفدائية والانضباط حتى آخر أيامه.