الثلاثاء 7 اكتوبر 2025

ثقافة

إدجار آلان بو.. حين يصبح الألم وقودًا للإبداع

  • 7-10-2025 | 08:15

إدجار آلان بو

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

توغل الحزن والكآبة في قلب إدجار آلان بو منذ نعومة أظافره، بدءًا من فقدانه لوالديه في طفولته، ثم تبنيه مرتين، وصولًا إلى رحيل زوجته التي تركت جرحًا عميقًا في روحه، وفي مثل هذا اليوم رحل عن عالمنا، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا ارتبط بالظلام والغرابة التي لازمته طوال حياته، وبفضل ذلك أصبح رائدًا في القصة القصيرة الحديثة، وأحد أوائل من وضعوا أسس أدب الرعب والخيال البوليسي، ليترك بصمة لا تزال مؤثرة في الأدب العالمي حتى اليوم.

 

وُلد إدجار آلان بو في 19 يناير 1809 في بوسطن بولاية ماساتشوستس، عاش حياة كئيبة يغلفها الظلام والوحدة، بدأها برحيل والديه المبكر، ثم انتقل للعيش مع عائلة ألن في ريتشموند بفرجينيا، لكن شعور الغربة ظل يسكن قلبه، وتكاثرت الخلافات مع أسرته الجديدة، حتى قرر الانفصال عنها.

 

خاض إدجار معركة شرسة مع الحياة، ولم يجد ملاذًا سوى الشعر، الذي بدأ يكتبه منذ الخامسة من عمره بعدما لاحظ أحد أساتذته تفوقه وقال عنه: «هذا الولد خُلق شاعراً». 

وبعد أن قرر طي صفحة طفولته، سافر إلى بريطانيا حيث درس خمس سنوات، ثم التحق بجامعة فيرجينيا، وأظهر نبوغًا في دراسة اللغات والآداب، لكنه اضطر لترك الجامعة بعد ثمانية أشهر بسبب أزمة مالية.

 

التحق بعدها بالجيش الأميركي، واستمر في كتابة الشعر والقصص، وفي عام 1832 انتقل إلى بالتيمور، وهناك نشر خمس قصص وفاز في مسابقة أدبية، قبل أن يصبح ناقدًا بارزًا في مجلة «رسول الأدب الجنوبي»، وفي تلك المرحلة تزوج من ابنة عمته فيرجينيا، التي لم يتجاوز عمرها الرابعة عشرة، بينما كان هو في السابعة والعشرين.

 

ذاع صيته في الولايات المتحدة عندما نشر قصيدته الشهيرة «الغراب» عام 1845، وواصل كتابة روائع القصص القصيرة مثل «جرائم القتل في شارع المشرحة» و«الحشرة الذهبية» التي نالت شهرة كبيرة في أوروبا.

 ساعدته طبيعة شخصيته الانعزالية على أن يعكس الوحدة والظلام في قصائده، فاستطاع أن يجعل القارئ يعيش التجربة بوجدانه، كأنه يخاطب نفسه وعقله مباشرة.

 

تميّز إدجار بقدرته على التجديد، فقد اعتمد على الخيال القوطي الذي منحه تفردًا وسط مجايليه، كما لجأ أحيانًا إلى الأسلوب الساخر والحكايات الفكاهية.

 وتعد قصته «Metzengerstein» أول أعماله المنشورة في أدب الرعب، رغم أنها في أصلها كُتبت للسخرية من النوع الأدبي السائد آنذاك.

 

من أبرز قصائده: حلم داخل حلم، تيمورلنك، الأعراف، إسرافيل، إلى ساكن الجنان، الدودة الفاتحة، الغراب، إلدورادو، أنابيل لي.

ومن أشهر قصصه: برميل أمونتيلادو، انهيار منزل أشر، القلب الواشي، الحشرة الذهبية، القط الأسود، بضع كلمات مع مومياء، الغرائب، الليلة الألف واثنين لشهرزاد، قصة من القدس، الانزلاق إلى الدوامة، الثمان أورانج أوتانات المقيدة أو هوب فروغ، ليجيا، الحفرة والبندول، بالإضافة إلى سلسلته الشهيرة "أوجست دوبان": جرائم شارع مورغ، لغز ماري روجيه، الرسالة المسروقة.

 

كما أعاد بو ابتكار الخيال العلمي استجابة للتطورات التكنولوجية في عصره، مثل رحلات المناطيد، غير أن حياته تدهورت بشدة بعد رحيل زوجته في عام 1847، ليعيش عامين غارقًا في الألم والوحدة حتى رحل عام 1849، بعدما خلف إرثًا أدبيًا خالدًا استطاع من خلاله استكشاف أعماق النفس البشرية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة