ذكرت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية اليوم /الثلاثاء/ أن أحدث محاولات الرئيس دونالد ترامب لنشر الجيش على الأراضي الأمريكية، رغم المعارضة المحلية، أثارت صراعًا جديدًا مع حكام الولايات الزرقاء، وهو صراعٌ غالبًا ما كان يدور داخل أروقة المحاكم، لكنه قد يمتد إلى الرأي العام خاصة بعدما تصور ترامب دولةً يُسيّر فيها جنودٌ مسلحون دورياتٍ في شوارع الولايات المتحدة.
وقالت الوكالة - في تقرير لها - أن ترامب تجاوز بالفعل الحدود التقليدية باستخدامه الحرس الوطني محليًا، مُتصوّرًا دورًا قويًا للجيش الأمريكي في استهداف ملفات الهجرة غير الشرعية والجريمة في المدن الأمريكية.
وأضافت أن محاولته نشر أفراد من الحرس الوطني لكاليفورنيا في ولاية أوريجون وحرس تكساس في ولاية إلينوي تعكس استخدامًا مُفرطًا للسلطة الرئاسية .. ومن المُرجّح أن تُعالج الخطوات التالية في الدعاوى القضائية التي رفعتها هذه الولايات التي يقودها الديمقراطيون مسائلَ جوهرية تتعلق بمدى تطبيق القانون الدستوري والفيدرالي وفصل السلطات، مما يُمهّد الطريق لصدامٍ مُحتمل بين المحاكم واستخدام ترامب المُفرط للحرس الوطني.
وكان ترامب قد دعا، في تجمعٍ لكبار القادة العسكريين الأسبوع الماضي، إلى استخدام المدن الأمريكية كساحات تدريبٍ للقوات، وحذّر مما أسماه بـ "غزوٍ من الداخل".. إلا أن منتقديه يرون أن استخدام ترامب للحرس الوطني يُعدّ استخدامًا مُخيفًا للقوة ضد الأمريكيين.
وتساءل أليكس راينرت، خبير القانون الدستوري في كلية كاردوزو للحقوق في مدينة نيويورك:" ماذا سيحدث عندما يخسر الرئيس القضية في المحكمة؟! هل سيستخدم ذلك ذريعةً للتصرف بطريقةٍ أكثر استبدادية؟!"
وأشارت "أسوشيتيد برس" إلى أن انتشار القوات المُسلحة في الشوارع الأمريكية يعد أحد أبرز مظاهر محاولة ترامب توسيع نطاق السلطة الرئاسية، حيث تم نشر القوات بالفعل في لوس أنجلوس وواشنطن العاصمة.
وأوضحت أنه عادةً ما تقع السيطرة على الحرس الوطني لأي ولاية على عاتق الحاكم ما لم تنتشر الوحدات فيدرالية - كما حدث في كاليفورنيا رغم اعتراضات الحاكم.. ووقتها يعود الأمر للحاكم في اتخاذ قرارٍ بشأن نشر أفراد الحرس الوطني أو إرسالهم إلى ولاياتٍ أخرى للمساعدة في حالات الكوارث الطبيعية.. وقاد ترامب، في العاصمة واشنطن، الحرس الوطني بنفسه.
وقال ترامب إن السلطات المحلية فشلت في حماية المجتمعات، مستشهدًا بعدة مدن يقودها الديمقراطيون كأمثلة .. ووصف بورتلاند بأنها "مدينة عمتها أحداث الشغب" و"منطقة حرب تحترق" وكأنها "تعيش في جحيم".
مع ذلك، فإن قانون "بوس كوميتاتوس" الذي يعود تاريخه إلى ما يقرب من 150 عامًا يحد من دور الجيش في إنفاذ القوانين المحلية، مما يعكس الاعتقاد الأمريكي الراسخ بأن إنفاذ القانون يجب أن يبقى في أيدي المدنيين.
وسُئل ترامب أمس /الاثنين/ عن قانون آخر، وهو قانون التمرد، وقال إنه مستعد لتفعيله إذا لزم الأمر، ويسمح هذا القانون للرئيس بإرسال قوات عسكرية عاملة في الولايات التي لا تستطيع قمع تمرد أو تتحدى القانون الفيدرالي.
وقال ترامب" لو اضطررتُ لتفعيله، لفعلتُ ذلك .. لو كان الناس يُقتلون والمحاكم تُعيقنا أو الحكام أو رؤساء البلديات يُعيقوننا".. وأضاف: "علينا أن نضمن أمن مدننا"... وصرحت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، سابقًا بأن ترامب يريد جعل المدن الأمريكية أكثر أمانًا.
وقالت ليفيت للصحفيين أمس /الاثنين/" أنتم تُصوّرون الأمر على أن الرئيس "يريد السيطرة على المدن الأمريكية بالجيش' لكنه يريد مساعدة هؤلاء القادة المحليين الذين لم يُفلحوا أبدًا في تأمين مدنهم".
ويقول مسئولون أمريكيون إن قرارات إرسال قوات فيدرالية من تكساس وكاليفورنيا إلى ولايات أخرى تُتخذ على أعلى مستويات إدارة ترامب، متجاوزةً بذلك إجراءات سياسة البنتاجون الرسمية التي عادةً ما تكون جزءًا من عمليات نشر القوات.
ومع أن هذه الديناميكية ليست نادرة، إلا أن أحد المسئولين أكد، في تصريح لـ"أسوشيتيد برس"، أن هذه الأمور تُستخدم عادةً في حالات مثل الكوارث الطبيعية حيث تحتاج القوات إلى التحرك بسرعة قبل صدور الأوامر والتصاريح الرسمية.