تسببت رسوم ترامب الجمركية في أضرار اقتصادية كبرى لكندا في مختلف المجالات، إلا أنه لم يتوقع أحد أن تصل إلى لعبة الهوكي الشهيرة في أمريكا الشمالية.
في بلدة برانتفورد جنوب غرب تورونتو، يواصل مصنع "روستان هوكي" إنتاج عصي الهوكي الخشبية وسط ضجيج الآلات وصوت النجارين، محافظًا على إرث صناعي يعود إلى عام 1847.. لكن هذا المصنع، الذي يُعد آخر منشأة كندية كبيرة لصناعة العصي التقليدية، يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة بفعل السياسات التجارية الأميركية.
المصنع الذي يوظف 15 عاملاً، ينتج سنويًا نحو 400 ألف عصا تحت علامات تجارية شهيرة، ويُصدّر منها حوالي 100 ألف إلى الولايات المتحدة.. إلا أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الواردات الكندية، أضرت بسير العمل، حيث تم توقيف شحنات على الحدود وخضعت لفحوصات يدوية، فيما فُرضت رسوم مفاجئة على معدات الحراس المصنعة في منشأة أخرى بتورونتو وصلت إلى 200%، وفقا لوكالة "الأسوشيتد برس".
ويقول بو كروفورد، مدير المصنع: "لا يمكنك التنبؤ بما سيفعله ترامب.. علينا التأقلم، فقراراته تتغير يومًا بعد يوم".. أما غرايم روستان، مالك المصنع، فيؤكد أن إلغاء الإعفاء الجمركي للشحنات التي تقل عن 800 دولار زاد من تعقيد التجارة عبر الحدود، حتى في حال بيع عدد محدود من العصي.
وتعكس هذه الأزمة اضطرابًا أوسع في الاقتصاد الكندي، الذي انكمش بنسبة 1.6% في الربع الثاني من العام، بينما تراجعت الصادرات بنسبة 7.5%.. كما فقد قطاع التصنيع نحو 37,800 وظيفة خلال عام، وانخفض الاستثمار في المعدات الصناعية إلى أدنى مستوى منذ عام 1981.
ورغم أن المصنع لا يزال ينتج العصي الخشبية، إلا أن السوق يتجه نحو العصي المركبة المصنوعة من الألياف الكربونية والمواد المتقدمة، والتي يفضلها اللاعبون المحترفون والهواة على حد سواء.. لم يستخدم أي لاعب في دوري الهوكي الوطني عصا خشبية بشكل منتظم منذ أكثر من عقد، ما يعكس التحول التكنولوجي في الرياضة.
ويقر بو كروفورد، مدير المصنع، بصعوبة المنافسة مع الأسواق الآسيوية، لكنه يؤكد أن "الجودة التي نقدمها تتحدث عن نفسها".. أما روستان، فيعترف بأن السوق يتقلص، قائلاً: "نحن نملك حالياً ما بين 5 إلى 10% من السوق، لكنه يتراجع كل عام.. الأطفال اليوم يفضلون العصي المركبة، لذا نعم، السوق ينكمش بلا شك".
ورغم أن العصي الخشبية لم تعد تُستخدم في دوري الهوكي الوطني منذ أكثر من عقد، إلا أن المصنع يواصل الإنتاج بأساليب تقليدية، في محاولة للحفاظ على جزء من الهوية الكندية.. ويقول روستان: "وجود مصنع لعصي الهوكي في كندا لا يتعلق فقط بالإنتاج، بل بالإرث الوطني والارتباط العاطفي بلعبة تمثل روح البلاد".