سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن "منظمة العمل الدولية" (ILO)، والذي استعرض تطور العدالة الاجتماعية على مدى ثلاثين عامًا منذ إعلان كوبنهاجن بشأن التنمية الاجتماعية عام 1995 وحتى عام 2025؛ حيث سعت الدول إلى وضع إطار يركز على الإنسان لمواجهة الفقر والبطالة، ويوضح التقرير أن العالم أصبح أكثر صحة وتعليمًا، لكن لا يزال هناك تفاوتات بين الدول.
ورصد التقرير تقدمًا في مجالات أساسية مثل تراجع عمالة الأطفال من 20.6% في 1995 إلى 7.8% في 2024، كما انخفضت الوفيات المرتبطة بالعمل بأكثر من 10% منذ عام 2000، فضلًا عن ذلك، فقد ارتفعت نسب إتمام التعليم الثانوي بنسبة 22% منذ عام 2000، وانخفضت فجوات الإنتاجية بين الدول بنسبة 40% منذ عام 1995.
وأوضح التقرير أن طفلًا واحدًا من كل أربعة لا يحصل على مياه نظيفة، وأن نحو 138 مليون طفل ما زالوا في سوق العمل، نصفهم في أعمال خطرة، كما أشار التقرير إلى أن فجوة الأجور بين الرجال والنساء ما زالت كبيرة، ومع الاتجاه الحالي سيستغرق سد هذه الفجوة ما بين 50-100 عام.
كما يسيطر 1% من السكان على 38% من الثروة العالمية، بينما ظل نحو 58% من العمال في وظائف غير رسمية في 2025، وهو ما يعكس هشاشة سوق العمل وضعف العلاقة بين النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل لائقة.
وأظهر التقرير أن النساء يتحملن ثلاثة أرباع أعمال الرعاية غير المدفوعة عالميًا، مما يحد من فرصهن في سوق العمل، كما أن الشباب - لاسيما النساء - يواجهون معدلات مرتفعة من البطالة أو العزوف عن التعليم والتدريب بلغت 28% عام 2024.
وتناول قضية التوزيع العادل، موضحًا أن نصيب العمال من الدخل القومي تراجع في الدول مرتفعة الدخل رغم ارتفاعه في الدول النامية، وأن عدم المساواة في الأجور عالمياً مازال مرتفعًا حتى بعد تراجع طفيف في نصيب أغنى 10% من 56% إلى 53%.
ومن ناحية أخرى، يعالج التقرير التحولات الكبرى المرتبطة بالبيئة والرقمنة والديموغرافيا، فيوضح أن تغير المناخ تسبب في تعرض 71% من العمال للإجهاد الحراري عام 2024، وأن الفئات الأفقر التي تسهم بنسبة 12% فقط من الانبعاثات ستتكبد 75% من خسائر الدخل الناتجة عنه. كما يؤكد أن التحول إلى الطاقة النظيفة سيؤدي إلى فقدان ستة ملايين وظيفة في الوقود الأحفوري مقابل خلق 24 مليون وظيفة جديدة في القطاعات الخضراء، مما يستلزم إعادة تأهيل سبعين مليون عامل بمهارات جديدة.
أما التحول الرقمي، فمن المتوقع أن يؤدي إلى إعادة تشكيل أسواق العمل؛ حيث يهدد الذكاء الاصطناعي بتغيير ربع الوظائف، ويعرض النساء لمخاطر أكبر بحكم تركزهن في القطاعات الإدارية. كما أن الفجوة الرقمية تحد من استفادة الاقتصادات الأقل دخلًا.
وفيما يتعلق بالتحولات الديموغرافية، أشار التقرير إلى أن انخفاض معدلات الخصوبة والشيخوخة السكانية في الدول الغنية يثير مخاوف من نقص العمالة، بينما تواجه الدول الأفقر فائضًا في الأيدي العاملة.
كما يزداد الضغط على أنظمة التقاعد والرعاية الصحية، وعليه، يُتوقع ارتفاع الطلب على وظائف الرعاية طويلة الأمد بحلول عام 2050.
وأشار التقرير في ختامه إلى أن تحقيق العدالة الاجتماعية يتطلب تجديد الالتزام العالمي وتوسيع نطاق السياسات الاجتماعية لتشمل مجالات التمويل والصناعة والصحة والبيئة، مع تعزيز الحوار المجتمعي والشراكات مثل "التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية" (Global Coalition for Social Justice). ويشدد التقرير على أهمية إعادة تطبيق المؤسسات العمالية القائمة، وتكييفها مع التحديات الجديدة، وتوسيعها لتشمل مختلف جوانب السياسات العامة، بما يضمن نموًا أكثر شمولًا وعدالة للجميع.