أشاد خبراء اقتصاديين بقرار وكالة التصنيف الائتماني العالمية «ستاندرد آند بورز» رفع تصنيف مصر الائتماني، مؤكدين أن القرار يعكس تحسّن الثقة الدولية في الاقتصاد المصري واستعادة التوازن النقدي بعد سلسلة من الإصلاحات الجوهرية التي نفذتها الحكومة والبنك المركزي خلال الفترة الماضية.
وأشار الخبراء خلال حديثهم لبوابة "دار الهلال" إلى أن هذه الخطوة تمثل مؤشرًا إيجابيًا على نجاح السياسات الاقتصادية المتبعة في خفض معدلات التضخم، واستقرار سعر الصرف، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، ما يدعم مسار التعافي المستدام ويعزز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية داخليًا وخارجيًا.
ستاندرد آند بورز ترفع تصنيف مصر
وكانت وكالة التصنيف الائتماني العالمية ستاندرد آند بورز، يوم الجمعة الماضي، أعلنت عن رفع التصنيف الائتماني طويل الأجل لمصر من «B-» إلى «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2018، مشيرة إلى أن القرار جاء مدعومًا بالإصلاحات الاقتصادية والنقدية التي نفذتها السلطات المصرية خلال العام ونصف الماضيين.
وقالت الوكالة في تقريرها إن الحكومة المصرية نجحت في تحقيق تقدم ملموس بملف الإصلاح الاقتصادي، خاصة بعد توحيد سعر الصرف، وتبني سياسة نقدية أكثر مرونة، وهو ما انعكس إيجابًا على استقرار الأسواق وعودة الثقة في العملة المحلية.
وأشارت إلى أن مصر حققت نموًا اقتصاديًا بنحو 4.4% خلال السنة المالية 2025، بدعم من ارتفاع إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج، وزيادة التدفقات المالية الصافية، ما أسهم في دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي وتحسين ميزان المدفوعات.
وأكدت الوكالة أن تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي في مصر جاء مدفوعًا أيضًا بتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي وارتفاع الصادرات، فضلًا عن التزام الدولة بمسار الإصلاح المالي والهيكلي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي وشركاء التنمية الإقليميين والدوليين.
نظام سعر الصرف المرن ساهم في القضاء على السوق الموازي
من جانبه، قال الدكتور أشرف غراب، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية لشؤون التنمية الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إن قرار رفع التصنيف الائتماني لمصر جاء نتيجة نجاح السياسة النقدية التي اتبعها البنك المركزي منذ مارس 2024 وحتى اليوم، والتي ساهمت في وجود سعر صرف مرن واستقرار في الأسواق، مع تراجع تدريجي في سعر الدولار وارتفاع قيمة الجنيه المصري.
وأضاف في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن نظام سعر الصرف المرن ساهم في القضاء على السوق الموازي للعملة وزيادة تحويلات العاملين بالخارج لتصل إلى نحو 36.5 مليار دولار خلال العام المالي 2024/2025 مقابل 21.9 مليار دولار في العام السابق، كما ارتفعت إيرادات السياحة إلى 16.7 مليار دولار بزيادة 16.3%، وتجاوز الاحتياطي النقدي الأجنبي 49.5 مليار دولار.
وأوضح غراب أن رفع التصنيف يعزز من ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري، ويسهم في خفض تكلفة الاقتراض الخارجي، كما يعد شهادة دولية على نجاح الاقتصاد المصري رغم التحديات العالمية. وأكد أن هذه الخطوة تتيح لمصر الحصول على تمويلات طويلة الأجل بشروط أفضل، مما يخفف من أعباء خدمة الدين الخارجي ويعزز بيئة الاستثمار.

انعكاسًا طبيعيًا لتحسن المؤشرات الاقتصادية
وفي السياق نفسه، أوضح الدكتور أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي، أن رفع التصنيف الائتماني يمثل انعكاسًا طبيعيًا لتحسن المؤشرات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن مصر خرجت نسبيًا من نطاق “الديون عالية المخاطر جدًا” إلى “الديون مرتفعة المخاطر مع نظرة مستقرة”.
وأضاف في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن القرار سيساهم في خفض تكلفة الاقتراض الخارجي تدريجيًا وتخفيف الضغط على الموازنة العامة، كما سيؤدي إلى تراجع العائد على السندات المصرية في الأسواق الدولية إلى مستويات تتراوح بين 11% و13%، ما يمنح الأسواق الدولية رسالة طمأنة بأن الإصلاحات الاقتصادية بدأت تؤتي ثمارها.

ورحب حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، بقرار الوكالة، مؤكدًا أن رفع التصنيف يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد الوطني نتيجة الإصلاحات النقدية والهيكلية التي نفذتها الدولة خلال الفترة الماضية.
وأوضح أن توحيد سعر الصرف كان خطوة محورية نحو تعزيز استقرار الأسواق واستعادة توازنها، مشيرًا إلى أن تحسّن مؤشرات القطاع الخارجي وارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي يعكسان فعالية السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الدولة والبنك المركزي خلال الأشهر الأخيرة.
وأضاف في بيان صحفي صادر اليوم الاثنين، أن البنك المركزي ملتزم بمواصلة تنفيذ سياسات نقدية رشيدة تستهدف احتواء التضخم والحفاظ على استقرار النظام المالي، بما يضمن تحقيق نمو اقتصادي مستدام ويعزز ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين في الاقتصاد المصري.

وفي السياق ذاته، ثمن أيمن العشري، رئيس غرفة القاهرة التجارية، القرار، مشيرًا إلى أنه يمثل انعكاسًا واضحًا للثقة الدولية في السياسات الاقتصادية والمالية التي تنفذها الدولة. وأوضح أن تحسُّن التصنيف الائتماني لأول مرة منذ سبع سنوات يعكس التطورات الإيجابية في المؤشرات الهيكلية للاقتصاد المصري، بما في ذلك تحقيق فائض أولي مرتفع بنسبة 3.6% من الناتج المحلي، وانخفاض المديونية، وارتفاع معدل النمو إلى 4.4% خلال عام 2025.
وأكد العشري في تصريحات صحفية، أن هذه الخطوة تعزز من قدرة مصر على تحسين شروط التمويل الخارجي، وزيادة جاذبية بيئة الاستثمار، فضلًا عن دعم جهود الدولة في توسيع مشاركة القطاع الخاص ورفع معدلات الإنتاج والتصدير. وأشار إلى أن الغرف التجارية ستكون في طليعة الداعمين لمسار الإصلاحات الاقتصادية، معربًا عن تطلعه إلى أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدًا من الزخم في جذب الاستثمارات وتعزيز النمو الصناعي والتجاري.

وفي تطور متصل، أكدت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية تثبيت تصنيف مصر طويل الأجل عند مستوى «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى أن ذلك يعكس النمو الاقتصادي المتماسك وتحسن الوضع الخارجي واستمرار الإصلاحات المالية رغم التحديات الإقليمية.