قال الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي، إن الرسوم المتبادلة الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة قد تعيد إشعال التوتر التجاري بين البلدين، لكنها لن تصل بالضرورة إلى صراع شامل كما حدث في فترات سابقة، متوقعًا أن تكون "اشتباكات اقتصادية منتقاة ومحصورة في قطاعات بعينها".
وأوضح الإدريسي في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن الأشهر الأخيرة شهدت مؤشرات واضحة على التصعيد، حيث فرض الطرفان رسومًا جديدة في الموانئ على السفن المرتبطة بالجانب الآخر، كما وسعت الصين قيودها على صادرات المعادن النادرة والتكنولوجيا المتقدمة، وهي أدوات استراتيجية في هذه المواجهة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة اقتصادية قوية يمكن أن تستخدمها عبر فرض تعريفات ضخمة أو قيود تصدير جديدة، في حين تعتمد الصين على قوتها الدفاعية في السيطرة على سلع استراتيجية مثل المعادن النادرة والمكونات التكنولوجية الحساسة.
وأكد الإدريسي أن كلا الطرفين يسعى إلى استخدام التصعيد كأداة تفاوضية للحصول على تنازلات في ملفات كبرى تتعلق بالابتكار وسلاسل التوريد والرقائق الإلكترونية، مشددًا على أن التصعيد المفرط قد يضر اقتصاديًا بالبلدين معًا ويؤثر سلبًا على الأسواق العالمية.

وتابع الخبير الاقتصادي أن المعركة التجارية المقبلة ستكون “ذكية ومدروسة”، حيث تتركز في القطاعات الحساسة مثل التكنولوجيا الرقمية، والمعادن النادرة، والشحن والموانئ، مع فترات من التهدئة ومحاولات العودة إلى المفاوضات.
وحول تأثير التصعيد المحتمل، أوضح الإدريسي أن الصناعات الأمريكية التي تعتمد على مكونات صينية خصوصًا الإلكترونيات والسيارات الكهربائية، قد تواجه ارتفاعًا كبيرًا في التكاليف، مما ينعكس على معدلات التضخم، وفي المقابل تستخدم الصين ورقة المعادن النادرة كورقة ضغط قوية لعرقلة الإمدادات الصناعية الأمريكية.
وأشار إلى أن أسواق السلع الأساسية والنفط ستتأثر كذلك بسبب اضطراب التدفقات التجارية والرسوم المفروضة على الشحن والموانئ، مؤكدًا أن المخاوف الجيواقتصادية بدأت بالفعل تضغط على أسعار النفط عالميًا.
وأكد أن التوتر التجاري بين واشنطن وبكين سيبقى عاملًا مؤثرًا في الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة، مع اتجاه العديد من الدول إلى تنويع سلاسل التوريد والبحث عن بدائل للتصنيع خارج الصين ضمن ما يعرف باستراتيجية “+1”.