تحل اليوم ذكري رحيل الموسيقار المبدع منير مراد، أحد أبرز التجارب الموسيقية في تاريخ الفن المصري، الذي غادر عالمنا عام 1981 عن عمر ناهز 59 عامًا، بعد رحلة فنية امتدت لسنوات طويلة، جمع فيها بين الجرأة في الفكرة، والابتكار في التلحين، وخفة الظل في الشخصية، ليترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة الموسيقى العربية.
نشأ منير مراد وسط أسرة فنية عريقة، فوالده هو المطرب زكي مراد، أحد أهم الأصوات في بدايات القرن العشرين، وشقيقته هي الفنانة الكبيرة ليلى مراد، صاحبة الصوت الذهبي.
بدأ مشواره الفني من خلف الكواليس، حيث عمل مساعد “كلاكيت” في أفلام الثلاثينيات والأربعينيات، قبل أن ينتقل إلى مجال الإخراج، ثم يجد ضالته الحقيقية في عالم التلحين، الذي قدّم فيه ألحانًا خفيفة ومبهجة، تعكس روح القاهرة وبهجتها.
كان منير مراد دائم البحث عن أفكار غير تقليدية، ولعل أبرزها مشروعه الفني الغريب وقتها، وهو أوبريت "ضوضاء القاهرة"، الذي أراد من خلاله مزج أصوات الباعة والمزامير والمسحراتي في عمل فني يعكس ضجيج العاصمة في قالب موسيقي مبتكر.
وكشفت مجلة الكواكب عام 1963 أن مراد قرر أن يبدأ الأوبريت بوضع اللحن أولًا ثم كتابة الكلمات عليه، وهو أمر لم يكن مألوفًا آنذاك.
لكن المشروع لم يرَ النور بسبب البيروقراطية وسوء فهم الفكرة، كما ورد في كتاب التياترجي للكاتب وسام الدويك الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة عام 2013.
ومن الطرائف التي خلدت اسم منير مراد، ما رواه المنتج مجدي العمروسي عن موقف جمعه بالموسيقار محمد عبدالوهاب والعندليب عبدالحليم حافظ أثناء رحلة إلى فيينا.
حينها أعرب عبدالوهاب عن أمنيته في حضور عرض بدار الأوبرا النمساوية، لكنه علم أن الحجز يتطلب انتظارًا طويلًا. ليقترح عبدالحليم مازحًا أن “منير ممكن يجيب التذاكر ده بيتكلم ألماني لبلب!”.
وعد عبدالوهاب مراد بـ5000 مارك إن نجح، وبالفعل ذهب منير إلى مدير الأوبرا وتحدث معه بخفة دمه المعهودة، ليحصل على دعوة رسمية لحضور الحفل في اليوم التالي، في موقف جعل عبدالوهاب يصفه بعدها بـ“رجل المواقف الصعبة”.