الإثنين 20 اكتوبر 2025

عرب وعالم

موجة استثمارية في شركات المعادن النادرة مع سعي ترامب لكسر هيمنة الصين

  • 20-10-2025 | 18:22

ترامب

طباعة
  • دار الهلال

 تشهد أسهم شركات المعادن النادرة قفزات قياسية مع تدافع المستثمرين لدعمها، في ظل جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء هيمنة الصين على إمدادات المعادن الحيوية التي تدخل في تصنيع الهواتف الذكية والمركبات الكهربائية والطائرات المقاتلة.


وتتخذ الإدارة الأمريكية خطوات متسارعة وغير تقليدية لإحياء إنتاج هذه المعادن خارج الصين، التي تهيمن منذ عقود على سوقها العالمي، وقد تضاعفت أسهم الشركات المدرجة في الولايات المتحدة الأمريكية مثل "إم بي ماتيريالز" و"يو إس إيه رير إيرث" وشركة "ليناس" الأسترالية هذا العام، مع تصعيد البيت الأبيض لدعمه لقطاع واجه صعوبة في منافسة المنتجين منخفضي التكلفة في الصين.


وامتدت موجة الارتفاع إلى شركات إنتاج المعادن الحيوية الأخرى مثل الليثيوم والكوبالت والجرمانيوم، إذ استحوذت واشنطن خلال الشهر الماضي على حصص في شركتي "ليثيوم أمريكاز" و"تريولوجي ميتالز" الكنديتين لتعزيز قدرتهما التمويلية، ما أدى إلى تضاعف أو حتى تضاعف ثلاثي في أسعار أسهمهما منذ الإعلان، بحسب ما نقلته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.


وتخطط الإدارة الأمريكية لإنشاء احتياطي استراتيجي من المعادن النادرة ووضع حد أدنى للأسعار لحمايتها من التقلبات الحادة التي يشهدها سوق صغير نسبيا تسيطر عليه الشركات الحكومية الصينية، وتشمل الخطة تسريع إجراءات منح التراخيص وتقليص القواعد البيئية لتسهيل بناء المناجم ومصانع المعالجة ضمن ما تسميه الإدارة سياسة "احفر، احفر".


وتصاعدت المواجهة بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم حول المعادن النادرة هذا الشهر بعد إعلان بكين قيودا جديدة على تصدير المغناطيسات التي تحتوي حتى على آثار من معادن صينية المنشأ، ما يلزم الشركات الأجنبية بالحصول على موافقتها قبل التصدير، كما كشفت الصين عن نيتها إضافة خمسة عناصر نادرة جديدة إلى قائمة القيود تشمل "الهولميوم"، "الإربيوم"، "الثوليوم"، "الأوروبيوم"، و"اليتربيوم".


وقال تيموثي بوكو، مدير السلع في مجموعة "يوراشيا"، إن هناك اهتماما واسعا من المستثمرين بهذه الشركات التعدينية"، مضيفا أن "عدد الشركات الغربية المدرجة في البورصات محدود للغاية، وهناك أهداف قليلة وعدد كبير من المستثمرين يسعون وراءها الآن".


وتسعى بعض الشركات إلى الاستفادة من انتعاش السوق لجمع السيولة، وجمعت شركة "ستاندرد ليثيوم" 130 مليون دولار في طرح عام، الجمعة الماضية، بينما أعلنت شركة "كريتيكال ميتالز" الأسبوع الماضي حصولها على 50 مليون دولار من مستثمر مؤسسي لم يُكشف عن اسمه لتطوير مشروعها "تانبريز" في جرينلاند، بعد تضاعف سعر سهمها 3 مرات منذ بداية العام، وفي يونيو الماضي، جمعت شركة "بيربيتوا ريسورسيز"، التي تعمل على إعادة تطوير منجم في ولاية أيداهو لإنتاج الذهب ومعدن الأنتيمون الحيوي، 425 مليون دولار من طرح عام وخاص لأسهمها.


وحذر محللون من أن الطفرة الحالية في أسعار الأسهم خلقت بيئة خصبة للمضاربات والمغامرين، وقال جاريث هاتش، مؤسس شركة "ستراتيجيك ماتيريالز أدفايزوري" البريطانية، إن "عددا من شركات التعدين الصغيرة في مجال المعادن النادرة تستغل الوضع الحالي بإعلانات ضعيفة المضمون، ومع ذلك تستفيد أسعار أسهمها من ردود الفعل الناتجة عن القيود الصينية"، مضيفا أنه "رغم أن الوضع لا يمكن وصفه بالفقاعة بعد، إلا أنه على المستثمرين التحلي بالحذر وإجراء أبحاثهم الخاصة".


وفي المقابل، قال جي دي سيلييه، الرئيس التنفيذي لشركة "ديفينس ميتالز" الكندية العاملة في مجال المعادن النادرة بأمريكا الشمالية، إن فرض "سقوف سعرية افتراضية" عبر قيام الحكومة بتعويض الفارق بين السعر التجاري والسعر المستهدف يشكل "نوعا خطيرا من الدعم"، مشيرا إلى أن بناء مخزونات حكومية هو "الوسيلة الأنسب لإنشاء أرضية سعرية واقعية" لأنها توفر سعرا مرجعيا واضحا للسوق.


وتسعى الإدارة الأمريكية إلى شراء معادن حيوية بقيمة مليار دولار ضمن حملة لتخزين هذه المواد النادرة، بهدف ضمان إمداد قطاعات الدفاع والإلكترونيات بالمواد المستخدمة في تصنيع مقاتلات "إف-35" وصواريخ "كروز" وغيرها من المعدات الاستراتيجية.


وامتد تدخل إدارة ترامب في القطاع إلى الاستحواذ على حصص مباشرة في الشركات، إذ دفعت الحكومة الأمريكية في يوليو 400 مليون دولار مقابل حصة 15% في شركة "إم بي ماتيريالز"، أكبر منتج للمعادن النادرة في الولايات المتحدة، فيما منحت الشركة مكافأة أسهم بقيمة 15 مليون دولار لرئيسها التنفيذي جيمس ليتينسكي، كما اشترت الحكومة حصة 5% في شركة "ليثيوم أمريكاز" الكندية، و10% في شركة "تريولوجي ميتالز" الصغيرة، ما أدى إلى ارتفاع أسهم الأخيرة ثلاثة أضعاف في غضون ساعات من الإعلان.


وقال ديفيد ميريمان، مدير الأبحاث في شركة "بروجيكت بلو" الاستشارية، إن ارتفاع أسهم شركات مثل "ليناس" و"إم بي ماتيريالز" "يعكس أساسيات قوية، لأن هذه الشركات ستكون مطالبة بسد الفجوة الناتجة عن القيود الصينية على الصادرات"، مضيفا أن "كل شركة صغيرة تعمل في مجال المعادن النادرة، ومعها كل من يرتبط بها، استغلت الفرصة لتوحي بأنها ستحصل على دعم حكومي أو شراكة صناعية، مما ساهم في دفع الأسهم إلى الأعلى وسط عاصفة من الحماس والمضاربات".

الاكثر قراءة