أكدت الأمينة العامة لمنظمة "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" (أونكتاد) ريبيكا جرينسبان، أن 72% من التجارة العالمية لا تزال تخضع لقواعد منظمة التجارة العالمية - في إشارة إلى منظمة التجارة العالمية، التي تتفاوض الدول على اتفاقياتها وتوقع عليها، وشددت على الأهمية الجوهرية للتمسك بنظام التجارة الدولي القائم على القواعد إذا ما أراد العالم تجنب حرب تعريفات جمركية مُدمرة، جاء ذلك خلال افتتاح الدورة الـ 16 للأونكتاد.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، قالت جرينسبان، أمام الدول الأعضاء الـ 195 في المؤتمر التي تجتمع في جنيف لمواصلة جهود انتشال الملايين من براثن الفقر من خلال التجارة، قالت: "تجنبنا حتى الآن تأثير الدومينو لتصعيد التعريفات الجمركية الذي أدى في السابق إلى انهيار الاقتصاد العالمي في ثلاثينيات القرن الماضي".
وأضافت: "لم يحدث هذا بالصدفة، بل حدث بفضلكم، لأنكم واصلتم التفاوض عندما بدا الأمر بلا جدوى، ودافعتم عن نظام قائم على القواعد مع سعيكم لإصلاحه، وبنيتم الجسور حتى عندما انهارت".
وكانت المسؤولة الأممية قد أفادت في تصريحات سابقة بأن ارتفاع الرسوم الجمركية، وسداد الديون بشكل قياسي من الدول المثقلة بالديون، وتنامي انعدام الثقة، كلها عوامل تعيق التنمية. وقالت: "لا تزال أزمة الديون والتنمية تضع الدول أمام خيارات مستحيلة. عليها أن تقرر: إما التخلف عن سداد ديونها أو التخلف عن تنميتها".
وكانت جرينسبان، قد قالت - في وقت سابق أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة - إن الرسوم الجمركية التي تفرضها الاقتصادات الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة، قفزت هذا العام من متوسط 2.8% إلى أكثر من 20%. وأضافت أن "عدم اليقين هو أعلى تعريفة جمركية ممكنة. إنه يثبط الاستثمار، ويبطئ النمو، ويجعل التجارة، كمسار للتنمية أكثر صعوبة".
وفي مؤتمر أونكتاد 16، حذرت "جرينسبان" من أن تدفقات الاستثمار العالمية تتراجع للعام الثاني على التوالي، مما "يقوض نمو الغد". ولفتت إلى أن نظام الاستثمار الحالي يفضل المشاريع في الاقتصادات الغنية على الدول النامية، حيث تؤدي التكاليف غير المتكررة إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي الواحد "ثلاث مرات في زامبيا عنه في زيورخ (سويسرا)".
وشددت "جرينسبان" على أن تكاليف الشحن أصبحت الآن "متقلبة للغاية"، حيث تثقل فواتير النقل كاهل الدول غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية "بما يصل إلى ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي".
أوضحت المسؤولة الأممية كذلك أنه في حين أن الذكاء الاصطناعي يتيح إمكانية إضافة تريليونات الدولارات إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإن أقل من دولة نامية من كل ثلاث دول لديها استراتيجيات للاستفادة منه. وأشارت كذلك إلى بيانات الأمم المتحدة التي تفيد بأن 2.6 مليار شخص، معظمهم من النساء، لا يزالون غير متصلين بالإنترنت.
بدورها، حذرت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، "أنالينا بيربوك" من أن ديون الدول النامية بلغت 31 مليار دولار العام الماضي. وقالت في كلمتها عبر الفيديو في افتتاح المؤتمر إن هذا يعني أنه بدلا من الاستثمار في مستقبل شعوبها "ببناء مزيد من المدارس أو توسيع مرافق الرعاية الصحية، تنفق حكومات عديدة أموالا طائلة على خدمة الديون".
ونبهت "أنالينا بيربوك" إلى أن الثقة في النظام الدولي "تتآكل" أيضا. وأضافت أنه على الرغم من أن قيمة الاقتصاد العالمي تزيد عن 100 تريليون دولار سنويا، فإن واحدا من كل شخصين في العالم لم يشهد "زيادة تذكر في دخله منذ جيل".