نحتفل في 22 أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للتلعثم، والذي يهدف إلى نشر الوعي حول واحدة من أكثر اضطرابات النطق شيوعًا بين الأطفال، والتي قد تبدأ في الظهور مع السنوات الأولى من الكلام، ومن منطلق تلك المناسبة نستعرض مع أخصائية تخاطب وتعديل سلوك، أهم العلامات التي تساعد الأم على اكتشاف إصابة طفلها بالتأتأة، وكيفية التعامل معه دون أن تتسبب في تفاقم حالته.
ومن جهتها قالت الدكتورة رانيا كمال مدرب معتمد وأخصائية تخاطب وصحة نفسية وتأهيل السلوكيات غير السوية للأطفال والمراهقين، في تصريح خاص لبوابة دار الهلال، التلعثم ليس ضعفًا في الشخصية أو نقصًا في الذكاء، بل اضطراب لغوي يمكن تجاوزه بالعلاج والدعم النفسي المناسب، فالتأتأة تعد من اضطرابات النطق والكلام، وتعرف بأنها صعوبة في نطق الكلمة أو الجملة بسلاسة، حيث يكرر الطفل الحرف أو الكلمة أكثر من مرة قبل أن يتمكن من إتمام الجملة، حيث قد تلاحظ الأم أن صغيرها يكرر الحرف أو يمده بطريقة غير طبيعية، وهذه الإطالة أو التكرار هي العلامة الأساسية للتلعثم، وقد تتفاوت شدتها من طفل لآخر.

وأضافت أخصائية التخاطب، أن التلعثم يرجع لعدة أسباب عضوية ونفسية، وهي:
-أسباب عضوية، كوجود خلل بسيط في الدماغ أو في الأعصاب المسؤولة عن النطق، وقد ترتبط أحيانًا بمضاعفات أثناء الحمل أو الولادة، كما أن العامل الوراثي موجود لكنه ضعيف، إذ لا تتجاوز نسبته 10 إلى 15% من الحالات.
-أسباب نفسية، وهي الأكثر شيوعًا، وتحدث عندما يتعرض الطفل لموقف صادم أو ضغط نفسي يفوق قدرته على التحمل، كما قد تظهر التأتأة بعد مواقف مثل انفصال الأبوين، أو تعرض الطفل للتنمر، أو مشهد عنيف كالضرب أمامه، بل أحيانًا تظهر بعد فقد أحد الوالدين، فالكلام مرتبط بالحالة النفسية، ولا يمكن علاجه دون دعم نفسي حقيقي.
وأكدت أن علامات التلعثم عادة ما تظهر مع بداية تطور مهارات النطق عند الطفل، أي بين سن الثالثة والخامسة، وقد تكون عابرة لدى بعض الصغار ثم تختفي تدريجيًا، بينما تستمر لدى آخرين وتحتاج إلى تدخل متخصص، ولذلك لابد من التدخل المبكر وعدم الانتظار بحجة أن الابن سيتكلم بطلاقة مع الوقت، لأن تجاهل المشكلة قد يجعلها أكثر تعقيدًا.
وأشارت، أن العلاج لا يقتصر على جلسات التخاطب فقط، بل يجب أن يتم بالتعاون بين الطبيب النفسي وأخصائي التخاطب، حتى يحصل الطفل على دعم متكامل يساعده على التحكم في نطقه واستعادة ثقته بنفسه، وتعد السباحة من الوسائل الفعالة في علاج التلعثم، حيث أنها تساعد الطفل على التحكم في النفس وتنظيمه، وهو ما ينعكس إيجابيًا على نطقه، لكن لا يجب أن تمارس بشكل عشوائي، بل يجب أن يتعاون فيها المدرب مع الأخصائي النفسي لتناسب حالة الابن.
وحذرت، من العبارات السلبية التي قد توجهها الأم أو المعلمة للطفل مثل: "يلا خلص بقى.. اتأخرت في الكلام"، لأن هذه الجمل تضعف ثقته بنفسه وتزيد من تلعثمه، ونصحت الأمهات بضرورة التحلي بالصبر والهدوء أثناء حديث الصغير، مع تشجيعه على التعبير دون مقاطعة، أما في المدرسة، فيجب أن يتلقى المعلمون تدريبًا على كيفية التعامل مع الطلاب الذين يعانون من اضطرابات النطق، حتى لا يشعر الطفل بالإحراج أو يستهزأ به أمام زملائه، حيث أن التلعثم ليس عيبًا أو وصمة، بل هو قابل للعلاج والدعم، وكلما كانت استجابة الأسرة أسرع وأكثر تفهمًا، كانت نتائج العلاج أفضل.