الخميس 23 اكتوبر 2025

ثقافة

صلاح السعدني من «الأرض» إلى «الإخوة كارامازوف».. رحلة ستة عقود سطّرت تاريخ الدراما المصرية

  • 23-10-2025 | 19:36

صلاح السعدني

طباعة
  • همت مصطفى

نحتفي اليوم بذكرى ميلاد عميد الدراما العربية صلاح السعدني، بعد عامين من رحيله عن عالمنا، رحل جسدًا، لكنه لا يزال نجمًا مضيئًا في سماء الفن المصري، يعيش معنا من خلال أعماله الخالدة. تميّز بشخصياته الدرامية التي ظل يطل علينا من خلالها لعقود طويلة منذ بداية رحلته الفنية مع مطلع ستينيات القرن الماضي، إنه الفنان المفكر صاحب الرؤية.

غادرنا «السعدني» جسدًا فقط في العام الماضي، 19إبريل 2024م، لكنه بقي فنانًا مفكرًا ومثقفًا، قادرًا على اختيار أدوار عاشت وستبقى محفورة في الوجدان،  ترك بصمات مهمة في الدراما المصرية والعربية، من خلال اختياراته الذكية لشخصيات مستوحاة من ينابيع الأدب المصري والعربي والعالمي، على خشبة المسرح وفي الدراما التلفزيونية والسينما.
البداية من «أبو الفنون».. مسرحنا العربي والعالمي
 ولد صلاح السعدني في مثل هذا اليوم 23 أكتوبر 1943م، وكانت بداياته مع خشبة «أبو الفنون»، حيث بدأ من مسرحية «الناصر صلاح الدين»، ثم شارك في مسرحية «الملك هو الملك» بدور «الملك»، تأليف المسرحي السوري سعد الله ونوس، من أشعار أحمد فؤاد نجم، إخراج مراد منير، من إنتاج صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات عام 2006م.
وقدّم السعدني دور «أنور» في مسرحية «زهرة الصبار» للكاتب المسرحي والروائي الفرنسي بيير بارييه.

عالم أديب نوبل «محفوظ»
شارك «السعدني» في مسلسل «خان الخليلي» بدور «رشدي»، المستوحى من رواية الأديب العالمي نجيب محفوظ، إخراج نور الدمرداش، وعُرض لأول مرة عام 1976 م ممن بطولة صلاح ذو الفقار.
كما شارك في أشهر المسلسلات المصرية والعربية في القرنين العشرين والحادي والعشرين، منها: «بين القصرين» 1987م، و«قصر الشوق» 1988م، حيث قدّم دور «ياسين عبد الجواد» في الجزأين الأول والثاني.

من ثلاثية أديب نوبل المصري العالمي نجيب محفوظ
وشارك «السعدني» أيضًا بتقديم دور «شقرون» في فيلم «ليل وخونة» 1990م، من تأليف نجيب محفوظ، و الفيلم إعادة لعمل المؤلف «اللص والكلاب» الذي قُدّم عام 1962م، وهو مقتبس عن رواية «الكونت دي مونت كريستو» للكاتب الفرنسي ألكسندر دومًا التي صدرت عام 1846م.
وشارك في بطولة مسلسل «وجع البعاد» بدور «أنور»، عن رواية الأديب يُوسُف القعيد التي صدرت عام 1989م عن دار الهلال، وقُدّم المسلسل عام 2000م من إخراج إسماعيل عبد الحافظ.

من عالم «الغيطاني».. في الدراما
شارك السعدني في بطولة مسلسل «حارة الزعفراني» المقتبس عن رواية الروائي جمال الغيطاني «وقائع حارة الزعفراني» عام 2006م، إخراج أيمن عبيس.
«علواني الأرض».. السعدني
شارك «السعدني» في أحد أهم وأشهر أفلام السينما المصرية «الأرض»، حيث قدّم شخصية «علوان»، و الفيلم من إنتاج عام 1970م للمخرج يُوسُف شاهين، عن رواية الكاتب المصري عبد الرحمن الشرقاوي، وفي احتفالية مئوية السينما المصرية عام 1996م، صُنّف في المركز الثاني ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية في استفتاء النقاد.
وقدّم «السعدني» شخصية «رؤوف» في فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي» المنتج عام 1974م، عن قصة الأديب إحسان عبد القدوس.
وكان «السعدني» هو الجندي مسعد، العامل البسيط الذي يحلم بالاستقرار مع زوجته في فيلم «أغنية على الممر» من إنتاج عام 1972م، عن مسرحية «أغنية على الممر» للكاتب الكبير  والمؤلف علي سالم، سيناريو وحوار مصطفى محرم، أغاني الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، وإخراج علي عبد الخالق.

من عالم الأدب العربي
قدّم صلاح السعدني دور «ابن عبد الصبور»، بينما قدّم دور «الأب» الفنان محمود المليجي في مسلسل «قطار منتصف الليل»، الذي يُوصف بأنه من أشهر مسلسلات السبعينيات للمخرج الأُرْدُنّيّ حسيب يُوسُف، سيناريو وحوار الكاتب والمؤلف المصري عبد القادر نجيب، وعرضه التلفزيون الأُرْدُنّيّ عام 1978م، و المسلسل مأخوذ عن أقصوصة للقصاص والأديب الأُرْدُنّيّ الفلسطيني الأصل محمود سيف الدين الإيراني، نُشرت في مجلة العربي الكويتية عام 1960م.
الأدب العالمي.. دوستويفسكي ودور «الأب»
قدّم صلاح السعدني دور «سيد عبد الدايم» في الفيلم الاجتماعي «الوحش داخل الإنسان» للمخرج أشرف فهمي عام 1981م، سيناريو وحوار عبد الحي أديب، الفيلم مأخوذ من رواية الكاتب الفرنسي إميل زولا التي صدرت عام 1867م.
كما جسّد «السعدني» في أشهر أدواره «الأب» في المسلسل التلفزيوني «الأخوة أعداء» في رمضان 2012م، قصة المسلسل مقتبسة عن الرواية الروسية الشهيرة «الإخوة كارامازوف» للكاتب الروسي الشهير ومن أهم أدباء العالم فيودور دوستويفسكي.

عمدة الدراما.. لقب خالد
جسّد السعدني الكثير من الأدوار والشخصيات الدرامية عن قصص وكتابات متميزة، تبقى أثرًا له في ذاكرة المشاهد والجمهور المصري والعربي، ومن بينها ما منحه واحدًا من أشهر ألقابه وألقاب نجوم الفن والثقافة المصرية، عن دوره «العمدة سليمان غانم» في المسلسل الشهير «ليالي الحلمية»، ليصبح بحق عمدة الدراما العربية.

 إرثًا فنيًا ثريًا يمتد عبر أكثر من ستة عقود
رحل صلاح السعدني تاركًا خلفه إرثًا فنيًا ثريًا يمتد عبر أكثر من ستة عقود من العطاء المتواصل،  لم يكن مجرد ممثل يؤدي أدوارًا،  لكنه كان فنانًا مثقفًا اختار بوعي أن يكون جسرًا بين الأدب العظيم والجمهور، فنقل روائع نجيب محفوظ ودوستويفسكي وإميل زولا من صفحات الكتب إلى قلوب الملايين.

صلاح السعدني قيمة إنسانية وثقافية عميقة
بقي «السعدني» وفيًا لرسالته الفنية، يختار الأعمال التي تحمل قيمة إنسانية وثقافية عميقة، ولم يساوم يومًا على جودة ما يقدم من «علوان» في «الأرض» إلى «ياسين عبد الجواد» في الثلاثية، ومن «الأب» في «الأخوة أعداء» إلى «العمدة سليمان غانم» في «ليالي الحلمية»، ظل «السعدني» نموذجًا للفنان الملتزم بقضايا مجتمعه وأمته.

 

وفي ذكرى ميلاده، نستذكر الرجل الذي لم يرحل حقًا، فأعماله تعيش معنا في كل مرة نشاهد فيها فيلمًا أو مسلسلًا حمل بصمته الفنية المتفردة، نستذكر الفنان الذي علّمنا أن الفن رسالة، وأن الممثل الحقيقي هو من يترك أثرًا في الوجدان، لا مجرد صورة عابرة على الشاشة.

 

 

 

 

 

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة