تمخّض اجتماع عقدته قوى وفصائل فلسطينية، من بينها حركة حماس، في مصر بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن توافق على تشكيل لجنة مؤقتة من التكنوقراط من أبناء قطاع غزة لتتولى إدارة شؤون القطاع، وذلك تنفيذًا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ قبل نحو أسبوعين.
شارك في الاجتماع وفود من الفصائل الفلسطينية، ضمّت وفد حركة «حماس» برئاسة خليل الحية، ووفد حركة «فتح» برئاسة نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ، ووفد حركة «الجهاد الإسلامي» برئاسة أمينها العام زياد النخالة.
كما حضر وفد «الجبهة الشعبية» برئاسة طلال ناجي، والأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، والأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فهد سليمان، إضافة إلى رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني ماجد فرج.
اللجنة التي تم التوافق على تشكيلها ستتولى تسيير شؤون الحياة والخدمات الأساسية في القطاع، وذلك بالتعاون مع الأشقاء العرب والمؤسسات الدولية على قاعدة من الشفافية والمساءلة الوطنية، حسبما جاء في بيان مشترك.
كما دعت هذه القوى إلى عقد اجتماع عاجل لكافة القوى والفصائل الفلسطينية للاتفاق على استراتيجية وطنية وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بحيث تضم مكونات الشعب الفلسطيني وقواه الحية كافة، وفق البيان.
مرحلة ضغط
وفي غضون ذلك، يؤكد نزار نزال، المحلل السياسي الفلسطيني، أنه كان من المتوقع عقد اجتماعات الفصائل في القاهرة في اللحظة التي تم فيها التوصل إلى اتفاق شرم الشيخ بشأن غزة، إذ كان واضحًا أن مصر هي الجهة التي تتولى الملف الفلسطيني، ولا ترغب مطلقًا في تكرار ما حدث في السابق، لأن ما يجري لا يمس القضية الفلسطينية فقط، بل يمس الأمن القومي المصري أيضًا.
وأوضح نزال، في حديث لـ«دار الهلال»، أن مصر سيكون لها دور محوري في المرحلة المقبلة، لتفادي انزلاق الأوضاع إلى ما لا تريده، حيث يبدو أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة ضغط على جميع الفصائل الفلسطينية، وقد يكون هذا الضغط حادًّا نسبيًا.
وأضاف أن من الظاهر أن حركتي «حماس» و«فتح» وبقية الفصائل الفلسطينية منسجمون حول فكرة تشكيل لجنة تُعنى بإدارة الخدمات في قطاع غزة، لكن الإشكالية تتركز في العلاقة بين حركتي «فتح» و«حماس».
وحسب المحلل السياسي، فإن حركة «فتح» ما تزال، على ما يبدو، تتحفظ على عدد من الشروط التي تطرحها «حماس»، وتسعى لأن يبقى القرار السياسي في إطارها التنظيمي دون أن يتوسع ليشمل أطرًا أوسع من الحركة.
وتضع «فتح» مجموعة من الشروط، من أبرزها توحيد السلاح الفلسطيني، ووضع برنامج سياسي موحد، واعتماد خطاب فلسطيني واحد، دون أن تتولى «حماس» أو غيرها من الفصائل أي دور مرتبط ببرنامجها، وفقًا لـ«نزال».
المشهد لا يخلو من التعقيدات — كما يضيف — غير أن الطريق أمام الفلسطينيين لا بد أن يمر عبر الوحدة الوطنية، وهو ما تدفع القاهرة باتجاهه.
وفي تقديره، فإن الضغط المصري في هذه المرحلة سيكون موجَّهًا أكثر نحو حركة «فتح»، خاصة في ظل مؤشرات أمريكية متزايدة حول موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والأسير الفلسطيني مروان البرغوثي، مشددًا على أن تصلب مواقف الرئيس عباس في هذه المرحلة لا يخدم مصلحة السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر.