تسود حالة من الغموض والضبابية مساعي إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ففي الوقت الذي تبدو فيه موسكو أكثر تفاؤلًا بشأن فرص استئناف الحوار، تغيب تلك الملامح عن كييف والجانب الغربي، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وشهدت الأيام الماضية تحولًا دراماتيكيًا في موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ أعلن في البداية عن لقاء مرتقب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة المجرية بودابست، قبل أن يتراجع لاحقًا ويلغي القمة، معتبرًا أن «الاجتماع مع بوتين مضيعة للوقت».
وأوضح ترامب أن المحادثات السابقة مع الرئيس الروسي كانت «جيدة من الناحية الشكلية»، لكنها لم تُفضِ إلى أي نتائج ملموسة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى إمكانية عقد اللقاء مستقبلًا إذا توافرت الظروف المناسبة.
وفي المقابل، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ما زالت ترى في الحوار الخيار الأفضل دائمًا مقارنة بالمواجهة أو الخلافات، معتبرًا أنه السبيل الأنجع لتجنب الصراعات والحروب.
ويبدو بذلك أن طريق إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية لا يزال مليئًا بالعقبات، فبينما تؤكد موسكو رغبتها في الحوار، يرى الغرب أن روسيا تستخدم الدعوات للمحادثات كوسيلة لاستهلاك المزيد من الوقت وإعادة ترتيب أوراقها ميدانيًا.
نهاية الحرب تقترب
وفي ظل هذا التباين، عزَا خبير العلاقات الدولية، الدكتور محمد العزبي، إلغاء القمة التي كان من المقرر عقدها في بودابست، إلى رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التنازل عن إقليم دونيتسك بالكامل لصالح روسيا، مشيرًا إلى أن زيلينسكي يُعد رئيسًا منتهية ولايته، وأن وقف الحرب يعني إجراء انتخابات جديدة، ما يترتب عليه مغادرته لمنصبه.
وفي المقابل، أوضح العزبي، في حديثه لـ«دار الهلال»، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرفض وقف إطلاق النار دون الحصول على الأراضي التي نجح في ضمها من أوكرانيا، وبالتالي فإن رفض زيلينسكي يجعل إيقاف الحرب فورًا أمرًا غير مقبول لدى موسكو.
وأضاف خبير العلاقات الدولية أن بوتين سيعمل خلال المرحلة المقبلة على زيادة الضغط العسكري على أوكرانيا، خصوصًا مع توقف إمدادات السلاح الأمريكي، والاعتماد على الدعم الأوروبي فقط، الذي لن يتمكن من الاستمرار طويلًا.
ورغم العقوبات الدولية المفروضة على روسيا، ومساعي الاتحاد الأوروبي لتشديدها، يرى العزبي أن تلك الإجراءات لن تؤثر في قوة موسكو أو في قدرتها على حسم الصراع لصالحها.
وبيّن العزبي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورغم إلغاء اجتماع بودابست، ما يزال مُصرًا على إنهاء الحرب، متوقعًا أن تكون نهايتها قريبة بضغوط أمريكية على أوكرانيا، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء في أوروبا وحاجتها إلى الغاز الروسي.
وعن الاتهامات الموجهة لموسكو بأنها تسعى إلى كسب الوقت من خلال المفاوضات، أكد العزبي أن روسيا لا تحاول المماطلة، بل تصر على تنفيذ شروطها المتعلقة بضم الأراضي ومنع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، مشيرًا إلى أنه في حال تنفيذ هذه الشروط، ستتوقف الحرب فورًا.
وفي ختام حديثه، أوضح خبير العلاقات الدولية أن الاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الأزمة الروسية الأوكرانية ستعتمد على ممارسة الضغوط الدبلوماسية على الطرفين لإنهاء الصراع، لافتًا إلى أن موقف ترامب الداعم لمطالب بوتين سيجعل الضغط الأكبر موجّهًا نحو أوكرانيا للقبول بهذه الشروط ووقف الحرب.