تستعد مصر يوم السبت 1 نوفمبر لافتتاح واحد من أعظم الصروح الثقافية في العالم، المتحف المصري الكبير، الذي يشكل أيقونة معمارية ومتحفية تجسد تاريخ الحضارة المصرية القديمة في أبهى صورها.
            
            
تصميم البهو العظيم
استند المعماريون في تصميم البهو العظيم إلى فكرة تجسيد الهيبة الملكية والخلود، فالإضاءة الموجهة بدقة تُبرز الملامح والتفاصيل، والتماثيل الضخمة توزعت بطريقة تجعل القاعة أشبه بـ"مسرح فرعوني مفتوح" يروي قصة ملوك مصر وعظمة دولتهم، حيث يتفاعل الزائر مع القطع لا كمشاهد فحسب، بل كمن يسير في ممر من الزمن.
من البهو إلى قلب المتحف
ولا يقف دور البهو عند كونه مساحة عرض، بل يمثل عنصرًا انتقاليًا يقود الزائر نحو الدرج العظيم، الذي يربط بين البهو وقاعات العرض الرئيسية، حيث تبدأ الرحلة الحقيقية لاكتشاف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تحكي فصولًا متتابعة من تاريخ مصر الممتد عبر آلاف السنين.
 يبدأ الزائر رحلته من ميدان المسلة المعلقة، أول ما تقع عليه عينه عند دخول ساحة المتحف، قبل أن تتجه خطاه إلى قلب المكان، حيث البهو العظيم، ذلك الفضاء المهيب الذي يحتضن بين جدرانه حكاية آلاف السنين من العظمة والخلود.
المسلة المعلقة.. تحية من الماضي إلى الحاضر
قبل الدخول إلى البهو، تستقبل الزوار المسلة المعلقة الخاصة بالملك رمسيس الثاني، وهي الأولى من نوعها في العالم بفضل تصميمها المبتكر، إذ رفعت على قاعدة ضخمة تزن نحو 300 طن، تتيح للزائر رؤية خرطوش الملك أسفلها، ذلك النقش الذي ظل مخفيًا لأكثر من 3500 عام. يبلغ وزن المسلة 110 أطنان، وقد تم نقلها عام 2018 من منطقة صان الحجر بمحافظة الشرقية إلى موقعها الجديد أمام المتحف، حيث تنتصب شامخة فوق أربعة أعمدة منقوش عليها اسم "مصر" بجميع لغات العالم في تحية رمزية للزوار من مختلف الدول.
البهو العظيم
عند اجتياز المسلة، ينفتح أمام الزائر فضاء البهو العظيم الممتد على مساحة تفوق 8 آلاف متر مربع، والمضاء طبيعيًا عبر سقف زجاجي شاهق الارتفاع يبلغ 35 مترًا. هذا التصميم الفريد يجعل الضوء يتسلل بانسيابية ليكشف تفاصيل 43 تمثالًا ضخمًا تمثل ملوك مصر وآلهتها عبر العصور. في مقدمة هذا المشهد يقف تمثال الملك رمسيس الثاني، رمز القوة والسيادة، بارتفاع 11.30 مترًا ووزن يتجاوز 83 طنًا، من الجرانيت الوردي الذي يعكس فخامة العصر الذي عاش فيه.
يعود اكتشاف التمثال إلى عام 1820 في منطقة ميت رهينة بالجيزة، ثم نُقل إلى ميدان باب الحديد (رمسيس حاليًا) عام 1955، قبل أن يستقر أخيرًا في موطنه الجديد داخل المتحف عام 2006، ليكون أول من يستقبل الزائر بابتسامته المهيبة التي توحي بالعظمة والخلود.
قطع أثرية تحيط بالملك
رغم أن الخطة الأولى للبهو كانت تقضي بعرض تمثال رمسيس منفردًا، فإن المساحة الواسعة للمكان أتاحت إضافة مجموعة أثرية مميزة تُضفي ثراءً بصريًا وتاريخيًا على المشهد. تحيط بالتمثال قطع بارزة، منها عمود النصر للملك مرنبتاح ابن رمسيس الثاني، الذي يبلغ ارتفاعه 5.60 متر ووزنه نحو 17 طنًا، وقد زُيّن بنقوش هيروغليفية توثق انتصارات الملك العسكرية، أبرزها معركته ضد الليبيين في دلتا مصر عام 1208 ق.م. كما يضم البهو تمثالين لملك وملكة من العصر البطلمي، في تنوع زمني يربط بين العصور ويجسد استمرارية الحضارة المصرية من الفراعنة حتى العصور اللاحقة.