تحدثت تقارير إعلامية عن أن الولايات المتحدة الأمريكية عرضت على حركة "حماس" ممرًا آمنًا للانسحاب إلى ما وراء "الخط الأصفر"، باتجاه المناطق التي أخلتها القوات الإسرائيلية، وذلك بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار قبل نحو ثلاثة أسابيع.
            
            
ويأتي هذا الطرح في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية المتكررة للاتفاق، والتي تتراوح بين عمليات قتل واستهداف للمنازل المدنية، تحت ذرائع واهية تستهدف تقويض التهدئة واستمرار التصعيد الميداني.
وتستهدف الولايات المتحدة من وراء هذا العرض، الذي تم نقله عبر الوسطاء إلى الحركة، تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بحسب ما أورده إعلام أمريكي.
ووفقًا لما أورده المصدر ذاته عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، فإن الإدارة الأمريكية أبلغت "حماس" أن أمامها 24 ساعة لإجلاء مقاتليها من المنطقة الواقعة شرق الخط الأصفر، الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مستهل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، أجرى جيش الاحتلال انسحابه الأولي إلى الخط الأصفر، حيث أبقى على وجوده في مناطق من شمال القطاع وجنوبه، فيما من المفترض أن يعقب ذلك انسحاب كامل من غزة بموجب الخطة الأمريكية.
أما المناطق التي يتواجد فيها جيش الاحتلال في قطاع غزة، والتي تقع خلف الخط الأصفر، فهي: بيت حانون، بيت لاهيا، الشجاعية، إلى جانب عدد من المواقع العسكرية شمالًا.
وفي جنوب القطاع، تتمركز القوات في محيط معبر رفح، ومحور فيلادلفيا، وكافة مناطق تمركز القوات في خان يونس، إضافة إلى المنطقة البحرية الممتدة على طول ساحل القطاع.
بعد انتهاء المهلة، التي يؤكد مسؤول أمريكي – وفقًا للمصدر – أنها انقضت بالفعل مساء أمس (الخميس)، باتت إسرائيل قادرة على فرض وقف إطلاق النار بالقوة، واستهداف مواقع تابعة لحركة "حماس" خلف "الخط الأصفر".
وفي المقابل، أوضح المسؤول ذاته أنه لم يعبر أي من مقاتلي الحركة إلى خارج مناطق سيطرة الجيش الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن عشرات المقاتلين ما زالوا مختبئين داخل الأنفاق الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر، خاصة في مدينتي خان يونس ورفح، على حدّ زعمه.
تصعيد متكرر
تأتي هذه التطورات في أعقاب تنفيذ إسرائيل تصعيدين دمويين، إلى جانب الخروقات المتكررة ضد المدنيين في القطاع، تحت ذريعة مقتل جنود لها خلف الخط الأصفر على أيدي مسلحين تزعم أنهم من حركة "حماس"، التي تنفي بدورها تلك الاتهامات.
واعتبرت حماس هذا التصعيد، يكشف عن نية إسرائيلية واضحة لتقويض اتفاق وقف إطلاق النار وفرض معادلات جديدة بالقوة، في ظلّ تواطؤٍ أمريكيٍّ يمنح حكومة نتنياهو الفاشية غطاءً سياسيًا لمواصلة جرائمها، حسب ما جاء في بيان صادر عنها.
وفي السياق ذاته، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – الذي تحقق اتفاق التهدئة بوساطة من إدارته – أن "لا شيء سيهدد اتفاق وقف إطلاق النار"، مبررًا الخروقات الإسرائيلية التي أودت بحياة العشرات بأنها جاءت في إطار الرد على الهجوم الذي استهدف جنديًا إسرائيليًا.
وفي التاسع من أكتوبر 2025، أُعلن عن التوصل إلى اتفاقٍ جديدٍ لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بدأ سريانه في اليوم التالي، وذلك خلال مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وفصائل فلسطينية تقودها حركة "حماس"، استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية، في إطار الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويُعدّ هذا الاتفاق الثالث من نوعه منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على القطاع، إذ تمّ التوصل إلى الاتفاق الأول في نهاية نوفمبر 2023 واستمر سبعة أيام، تلاه اتفاق ثانٍ في يناير 2025 دام نحو 58 يومًا، قبل أن ينهار كلاهما بسبب التعنّت الإسرائيلي.
وأوقف هذا الاتفاق حرب الإبادة الإسرائيلية التي استمرت لعامين ضد المدنيين العُزّل في قطاع غزة، حيث أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 238 ألف شخص، فضلًا عن دمار هائل لحق بالمنازل السكنية والبنى التحتية، ومجاعة أودت بحياة مئات الأشخاص.