أكد كمال الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، أن افتتاح المتحف المصري الكبير يُجسد قدرة الدولة المصرية على تنفيذ المشروعات القومية العملاقة وفق أعلى معايير الإدارة الهندسية والتخطيط الشامل.
وأوضح الوزير أن هذا الصرح العالمي لا يُعبر فقط عن مكانة مصر الحضارية، بل يمثل نموذجًا متقدمًا للتكامل بين قطاعات الدولة، بدءًا من التخطيط العمراني، مرورًا بالبنية التحتية وشبكات النقل، وصولًا إلى منظومة الصناعة والتوريد والخدمات اللوجستية.
وقال الوزير إن مصر أثبتت، خلال السنوات الأخيرة، أن البناء الحضاري لا ينفصل عن قوة الدولة الحديثة، وأن الاستثمار في البنية التحتية للنقل والطرق والموانئ والمطارات هو ركيزة أساسية لتعزيز السياحة واستدامة الحركة الاقتصادية.
شبكة نقل حديثة تخدم المتحف
وأضاف الوزير أن المتحف المصري الكبير يستفيد من شبكة نقل حديثة جعلت الوصول إليه أكثر سهولة عبر محاور رئيسة وخطوط مترو ومواصلات جماعية ذكية خضراء تُسهم في تحسين تجربة الزائر وتقليل الازدحام المروري حول أهم منطقة سياحية في العالم.
وتابع موضحًا: «وعلى سبيل المثال، الخط الرابع للمترو يخدم المتحف من خلال محطة المتحف المصري التي تقع أمام المتحف مباشرة، ومحطة الرماية التي تبعد 600 متر فقط عنه، كما يتبادل الخط الرابع خدمة نقل الركاب مع الخط الأول للمترو في محطة الملك الصالح، ومع الخط الثاني في محطة الجيزة».
واستطرد الوزير: «من المخطط أن يتبادل الخط الرابع خدمة نقل الركاب مع الخط السادس في محطة السيدة عائشة، بالإضافة إلى تبادل المرحلة الثالثة من الخط الرابع مع مونوريل غرب النيل بميدان الحصري، والمرحلة الرابعة منه مع القطار الكهربائي الخفيف (LRT) بمحطة مطار العاصمة، ومع مونوريل شرق النيل في محطة هشام بركات، الأمر الذي يحقق ربط كافة أنحاء القاهرة الكبرى بالمتحف المصري الكبير».
وفي سياق متصل، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء أن الأتوبيس الترددي الكهربائي السريع (BRT) يعد أحد أهم مشروعات النقل الجماعي الأخضر المستدام، ويخدم رواد المتحف من خلال 48 محطة، منها محطة المتحف المصري الكبير التي تقع عند تقاطع الطريق الدائري مع طريق الإسكندرية الصحراوي أمام المتحف مباشرة.
المتحف محور حضاري واقتصادي
وفي الإطار نفسه، أشار الوزير إلى أن مراحل نقل وعرض القطع الأثرية في المتحف شهدت تطبيقات مُحكمة لسلاسل الإمداد والتوريد إداريًا وفنيًا، باستخدام خامات مصرية ومعايير تصنيع دقيقة تحفظ التراث وتعرضه بأعلى مستويات الأمان.
وأوضح أن المصانع الوطنية شاركت بتقنيات متقدمة في أعمال التغليف والتجهيز والحوامل الأثرية والواجهات والتجهيزات الداخلية، بما يعكس تطور الصناعة المحلية وقدرتها على تنفيذ مهام حساسة ذات طبيعة عالمية.
وأكد الوزير أن المتحف المصري الكبير، إلى جانب دوره الثقافي، يدعم اقتصادًا معرفيًا جديدًا يقوم على السياحة المستدامة، والصناعات الثقافية والإبداعية، والإنتاج التذكاري عالي الجودة، وهو ما يتطلب توطين صناعات دقيقة في مجالات التصميم والنحت والمعادن والزجاج والمواد المتحفية المتخصصة. وشدد على أن هذه الصناعات ليست مجرد منتجات، بل خبرات تتراكم وتوفر فرص عمل عالية المهارة لشباب مصر.
ولفت إلى أن الدولة المصرية تنظر إلى المتحف باعتباره محورًا حضاريًا واقتصاديًا يربط بين منظومة النقل الذكي وجذب الاستثمارات وتطوير الخدمات من خلال تطوير محيطه السياحي وربطه بمشروعات طرق ومحاور وممرات لوجستية تُسهِّل حركة السائحين داخليًا.
وأوضح أن ذلك يعكس رؤية متكاملة تربط التاريخ بالبنية التحتية الحديثة، وتجعل من منطقة الأهرامات والمتحف مركزًا سياحيًا عالميًا قادرًا على زيادة تدفقات السياحة والإنفاق الأجنبي.
وأعقب الوزير قائلًا: «إذا كانت الحضارة المصرية القديمة قد أبدعت في الهندسة والعمارة والتخطيط، فإن مصر اليوم تُثبت للعالم أن عقلها الصناعي لم يخفت يومًا، بل يتجدد بإرادة سياسية واضحة ومنظومة إدارية وهندسية قادرة على التنفيذ وفق جداول زمنية دقيقة ومعايير عالمية».
واختتم الوزير مؤكدًا: «إن افتتاح هذا الصرح العملاق يضع على عاتق قطاعات الصناعة والنقل مسؤولية مستمرة لتطوير الخدمات الداعمة، وتعزيز التصنيع المحلي والمكونات الوطنية، وزيادة القيمة المضافة للصناعات المرتبطة بالسياحة الثقافية، فكل قطعة أثرية معروضة هي فرصة لمنتج صناعي مصري، وكل سائح يصل إلى البلاد هو إضافة لحركة النقل واللوجستيات والخدمات والتجارة».
واختتم بقوله: «يبقى المتحف المصري الكبير شاهدًا على قدرة مصر على صناعة مجدها مرتين: مرة بالحجر في الماضي، ومرة بالعقل والإرادة في الحاضر».