الإثنين 3 نوفمبر 2025

تحقيقات

بعد غزة.. إسرائيل تنقل معركتها إلى لبنان بذريعة "نزع السلاح"

  • 2-11-2025 | 15:42

لبنان

طباعة
  • محمود غانم

صبّت إسرائيل جامَّ غضبها على لبنان المنهك، فور وقف الحرب في قطاع غزة قبل نحو عشرين يومًا، إذ كثّفت من استهداف ما تزعم أنه بنية تحتية وأفراد تابعون لـ"حزب الله" اللبناني، في سلوك لم يتوقف منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين قبل عام، لكنه تصاعد مؤخرًا مع صدور تصريحات إسرائيلية توحي بالتمهيد لتصعيد جديد، رغم أن بيروت وأهلها لا طاقة لهم بمزيدٍ من الحروب.

ومنذ الثامن من أكتوبر 2023 وحتى الـ27 من نوفمبر 2024، دارت مواجهات بين "حزب الله" وإسرائيل، تحولت في سبتمبر من العام الماضي إلى حربٍ مدمّرة، قبل أن تبدأ تل أبيب في أكتوبر من العام نفسه توغّلًا بريًا في الأراضي اللبنانية.

وجاء اندلاع المواجهات أساسًا على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ ربط "حزب الله" وقف هجماته بإنهاء الحرب على غزة، لكنه لم يتمكن من الالتزام بذلك تمامًا، تحت ضغط داخلي متزايد طالب بوقف الحرب التي أنهكت لبنان.

وعلى الرغم من أن "حزب الله" أبدى التزامًا باتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في نوفمبر 2024 برعاية أمريكية، وتوقف فعليًا عن مهاجمة البلدات الإسرائيلية، فإن إسرائيل انتهكت الاتفاق مئات المرات، بذريعة استهداف عناصر من الحزب أو مواقع يُقال إنها تابعة له.

تستند إسرائيل في تصعيدها الأخير ضد لبنان إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي نصّ على تفكيك جميع المنشآت العسكرية غير المرخَّصة والمعنية بصناعة السلاح داخل الأراضي اللبنانية، ومصادرة الأسلحة غير المرخصة، بدءًا من منطقة جنوب الليطاني.

وقد حظي المطلب الإسرائيلي بدعمٍ واضح من الولايات المتحدة الأمريكية، التي مارست ضغوطًا شديدة على الحكومة اللبنانية لحصر السلاح في يد الدولة وحدها.

وفي هذا الإطار، اتخذت الحكومة اللبنانية بالفعل خطواتٍ ملموسة، إذ أصدرت في أغسطس الماضي قرارًا يقضي بحصر السلاح — بما في ذلك سلاح الفصائل الفلسطينية و"حزب الله" — بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطةٍ لتنفيذ ذلك قبل نهاية عام 2025.

وباشر الجيش اللبناني تنفيذ القرار من خلال تسلّم أسلحةٍ من بعض الفصائل المسلحة داخل البلاد، غير أنّ العملية واجهت تعقيداتٍ عدّة، في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية.

وبصفته أقوى فصيلٍ مسلحٍ في البلاد، أكد "حزب الله" أنه لن يسلّم سلاحه في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، الذي أبقى قواته متمركزة في خمس تلالٍ استراتيجية جنوبي لبنان، في انتهاكٍ للاتفاق الذي نصّ على انسحابها الكامل من المناطق اللبنانية التي توغلت داخلها خلال الحرب.

ورغم أن الحكومة اللبنانية واصلت التأكيد على أنها ماضيةٌ قُدمًا في مسألة نزع السلاح، فإنها وجدت نفسها أمام حرجٍ شديد، في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على البلاد من جهة، وتصلب موقف "حزب الله" من جهةٍ أخرى، لا سيما بعدما ألمح الحزب إلى أن نزع سلاحه قد يجرّ لبنان إلى حربٍ أهلية جديدة.

نذر حرب

مع وقف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة في أكتوبر الماضي، وسّعت إسرائيل بشكلٍ ملحوظ من اعتداءاتها على لبنان، مستندةً إلى المزاعم ذاتها، وذلك بالتزامن مع تصاعد التصريحات الإسرائيلية والأمريكية المطالِبة بيروت بنزع سلاح "حزب الله".

وزعمت الولايات المتحدة، على لسان المبعوث الأميركي إلى لبنان وسوريا، توماس براك، خلال الشهر الماضي، أنها قدّمت عرضًا إلى الحكومة اللبنانية يقضي بنزع سلاح "حزب الله" وتحويله إلى كيانٍ سياسيٍّ حزبي، غير أن العرض قوبل بالرفض بسبب الانقسام داخل مجلس الوزراء.

وحذّر براك، أمس، من تحركٍ إسرائيلي لنزع سلاح "حزب الله" إذا لم يبادر لبنان إلى حصر السلاح بيد الدولة خلال فترةٍ وجيزة.

وفي السياق ذاته، زعم وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن الرئيس اللبناني، جوزاف عون، "يماطل" في جهود نزع سلاح الحزب، محذرًا من أن إسرائيل "ستتحرك" إذا لم تتخذ بيروت خطواتٍ عملية في هذا الاتجاه.

وفي سياقٍ متصل، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مساء السبت بلدة كفررمان في قضاء النبطية (جنوب لبنان)، أسفرت عن سقوط أربعة شهداء وإصابة ثلاثة مدنيين بجروح.

وفي المقابل، أقرّ الجيش الإسرائيلي بتنفيذ القصف الذي أدى إلى مقتل أربعة أشخاص في جنوب لبنان، زاعمًا أنهم ينتمون إلى "قوة الرضوان" التابعة لـ"حزب الله"، ومن بينهم مسؤول الدعم اللوجستي في القوة.

من جانبه، نعى "حزب الله" في بيانٍ صدر صباح الأحد، "المجاهدين الأربعة الذين ارتقوا شهداء على طريق القدس"، داعيًا إلى المشاركة في تشييعهم اليوم في مدينة النبطية.

وحسب إعلامٍ عبري، فإن إسرائيل منذ وقف إطلاق النار في لبنان، قتلت نحو 340 مسلحًا من "حزب الله".

أخبار الساعة

الاكثر قراءة