الخميس 6 نوفمبر 2025

تحقيقات

خبراء: التوسع في الإنتاج المحلي للسيارات يخفض الأسعار ويدعم العملة الصعبة| خاص

  • 6-11-2025 | 15:26

صناعة السيارات في مصر

طباعة
  • أنديانا خالد

رأى خبراء الاقتصاد أن مصر تمتلك فرصة حقيقية للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات خلال السنوات المقبلة، خاصة مع التوسع في الإنتاج المحلي وتوطين المكونات وارتفاع القدرة التنافسية في التصدير، ومع استمرار السياسات الداعمة واستقرار بيئة الاستثمار، يمكن للصناعة الوطنية أن تلعب دورًا مهمًا في خفض أسعار السيارات وتعزيز موارد الدولة من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة.

فقد شهدت جهود الدولة في ملف توطين صناعة السيارات خطوات عملية مؤخرًا، حيث وضع نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل حجر الأساس لمصنع «ماك» لوسائل النقل التابع لمجموعة المنصور بمدينة السادس من أكتوبر، على مساحة 55 ألف متر مربع، وبطاقة إنتاجية تستهدف 50 ألف سيارة صديقة للبيئة في مرحلته الأولى، ليكون نواة لإقامة مدينة متخصصة لصناعة السيارات ومكوناتها في هذا الموقع.

وأكد الوزير أن استراتيجية الدولة تهدف إلى إقامة صناعة متكاملة تشمل تصنيع المكونات وتجميع السيارات وصولاً إلى توطين السيارات الكهربائية والهجينة بما يواكب توجهات النقل الأخضر. 

كما شهد الوزير توقيع عقد إقامة مجمع صناعي جديد لشركة «ليوني» بمدينة الروبيكي على مساحة 91 ألف متر مربع لإنتاج الضفائر والكابلات الكهربائية للسيارات، بما يسهم في نقل التكنولوجيا الألمانية وزيادة الاستثمارات ومضاعفة العمالة المحلية، إلى جانب الاستفادة من خط الرورو لدعم التصدير إلى أوروبا خلال 36 ساعة فقط. 

وتأتي هذه الخطوات متزامنة مع ما أعلنه وزير المالية أحمد كجوك بشأن تخصيص مليار جنيه في موازنة 2024/2025 لتمويل استراتيجية توطين صناعة السيارات، وتسجيل 7 شركات ضمن المنظومة، وصرف 120 مليون جنيه كأول استحقاق حافز لشركة «نيسان» لزيادة نسبة المكوّن المحلي وتعزيز الإنتاج.

فمن جانبه  قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن خطة مصر لتوطين صناعة السيارات قابلة للتنفيذ خلال السنوات المقبلة، لكنها تحتاج إلى استمرارية في السياسات الاقتصادية واستثمار جاد في البنية التحتية الصناعية والتكنولوجية لضمان نجاحها وتحقيق مردود اقتصادي مستدام.

وأوضح الإدريسي في تصريحات خاصة لـ«بوابة دار الهلال»، أن الحكومة المصرية بدأت بالفعل خطوات مهمة في هذا الاتجاه من خلال إنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات، وتبني الاستراتيجية الوطنية لتوطين الصناعة التي تستهدف تصنيع مكونات محليًا وزيادة نسبة المكون المحلي تدريجيًا، وهو توجه صحيح ومتوافق مع التجارب العالمية.

وأشار الإدريسي إلى أن الوصول إلى نموذج قريب من التجارب الناجحة مثل المغرب أو تركيا أو جنوب أفريقيا يتطلب استقرار السياسات الصناعية والجمركية، لأن المستثمرين يحتاجون إلى وضوح طويل الأجل في القوانين والضرائب والحوافز، بالإضافة إلى تطوير شبكة الموردين المحليين لتوفير مكونات بجودة عالية وأسعار تنافسية، مع ربط المصانع الكبرى بمجمعات صناعية للمغذيات.

وأكد الخبير الاقتصادي أن نقل التكنولوجيا وبناء القدرات البشرية من خلال الشراكة مع شركات عالمية كبرى، وتوسيع برامج التدريب الفني والهندسي، يمثلان عنصرًا أساسيًا في نجاح خطة التوطين، إلى جانب التحول نحو السيارات الكهربائية؛ نظرًا لأن العالم يتجه بسرعة نحو الطاقة النظيفة، ويمكن لمصر استغلال موقعها وسوقها الكبير لتكون مركزًا إقليميًا لإنتاج وتصدير السيارات الكهربائية.

وشدد الإدريسي على أن الخطة ممكنة وواعدة، لكن نجاحها يتوقف على التنفيذ المتكامل والتنسيق بين الدولة والمستثمرين والتعليم الفني، مع الالتزام برؤية طويلة الأجل تجعل مصر مركزًا صناعيًا إقليميًا في صناعة السيارات خلال العقد المقبل.

من جانبه، قال الدكتور أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي، إن مصر تسعى بخطى متسارعة نحو توطين صناعة السيارات باعتبارها أحد محاور التحول الصناعي وتعزيز القدرة التصديرية، وذلك من خلال الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى رفع نسبة المكون المحلي إلى نحو 60% خلال السنوات المقبلة، وجذب استثمارات عالمية لإقامة مصانع تصنيع وتجميع داخل مناطق صناعية متخصصة مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومدينة السيارات في السادس من أكتوبر.

وأوضح في تصريحات خاصة لـ«بوابة دار الهلال»، أن مصر تمتلك مقومات حقيقية تدعم نجاح هذا التوجه، أبرزها سوق محلي واسع يتجاوز حجم الطلب فيه أكثر من مليون مركبة سنويًا ما بين سيارات جديدة ومستعملة، إلى جانب موقع جغرافي يجعلها مركزًا مناسبًا للتصنيع والتصدير نحو الأسواق الأفريقية والعربية، إضافة إلى حزمة حوافز ضريبية وجمركية تقدمها الدولة لجذب الشركات العالمية وشركاء الإنتاج.

وأشار شوقي إلى أن النجاح في التوطين لا يتوقف فقط على إنشاء المصانع، وإنما يعتمد على تطوير قاعدة مورّدين محليين قادرين على تصنيع مكونات بجودة ومعايير معتمدة، مع توفير آليات تمويل طويلة الأجل وحوافز تصديرية حقيقية، بالإضافة إلى تأهيل الكوادر الفنية والهندسية عبر برامج تدريب مشترك بين الحكومة والقطاع الخاص.

وأكد شوقي أن الاستراتيجية يجب أن تتجه بقوة نحو تصنيع مكونات السيارات الكهربائية والهجينة، لمواكبة التحول العالمي نحو النقل الأخضر وضمان استدامة وتنافسية الصناعة خلال السنوات المقبلة.

وأضاف أن تجارب دول مثل تركيا والمغرب أثبتت أن التوطين الصناعي الناجح يحتاج إلى رؤية ممتدة لا تقل عن عشر سنوات، تقوم على استقرار السياسات، وتكامل سلاسل التوريد، وربط الحوافز بتحقيق نسب تصنيع محلي فعلية.

وأكد أن ما تحقق حتى الآن من خطوات، ومنها بدء تنفيذ مصنع ماك بطاقة إنتاجية تصل إلى 50 ألف سيارة سنويًا في مرحلته الأولى، يعكس أن مصر تمتلك فرصة حقيقية للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات خلال الفترة المقبلة، شريطة استمرار التنسيق بين الدولة والقطاع الخاص وتطبيق سياسات صناعية مرنة وثابتة، بما يعزز قدرة الاقتصاد على جذب عملة صعبة وزيادة الصادرات خلال الأعوام القادمة.

وفي السياق ذاته، قال المهندس خالد سعد، رئيس رابطة مصنعي السيارات، إن زيادة الإنتاج المحلي للسيارات أحدث تغييرًا كبيرًا في ديناميكية السوق المصري، وذلك في إطار جهود الدولة لتوطين الصناعة وتعزيز المنتج المحلي.

وأضاف سعد في تصريحات صحفية، أن دخول طرازات جديدة مصنعة محليًا إلى السوق يمثل خطوة مهمة طال انتظارها، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية تدعم هذا التوجه بقوة لتعزيز الصناعة الوطنية وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

وأكد رئيس الرابطة أن التوسع في الإنتاج المحلي حقق ثلاثة أهداف رئيسية وهي زيادة المعروض من السيارات للمستهلكين، وخفض الأسعار بشكل ملحوظ، وتخفيف الضغط على العملة الأجنبية بسبب تراجع الواردات.

وأشار سعد إلى أن انخفاض الأسعار لن يقتصر على السيارات الجديدة فقط، بل سيمتد تأثيره إلى سوق السيارات المستعملة، متوقعًا انخفاضًا قد يصل إلى 20% خلال الفترة المقبلة، نتيجة زيادة المعروض وانخفاض تكلفة التصنيع.

وقال إن الفئات الأكثر استفادة من هذا التحول هي الشرائح المتوسطة والاقتصادية، حيث أصبح بإمكان المستهلك الحصول على سيارة محلية الصنع بمواصفات جيدة وسعر مناسب.

كما أكد أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، أن أسعار السيارات المستعملة مرتبطة بشكل مباشر بأسعار السيارات الجديدة، موضحًا أن تسعير السيارات المستعملة يتم بالأساس بناءً على نظيرتها الجديدة في السوق.

وأضاف أبو المجد، في تصريحات صحفية، أن الوضع الراهن في سوق السيارات يُعيد المشهد إلى ما كان عليه في نهاية عام 2024، والتي وصفها بأنها "أصعب سنة مرت على قطاع السيارات في مصر منذ 25 عامًا"، بسبب مجموعة من العوامل المعقدة.

وأشار إلى أن أحد أبرز الأسباب وراء الأزمة هو نقص الدولار في السوق المصري خلال تلك الفترة، مما أعاق عمليات الاستيراد، مؤكدًا أن التجار أنفسهم لا يستفيدون من ارتفاع الأسعار، بل على العكس، فإن انخفاضها يصب في مصلحتهم.

وأوضح أن عام 2024 شهد قيودًا استيرادية صارمة أدت إلى ندرة المعروض وارتفاع الأسعار، لكن بداية من نهاية العام وحتى الآن، بدأت الأوضاع تتغير تدريجيًا مع تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية وصدور تعليمات رئاسية بتوطين صناعة السيارات.

وكشف أبو المجد عن تدشين 3 مصانع جديدة لإنتاج السيارات في مصر، مما أسهم في خفض الأسعار بشكل ملحوظ، مشيرًا إلى ظهور سيارات جديدة موديل السنة بأسعار تبدأ من 640 ألف جنيه، وهو ما انعكس على تراجع أسعار السيارات المستوردة والمستعملة على حد سواء.

وتابع قائلا: أن السوق بدأ يتنفس مجددًا، متوقعًا مزيدًا من التحسن في حال استمرت جهود دعم التصنيع المحلي واستقرار سعر الصرف، معتبرًا أن التوجه نحو الإنتاج المحلي هو السبيل الحقيقي لتحقيق استقرار طويل الأمد في سوق السيارات المصري.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة