اختُتمت مساء السبت فعاليات الدورة الثالثة من المهرجان الوطني للمسرح التونسي «مواسم الإبداع»، بحفل احتضنته قاعة الفن الرابع بتونس العاصمة، بحضور عدد من المسرحيين والمثقفين والإعلاميين. وقد توّجت خلاله مسرحية «الهاربات» للمخرجة وفاء الطبوبي بجائزة أفضل عرض مسرحي متكامل، وهي الجائزة الكبرى للمسابقة.
قائمة الجوائز الفردية
وفي قائمة الجوائز الفردية، نال الفنان نعمان حمدة جائزة أفضل أداء رجالي عن دوره في مسرحيته «سقوط حر» وهي أيضا من إخراجه، فيما حصدت الفنانة فاطمة بن سعيدان جائزة أفضل أداء نسائيعن دورها في مسرحية «الهاربات» أما مسرحية «جاكرندا» للمخرج نزار السعيدي، فقد كانت من أبرز الفائزين بعد حصولها على ثلاث جوائز هي أفضل نص عبدالحليم المسعودي وأفضل سينوغرافيا وأفضل إخراج.
مشاركة 14 عرضًا مسرحيًا
أقيمت الدورة الثالثة من هذا المهرجان من 24 أكتوبر الماضي إلى 8 نوفمبر الجاري بمبادرة من المسرح الوطني التونسي وبالشراكة مع جمعية عبدالوهاب بن عياد، وسجل مشاركة 14 عرضًا مسرحيًا في المسابقة الرسمية أُنتجت بين نوفمبر 2024 وأكتوبر 2025.
أشرفت على تقييم الأعمال لجنة تحكيم ضمّت الأساتذة محمد المديوني (رئيس اللجنة) وصالح الفالح وفائزة مسعودي ورمزي عزيز وهندة بن عياد ممثلة عن الجمعية الشريكة.
الجوائز التشجيعية المخصصة للفائزين في الورشات التدريبية
وشملت الجوائز التشجيعية المخصصة للفائزين في الورشات التدريبية جائزة أفضل صورة فوتوغرافية للمسرح التي فاز بها سامح بن سعيد عن صورته لمسرحية «تمثال حجر»، وجائزة أفضل فيديو للمسرح التي أحرزها حمزة الفلّاح عن تصويره لمسرحية «جاكرندا»، وجائزة أفضل مقال نقدي التي نالتها أريج المشرقي عن مقالتها النقدية لمسرحية «سقوط حر»
اكتشاف تجارِب فنية وفكرية متجددة
وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، أكد المدير العام لمؤسسة المسرح الوطني التونسي ومدير المهرجان الدكتور معز المرابط أن هذه الدورة كانت موسمًا للفن الرابع عنوانه المؤانسة والإمتاع، حيث تنقّل المسرحيون خلال أسبوعين من توزر إلى تونس العاصمة، مقدمين عروضًا متنوعة أضفت على الفضاءات المسرحية حياة جديدة وفتحت الآفاق أمام الجَمهور لاكتشاف تجارِب فنية وفكرية متجددة.
وتوجّه المرابط بالشكر إلى وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي التي آمنت برؤى مواسم الإبداع وبأهدافه ومنحته كل الدعم والتشجيع، مؤكدًا أن المهرجان يندرج في صميم الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمسرح التونسي وتعزيز انفتاحه على مختلف الجهات وتشجيع الأجيال الصاعدة على التعلق بالفن الرابع باعتباره حاملًا للقيم الإنسانية النبيلة.
وأشار إلى أن انطلاقة المهرجان من مدينة توزر، مسقط رأس شاعر تونس الأول أبي القاسم الشابي، كانت خيارًا مقصودًا لترسيخ مبدأ اللامركزية الثقافية والاقتراب من الجمهور في الجهات الداخلية.
تنظيم الندوة العلمية «المسرح التونسي وأسئلة الهُوِيَّة»
وأضاف أن مؤسسة المسرح الوطني سعت هذا العام إلى تعزيز البعد الفكري للمهرجان عبر تنظيم الندوة العلمية «المسرح التونسي وأسئلة الهُوِيَّة» بالتعاون مع بيت الحكمة، التي مثّلت منبرًا فكريا مهما للنقاش حول ملامح المدرسة المسرحية التونسية.
كما أعلن عن إطلاق مشاريع وشراكات جديدة من بينها “ملتقى مسرح الجنوب بتوزر» الذي شكّل مشروعًا تأسيسيًا ناجحًا بكل المقاييس، إلى جانب اتفاقيات تعاون مع بيت الحكمة ومركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر والمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، بما يعزز التكامل ويؤسس لرؤية مسرحية وطنية مستدامة.
وشهدت الدورة أيضا انطلاق فضاء جديد تحت عنوان «أغورا المواسم»، وُضع ليكون مساحة للحوار والنقاش بين المسرحيين حول قضايا الإنتاج والعلاقة بالجمهور والجماليات المسرحية. كما تم تنظيم معرض للفنان التشكيلي الراحل عادل مقديش بعنوان «مشهديات: المسرحة في أعمال عادل مقديش»، يحتضنه فضاء الفن الرابع من 1 نوفمبر الجاري إلى 31 جانفي 2026، احتفاء بتقاطع الفنون بين المسرح والتشكيل.
و أكدت هندة بن عياد، ممثلة جمعية عبدالوهاب بن عياد، أن هذه الدورة كانت موسمًا نابضًا بالحياة جسّد طاقة الفن في بناء الإنسان والمجتمع”، مشيرة إلى أن الجمعية تواصل دعمها للمبادرات الثقافية التي تحمل أثرا إيجابيًا على المجتمع، وفاء لرسالة الراحل عبد الوهاب بن عياد في العمل الجاد وحب الوطن.
وأضافت أن الجوائز التي تقدّمها الجمعية ضمن مهرجان «مواسم الإبداع» هي «رمزية تعبّر عن ثقة وامتنان للفنانين الذين يجرؤون على الحلم ويصرّون على الإبداع».
وكرّمت الهيئة المديرة للمهرجان الفنانين المسرحيين الكبيرين الفقيدين أنور الشعافي ومحمد فاضل الجزيري، وذلك بحضور أفراد عائلتيهما، وجاء هذا التكريم رمزا لعطائهما اللامحدود للفن وللمسرح التونسي.
باقة من الأغاني المهداة إلى القضية الفلسطينية
ووعن فقرة الاختتام الفني، فكانت بصوت الفنانة الأردنية مكادي النحاس التي قدّمت باقة من الأغاني المهداة إلى القضية الفلسطينية، منها «غنّوا فلسطين» و«عمي يا بو الفانوس» و«يما مويل الهوى».
وسبق الحفل الرسمي عرض موسيقي مسرحي بعنوان «عربون 3»، وهو آخر أعمال الراحل محمد فاضل الجزيري، بمشاركة مجموعة من الفنانين التونسيين هم هيثم الحذيري وإشراق مطر وإلياس بلاقي ورياض صغير والطيب فرحات ومخلص عوينتي، و تناول العرض بأسلوب رمزي يوميات مجموعة موسيقيين يستعدون لتقديم عرض فني يستحضر رموزا من الذاكرة الثقافية التونسية.