صدر حديثًا للكاتب الصحفي صلاح البيلي، مدير تحرير مجلة المصور ونائب رئيس لجنة النشر باتحاد كتاب مصر، كتاب جديد بعنوان «الشعراوي.. قصة داعية»، يتناول فيه سيرة الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، الداعية والخطيب الوفدي المفوه، والشاعر العمودي الفصيح، والأزهري الأصيل، ووزير الأوقاف وشؤون الأزهر، ورئيس بعثة الأزهر إلى الجزائر عام 1966م، وأستاذ الشريعة في مكة المكرمة لمدة ثمانية عشر عامًا.
يقع الكتاب في مائة صفحة من القطع الصغير، ويضم ثلاثة فصول رئيسية؛ يتناول الفصل الأول سيرة الشيخ الشعراوي في عشرة مباحث، منها: الجذور والنشأة، أيام الجامعة والوظيفة، الوزارة، الأزهر قدر الشيخ، الوفدي المخلص، مكة لأول مرة، أستاذ الشريعة، وقفة الفلوس الفضة، بناء الكعبة وكسوتها، وبئر زمزم. أما الفصل الثاني فيرصد منهجه كداعية إصلاحي أزهري، من خلال مباحث مثل صاحب الهمة العالية، موقفه من نقل مقام إبراهيم، إدخال الميكروفون للحرم، تشجيعه زخارف الحرم النبوي، رؤياه للنبي، رئاسته لبعثة التعريب في الجزائر، جهاده وتفسيره للقرآن الكريم.
أما الفصل الثالث، فيضم شهادات حية من شخصيات عايشته عن قرب، من بينهم نجلاه د. سامي الشعراوي وأحمد الشعراوي، إلى جانب د. خالد المهدي الذي أدار رواق الشعراوي في جوار مسجد السيدة نفيسة، ود. أحمد ربيع الذي روى ذكريات طفولته مع الشيخ.
ويكشف الكتاب عن ملامح إنسانية وعلمية في مسيرة الإمام، منها علاقته بزعماء الوفد سعد زغلول ومصطفى النحاس، وتأثره بالنهضة الفكرية في شبابه، إلى جانب مواقفه الجريئة التي أثارت جدلًا سياسيًا، أبرزها خطبة نكسة 1967م التي ألقاها نيابة عن الشيخ حسن مأمون، وموقفه النبيل مع شيخ الأزهر د. عبد الحليم محمود حين قال له: «لا تأتيني لتوقيع الأوراق يا مولانا، بل أنا الذي آتيك لتوقيعها صونًا لكرامة شيخ الأزهر».
كما يتناول الكتاب جهاد الشعراوي العلمي في السعودية والجزائر، ومشاركته في توسعة الحرم المكي عام 1950م، ودوره في إدخال الميكروفون للحرم، ورئاسته لبعثة الأزهر بالجزائر لنشر التعريب بعد عقود من «الفرنسة» التي فرضها الاحتلال الفرنسي.
ويُبرز البيلي في كتابه كيف تحولت خواطر الشعراوي في تفسير القرآن الكريم إلى علامة خالدة في الإعلام المصري والعربي، منذ أولى حلقاته ببرنامج نور على نور عام 1977م، مع المذيع أحمد فراج، لتصبح حلقاته الأسبوعية عقب صلاة الجمعة جزءًا من وجدان الأسرة المصرية حتى اليوم، إذ ما زالت كلماته تُبث عبر القنوات والإذاعات، خاصة في شهر رمضان المبارك.
يأتي الكتاب ليضيف رؤية شاملة وإنسانية لإمام الدعاة، تجمع بين سيرته، وفكره، ومواقفه الوطنية، وتاريخه الدعوي، في عمل توثيقي يثري المكتبة العربية، ويؤكد على مكانة الشعراوي كأحد أبرز رموز الدعوة واللغة والإصلاح في العصر الحديث.


