في إطار فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي، قدّم المخرج مازن الغرباوي ماستر كلاس مميزًا بعنوان «الإخراج المسرحي وتوظيف التقنيات الحديثة في عصر الفنون الأدائية»، وعبّر« الغرباوي» عن سعادته البالغة بالمشاركة في هذه الدورة، مشيدًا بدور المهرجان في دعم الفنون المسرحية الموجهة للطفل العربي وإتاحة الفرصة للأجيال الجديدة من المبدعين للتعلّم واكتساب الخبرات.
مفهوم الإخراج المسرحي
استهل «الغرباوي» الماستر كلاس بتقديم لمحة أكاديمية حول مفهوم الإخراج المسرحي، موضحًا تعريف المخرج ودوره المحوري داخل العمل المسرحي باعتباره «المفسر للنص، والموجّه للممثلين، وصاحب الرؤية الشاملة التي تجمع كل عناصر العرض في إطار فني متكامل»، وأشار إلى أهمية المراجع العلمية التي ترشد المخرجين في صياغة رؤيتهم الفنية وتحديد منهجهم الإبداعي.
التطور التاريخي لنظرية الإخراج
وتطرق «الغرباوي» كذلك إلى المدخل الأكاديمي للإخراج المسرحي، متناولًا التطور التاريخي لنظرية الإخراج منذ ما قبل القرن التاسع عشر، مرورًا بظهور المخرج الحديث على يد دوق ساكس-مايننغن في أواخر القرن التاسع عشر، الذي يُعد أول من أسس مفهوم المخرج في صورته المعاصرة. واستعرض بعد ذلك مرحلة المخرجين الرواد مثل كونستانتين ستانسلافسكي مؤسس مدرسة الواقعية، وفسيفولود مايرهولد، وبرتولت بريخت، وبيتر بروك، وصولًا إلى اتجاهات المسرح المعاصر وما بعد الحداثة.
وظائف المخرج المسرحي
وتناول «الغرباوي» وظائف المخرج المسرحي، موضحًا أنه قد يكون مفسرًا أو منظمًا أو موجهًا أو مصممًا أو قائدًا، تبعًا لطبيعة العمل ورؤية الفنان، . وتحدث أيضًا عن عناصر الإخراج المسرحي الأساسية التي تشمل التكوين المسرحي، والحركة، والإيقاع، والفضاء، والضوء والظل، إضافة إلى الصوت والموسيقى ودورها في إثراء التجربة البصرية والسمعية للعرض.
وفي الجزء التطبيقي من الماستر كلاس، استعرض «الغرباوي» عددًا من نماذج عروضه المسرحية التي عكست تطور رؤيته الإخراجية واعتماده على التقنيات الحديثة في المسرح، ومنها مسرحية «هنكتب دستور جديد» (2011) التي استخدم فيها تقنية المسرح الأسود، من بطولة محمد يوسف ومحمد جبر ومصطفى أبو سريع، وصياغة محمود جمال الحديني، والتي نال عنها جائزة الدولة التشجيعية عام 2013.
وأشار إلى عروضه «طقوس الموت والحياة» (2014) بمسرح الطليعة، و«حلم ليلة صيف» (2015) التي أحدثت نقلة في شكل المسرح الموسيقي، و«حدث في بلاد السعادة» (2017) على مسرح السلام، و«هاملت بالمقلوب» (2022) التي قدّم من خلالها معالجة بصرية مبتكرة باستخدام تقنية الفيديو مابينغ، كما أشار إلى أحدث عروضه المسرحية «جسم وأسنان وشعر مستعار»، والذي قدمه مؤخرًا مخرجًا ومؤلفًا ومصممًا للسينوغرافيا، وأكد أنه يمثل مرحلة جديدة في مشواره الفني من حيث تطوير الصورة البصرية وتكامل العناصر التقنية، و حصد العرض على أغلب جوائز الدورة الثامنة عشر للمهرجان القومي للمسرح المصري في عام 2025، ما يعكس استمرار تميزه وريادته في تجديد لغة المسرح المصري المعاصر.
واختتم «الغرباوي» الماستر كلاس بتأكيده على أن المخرج المسرحي في العصر الحديث لم يعد مجرد منسق للعناصر الفنية، بل أصبح صانعًا للصورة البصرية والفكرية للعرض، ومسؤولًا عن توظيف التكنولوجيا بما يخدم جوهر العرض المسرحي ويقربه أكثر من الجمهور.
الجدير بالذكر أن مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي ترأسه شرفيا أستاذ دكتورغادة جبارة، ويُقام المهرجان تحت رعاية جمعية الفن والثقافة«بتاح»، وبالدعم الأدبي من وزارة الثقافة المصرية، وأكاديمية الفنون، ونقابة المهن التمثيلية.