انطلقت اليوم /الأحد/ بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أعمال الدورة الـ 110 للجنة "البرامج التعليمية الموجهة للطلبة العرب في الأراضي العربية المحتلة"، برئاسة دولة فلسطين، وبحضور السفير الدكتور فائد مصطفـى الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية ومشاركة ممثلي الدول المعنية (مصر والأردن ولبنان وسوريا وفلسطين) والمنظمات العربية والإسلامية والدولية المعنية بالشأن التعليمي في الأراضي المحتلة.
ويستعرض الاجتماع على مدى ثلاثة أيام التقارير حول البرامج التعليمة الموجهة وتطوراتها، ودور اللجنة في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للعملية التعليمية في الأراضي العربية المحتلة، وسير العملية التعليمية في مدينة القدس، ومتابعة سير البرامج التعليمية الإذاعية والتلفزيونية الموجهة، وظروف الإنتاج والبث والاستقبال، وتنسيق وتطوير التبادل الإذاعي والتلفزيوني، وتقرير لجنة الاستماع والمشاهدة والتدريب والتأهيل.
وقال السفير الدكتور فائد مصطفـى الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية - خلال كلمته الافتتاحية - إن أعمال هذه الدورة تأتي في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، على الرغم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي بعد عامين من حرب الإبادة التي نفذتها وما تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، والتي أدت إلى استشهاد وفقدان واعتقال وجرح قرابة 250 ألفا، وتدمير أكثر من 88% من مباني ومنشآت قطاع غزة، وذلك باستخدام سياسة القصف الممنهج، والتدمير الشامل للأحياء السكنية والبنى التحتية ومراكز الإيواء ومنظومة الخدمات التعليمية والصحية والإنسانية، والتهجير القسري، والتجويع.
وأضاف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ سياساته العدوانية في القدس المحتلة واقتحام وتدنيس باحات المسجد الأقصى المبارك، وكافة المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، في نفس الوقت الذي تواصل فيه عصابات المستوطنين المسلحة وبدعم مباشر من جيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة ممارسة الإرهاب والاعتداءات المتواصلة في إطار سياسة الاحتلال الرسمية الممنهجة في حرق واقتلاع وتدمير الممتلكات وفرض العزل والإغلاقات، ناهيك عن تنفيذ الإعدامات الميدانية وحملات الاعتقال، والتهويد وممارسة التمييز العنصري، وتوسيع نطاق عملياته الاستعمارية، حيث تسبب العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية ومنذ السابع من أكتوبر 2023 في استشهاد قرابة 1070 مواطنا واصابة أكثر من 11 ألف جريح، واعتقال أكثر من 20 ألف مواطن.
وأبرز أن قطاع التعليم وكل مكوناته كان في مقدمة القطاعات التي تعرضت للاستهداف الإسرائيلي التدميري، ما أسفر عن كارثة كبيرة بحجم الخسائر البشرية والمادية التي طالت مكونات التعليم كافة، حيث يواجه قطاع التعليم في فلسطين تحديات جسيمة تضع جيلاً كاملاً أمام خطر فقدان حقه في التعليم وسط تحذيرات متزايدة من منظمات دولية متخصصة بشأن انعكاسات كارثية محتملة على المجتمع الفلسطيني، إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لإعادة تأهيل المدارس والجامعات وضمان بيئة تعليمية مناسبة.
ونوه بأن استهداف التعليم في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبخاصة في غزة لا يمكن اعتباره مجرد انعكاس جانبي للحرب أو نتيجة عرضية للأزمات، بل هو جزء من مخططٍ ممنهج يهدف إلى طمس الهوية الوطنية الفلسطينية وتفريغ الأجيال من وعيها وثقافتها وانتمائها.
وتابع قائلا: "ومن هذا المنطلق فإن مسؤولية إنقاذ التعليم لا تقع على جهة بعينها بل هي واجب وطني وإنساني وأخلاقي مشترك يتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات المحلية والدولية والمجتمع المدني والأسر لدعم الطلاب والمعلمين وإعادة إعمار المدارس وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومستقرة.
ولفت مصطفى إلى أن حرب الإبادة أدت إلى استشهاد نحو 13,500 طالب وطالبة، فيما حُرم أكثر من 785,000 طالب وطالبة من حقهم في التعليم بسبب السياسات الإسرائيلية الممنهجة، كما فقد أكثر من 800 معلم ومعلمة وكادر تربوي حياتهم، إلى جانب نحو 190 عالمًا وأكاديميًا وباحثًا، و تعرّضت مدارس قطاع غزة لأضرار مادية واسعة نتيجة القصف والهجمات الإسرائيلية، حيث لحقت أضرار بنسبة تقارب 95% من إجمالي المدارس، بينما يحتاج أكثر من 90% من المباني المدرسية إلى إعادة بناء أو تأهيل رئيسي قبل أن تتمكن من العودة للعمل بشكل طبيعي.
واستطرد قائلا: "وبينما تتجه كل الأنظار إلى قطاع غزة، فانه في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، تعطلت إمكانية الحصول على التعليم فيهما وسط تصاعد العنف في الأشهر الأخيرة، فقد تأثر حوالي أكثر من 780 ألف طالب بالقيود المفروضة على الحركة، وتزايد العنف، والخوف من مضايقات المستوطنين والقوات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر 2023.
وشدد على أن واقع حال التعليم في القدس المحتلة ما زال تحت وطأة سياسات الأسرلة والتهويد، في معركة مستمرة ومتجددة، والتي تستوجب تدخل كل المعنيين من دول وهيئات ومنظمات رسمية وأهلية للالتفات لمدى التحريض والعنف ومستوى مضامين العنصرية بالمناهج الإسرائيلية، التي تشكل انتهاكاً جسيماً وخطيراً للمواثيق الحقوقية الدولية، وانتهاكاً للاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
وأوضح أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تؤكد أهمية الاستمرار في توفير الدعم العربي والدولي للعملية التعليمية في فلسطين، بما يسهم في ضمان استمرار تقدم المسيرة التعليمية وتحسين جودة التعليم لأبناء فلسطين.. وتابع "وبهذا المقام نجدد التحية والتقدير لوزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، وقطاع التعليم وبرامجه المختلفة في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، على جهودهم الكبيرة في محاولات تعويض الفاقد التعليمي من خلال برامجهم المتنوعة في ظل هذه الظروف الصعبة والمصيرية".
وأعرب عن ثقته في أن توصيات هذا الاجتماع التي ستتخذها اللجنة ستساهم بشكل فعال في التصدي لمحاولات تدمير العملية التعليمية التي تمارسها إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، بما يسهم في تحقيق تقدم المسيرة التعليمية وتحسين جودة التعليم للفلسطينيين، ليواصلوا بناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.