نشرت الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، أول مسودة للنتائج المحتملة لمؤتمر المناخ "كوب 30" المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية، وتتناول الوثيقة المنشورة على الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة القضايا الأربع الكبرى التي تعد شديدة التعقيد ولم تدخل ضمن جدول أعمال قمة المناخ.
تضمنت المسودة خيارات تشير بوضوح إلى "التخلي عن الوقود الأحفوري"، وهو الملف الذي كان يمثل القرار الرئيسي الصادر عن مؤتمر "كوب 28" في عام 2023، لكنه خضع للتجميد العام الماضي في قمة باكو، واقتصر النقاش حوله في بيليم على اللقاءات الجانبية حتى الآن، بحسب ما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وجاء النص الجديد في صورة تطوير لـ"المذكرة" التي بعث بها رئيس مؤتمر كوب البرازيلي أندريه كوريا دو لاجو، ليلة الأحد الماضي، ولكن هذه المرة بصياغة يمكن اعتمادها كقرار رسمي، وفي رسالة أخرى، ليلة أمس الاثنين، أشار دو لاجو إلى احتمال اعتماد القرار عقب اجتماع وزاري، غدا الأربعاء، في خطوة ستكون سريعة بصورة غير مسبوقة، لكنها تبدو شبه مستحيلة عمليا.
وتكشف المسودة إلى أي مدى ما زالت الدول بعيدة عن الاتفاق حول القضايا الأربع؛ التمويل، الشفافية، التجارة، والاستجابة لفشل الخطط المناخية الوطنية الحالية، في الحفاظ على هدف الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، خاصة مع استمرار النقاشات حول هذه الملفات منذ ما قبل بدء المؤتمر، الاثنين الماضي، بينما تعكس تعددية الخيارات حجم الخلافات المتبقية.
وتتضمن المسودة نصا يسمح بمراجعة سنوية للخطط المناخية الوطنية بهدف تقويتها بما يتماشى مع هدف الـ1.5 درجة مئوية، ويعيد هذا الطرح إلى الأذهان اتفاق جلاسكو في "كوب 26" عام 2021 الذي دعا إلى "تسريع" وتيرة رفع الطموح، عبر تقديم نسخ محدثة من الخطط بوتيرة أقرب من الدورية الخمسية الملزمة وفق اتفاق باريس، وهو ما لم تلتزم به سوى دول قليلة للغاية.
وتطرح المسودة خيارا آخر هو إنشاء "مسرع عالمي للتنفيذ"، كآلية طوعية تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي ودعم تنفيذ الدول لتعهداتها المناخية، كما تطرح خيارا ثالثا هو "خارطة طريق بيليم نحو 1.5 درجة مئوية"، توضح ما يجب القيام به لوضع العالم على المسار الصحيح لتحقيق أهداف قمة باريس 2015.
أما الإشارات إلى "التخلي عن الوقود الأحفوري" فتظهر ضمن خيارين؛ الأول مرتبط بالاستجابة لضعف الخطط المناخية، إلى جانب التعهدات الصادرة عن "كوب 28" بخصوص مضاعفة كفاءة الطاقة المتجددة بحلول 2030، أما الخيار الثاني فيدعو إلى عقد "طاولة وزارية رفيعة المستوى" لبحث الظروف الوطنية المختلفة ومسارات التحول العادل والمنظم، بما يشمل التخلص التدريجي من الاعتماد على الوقود الأحفوري ووقف إزالة الغابات.
وظهرت أزمة تمويل خطط مواجهة تغير المناخ 26 مرة في نص المسودة، ما يعكس جوهريته بالنسبة للدول النامية المشاركة في بيليم، حيث تدعو المسودة الدول المتقدمة على تقديم خطط أوضح للتمويل، وتشمل الخيارات المطروحة عقد طاولة وزارية لتنفيذ التعهد البالغ 1.3 تريليون دولار سنويا للدول الفقيرة، والذي تم الاتفاق عليه في باكو، ويبرز أيضا اقتراح إنشاء "مرفق بيليم العالمي لإزالة المخاطر والإعداد والتنفيذ"، لتحويل خطط الدول النامية إلى مشروعات فعلية قابلة للتمويل.
بدورها، نوهت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن أن ظهور عبارة "التخلي عن الوقود الأحفوري" في مسودة رسمية يُعد تطورا لافتا، وربما معجزة صغيرة بالنظر إلى شدة المعارضة التي واجهها هذا الملف، وقد يتعرض النص للتخفيف أو الحذف، لكن بات واضحا أن هناك زخما متزايدا لإدراج شكل ما من الاستجابة لأزمة الـ1.5 درجة مئوية في مخرجات "كوب 30"، مع ربط وثيق بالتمويل الذي تصر الدول النامية على أنه شرط أساسي لتنفيذ أي التزامات جديدة.