الأحد 19 مايو 2024

رفض دعوى عدم دستورية المادة «232» من قانون الإجراءات الجنائية

13-1-2018 | 14:26

قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، اليوم السبت، برفض الدعوى التي طالبت بعدم دستورية نص المادة ( 232) من قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من أن تحال الدعوى إلى محكمة الجنح، والمخالفات بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من المدعى بالحقوق المدنية.

 

وأقامت المحكمة حكمها تأسيسًا على أن التنظيم التشريعي لحق التقاضي لا يناقض وجود هذا الحق وفق أحكام الدستور، وأن هذا التنظيم لا يتقيد بأشكال جامدة لا يريم المشرع عنها تفرغ قوالبها في صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز أن تغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حالة ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التي يباشر هذا الحق عملاً في نطاقها، وبما لا يصل إلى حد إهداره، ليظل هذا التنظيم مرنًا، فلا يكون إفراطًا يطلق الخصومة القضائية من عقالها انحرافًا عن أهدافها، ولا تفريطًا مجافيًا لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قوامًا التزامًا بمقاصدها، باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق في صورتها الأكثر اعتدالاً.

 

وأشارت المحكمة إلى أن الدستور جعل بمقتضى نص المادة (189) منه سلطة التحقيق وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، حقًا أصيلاً للنيابة العامة، عدا الحالات التي يستثنيها القانون، وفى هذا الإطار أجاز النص المطعون فيه أن تحال الدعوى إلى محكمة الجنح والمخالفات بناء على تكليف المتهم بالحضور من المدعى بالحقوق المدنية، رغبة منه في إيجاد توازن بين حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية باعتبارها نائبًا قانونيًا عن المجتمع، جبرًا للضرر العام الذى ينشأ عن الجريمة، وبين حق المدعى بالحقوق المدنية في تحريك الدعوى الجنائية الناشئة عن الفعل المخالف للقانون، بما يمثل نوعًا من الرقابة على سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية، تفاديًا لإساءتها استعمال سلطتها هذه بالامتناع عن مباشرتها دون مقتض، وتحقيقًا للمصلحة العامة، بوصف أن إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر في هذه الحالة، يُعد حقًا للمضرور، كفله له الدستور بمقتضى نص المادة (99) منه، في حالة الاعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، وكذا في حالة امتناع الموظفين العموميين عن تنفيذ الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها طبقًا لنص المادة (100) من الدستور، وكذلك ما خولته الفقرة الأولى من المادة (189) من الدستور، للمشرع من تحديد الحالات التي يجوز فيها لغير النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية، وكل ذلك عدا ما استثناه الدستور بنص المادة (67) منه، بشأن تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها، والتي قصرها في هذه الحالة على النيابة العامة وحدها.

 

كما أن النص المطعون فيه - في حدود نطاقه المتقدم - قد تضمن قواعد عامة مجردة لا تقيم تمييزًا من أي نوع بين المخاطبين بأحكامه، كما أنه باعتباره الوسيلة التي سنها المشرع لتحقيق الأهداف التي رصدها لهذا التنظيم، يرتبط بتلك الغايات ارتباطًا منطقيًّا وعقليًّا، ومن ثم يكون فيما قرره من أحكام مستندًا إلى أسس موضوعية تبرره، ولا يتضمن تمييزًا تحكميًّا مما حظر الدستور، ليضحي هذا النص غير مصادم لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، التي حرص الدستور على كفالتهما في المواد (4، 9، 53) منه.