قالت الدكتورة وفاء علي، أستاذة الاقتصاد والخبيرة في شؤون الطاقة، إن مصر تمضي بخطوات حاسمة نحو مستقبل واعد في مجال الطاقة النووية، مؤكدة أن الدولة تسعى لدخول نادي الكبار للطاقة وفق تصنيف وكالة الطاقة الذرية، لتكون ضمن الدول التي تنشئ محطات نووية سلمية متقدمة.
وأوضحت الدكتورة وفاء في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن حلم مصر النووي بدأ بعد ماراثون طويل دام أكثر من خمسين عامًا، اعتمدت خلاله الدولة على توليد الطاقة النووية، بهدف حماية مصر من الضغوط الدولية المرتبطة بملف الطاقة، وعدم الانصياع للقرارات التي تسعى لعسكرة ملف الطاقة حول العالم.
وأضافت أن مصر تشهد اليوم تطورًا كبيرًا في مسار تنفيذ مشروعها النووي السلمي، مع دخول نادي الكبار للطاقة من أوسع أبوابه، وتركيب محطة الضغط الجديدة كمرحلة أولية ضمن الجدول الزمني لتسليم المحطة في عام 2028، مع اعتماد مصر على محاور استراتيجية كبيرة للتحول الطاقي وتأمين الاستدامة الطاقوية.

وأوضحت أن هذا التقدم يعكس اعتماد مصر على محاور استراتيجية كبيرة في التحول الطاقي وتأمين الاستدامة الطاقوية، ضمن استراتيجية متكاملة تهدف إلى توسيع الاعتماد على الطاقة المتجددة، بحيث يشمل مزيج الطاقة الجديد الطاقة النووية بنسبة 3%.
وأكدت الدكتورة وفاء أن القيادة السياسية تعتبر أمن الطاقة جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وهو ما دفع الدولة لإحياء هذا الحلم النووي، موضحة أن المشروع يساهم في تحسين جودة الصناعات المرتبطة بالمحطة، بما في ذلك تصنيع المعدات الكهربائية والميكانيكية بنسبة مكون محلي يتجاوز 35% في هذه المرحلة، بالإضافة إلى تطوير مصانع إنتاج الزيوت للمحطات النووية.
وأشارت إلى أن المشروع يسهم في توفير الطاقة بأسعار مناسبة لدعم الدخل القومي، مع الالتزام بأعلى معايير الأمان والموثوقية، وتعد من أفضل المشروعات على مستوى العالم من حيث الانطلاق والبداية، رغم التحديات الهائلة والرياح المعاكسة، إلا أن الدولة اتبعت سياسة تهدف إلى تعزيز أمن الطاقة وتحقيق مزيج طاقوي متوازن لم يسبق لمصر الوصول إليه، من خلال تنويع المصادر وحماية الاقتصاد من تقلبات أسعار النفط، وخلق المزيد من فرص التشغيل للمواطنين، واستخدام الطاقة النووية في تطبيقات سلمية متعددة تشمل تحلية مياه البحر، وتطوير سلالات زراعية جديدة، وقياس عمر الأرض والآثار، والعلاجات الإشعاعية، وأيضا تخفيض الانبعاثات الكربونية في إطار استراتيجية الحياد الكربوني.
كما أكدت أن المشروع يتيح الحفاظ على الموارد الطبيعية من النفط والغاز، ويعزز ثقافة الطاقة النووية والفكر الاقتصادي المرتبط بها، من خلال التعليم الفني المتخصص الذي يخرج أجيالًا جديدة للعمل بالمحطة، بالإضافة إلى الكوادر المصرية التي تلقت تدريبها في روسيا وعادت للعمل بالمشروع، تحت السيادة المصرية الكاملة وبإشراف خبرات محلية ودولية.
وتابعت أن محطة الضبعة النووية تفتح آفاقًا جديدة للبحث العلمي وتعزيز القدرات الفكرية الوطنية، بما يدعم الاقتصاد المصري ويعزز مصادر الطاقة المتجددة ويخفض الانبعاثات الكربونية.
وشهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة في مرسى مطروح، وذلك عبر تقنية الفيديو كونفرانس، حيث شاهدا أيضًا توقيع أمر شراء الوقود النووي.
وأكد الرئيس السيسي أن محطة الضبعة تعد من أهم المشاريع القومية في تاريخ مصر الحديث، وتمثل خطوة مهمة لتعزيز أمن الطاقة والتحول إلى اقتصاد مستدام يعتمد على الطاقة النظيفة.
من جانبه، أشاد الرئيس بوتين بمبادرة السيسي في إطلاق المشروع، مؤكدًا أن الوحدة الأولى ستنتج 460 ميغاوات، وأن الشراكة المصرية-الروسية فتحت آفاقًا جديدة لتبادل الخبرات، وستزيد الطاقة بمقدار 35 ألف كيلوواط، وأضاف بوتين شكره للمهندسين المصريين والروس على جهودهم في بناء المحطة.
وأوضحت هيئة المحطات النووية المصرية أن وعاء ضغط المفاعل يعتبر مكونًا رئيسيًا يحوي قلب المفاعل، ويتميز بقدرته على تحمل الضغط ودرجات الحرارة العالية، ويضمن أعلى معايير الأمان والموثوقية.
يذكر أن محطة الضبعة تتكون من أربع وحدات، بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة، مزودة بمفاعلات VVER من الجيل الثالث المطور، وتقع على بعد نحو 300 كيلومتر شمال غرب القاهرة.