الأحد 5 مايو 2024

منير مراد.. العبقري المظلوم

13-1-2018 | 23:29

جرت العادة في الوسط الفني عند التحاق شقيقين به أن يطغى نجاح أحدهما على الآخر، رغم كفاءة الشقيقين، لكن نجاح أحدهما يسطع والآخر يأفل نجمه وتحاصره سحب التجاهل، والأمثلة كثيرة، فهناك الفنانة هدى سلطان وشقيقتها هند علام والفنان حسين رياض وشقيقه فؤاد شفيق، والموسيقار محمد الموجي وشقيقه الملحن إبراهيم رأفت، والفنانة شادية وشقيقتها عفاف شاكر.

من الملاحظ في تلك الأسماء أن نجماً علا وشقيق ذهب في طي النسيان .. فهل ظُلم منير مراد بسبب نجاح شقيقته ليلى ؟

يعد منير مراد فناناً شاملاً ، فهو ربيب عائلة فنية، فوالده المطرب زكي مراد وله ثلاث شقيقات يتمتعن بعذوبة في الصوت، هاجرت اثنتان إلى الخارج وبقيت ليلى مراد قيثارة الغناء في مصر، وحصلت على مكانة فنية ولوناً مميزاً في الغناء لم نر مثله حتى الآن، ورغم بريق الشهرة وسنوات المجد لـ ليلى مراد، إلا أنها هي أيضاَ ظلمت بأيدِ مجهولة وأجبرت على الاعتزال في قمة شبابها.

لم ينل منير مراد رغم براعته كممثل وراقص استعراضي ومطرب وملحن حقه في مجال السينما والتلحين، وقد سجل لنفسه لوناً مميزاً في عصر عمالقة التلحين أمثال محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، ومحمود الشريف والموجي والطويل وغيرهم .. وربما يعود السبب إلى ظلمه هو تعدد مواهبه التي لم يستوعبها الوسط الفني نفسه.

يعد فيلم "أنا وحبيبي" من أشهر الأفلام التي قام منير مراد ببطولتها، وفيه ظهر براعته في الفنون السابق ذكرها ويضاف إليهم دقة تقليد نجوم الفن سواء بحركات الجسم والوجه أو بتطابق نبرة الصوت، وهناك فيلم آخر قام منير ببطولته وهو "نهارك سعيد" ، وكان الفيلمان بمثابة نقلة ترفيهية للمجتمع المصري الذي أدمت مدامعه أفلام الشجن التي كان يؤديها عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش في أوائل الخمسينيات.

حرص منير مراد في موسيقاه التي لحنها أن يتخلص من الجمل الرتيبة البطيئة وأن يبتعد عن الأغنية الطويلة لمواكبة عصر جديد، لكن المجتمع لم يستوعب ذلك التطور السابق عصره، وهذا ما وصل إليه الغناء في الوقت الحالي، حيث لم يعد هناك التزاماً بمقاييس الأغنية ذات المذهب والكوبليهات الثلاثة، وهذا ما يثبت أن منير مراد كان عبقري في ألحانه التي لو تم الالتزام بمعاييرها في عصره لأصبح رائداً للتطوير الموسيقى في العصور التالية وأصبحت نهجاً يلتزم به من يعمل بالغناء من بعده.

سيرة منير مراد عامرة بالجهاد الخفي في عالم السينما والطرب، وكان الجندي المجهول لنجاح العديد من الأفلام الغنائية التي لم يمثل بها، ونكتفي بأن نوضح أنه أوتي أدوات النجاح، واستطاع أن يثبت قدراته في الرقص والتمثيل والتلحين والغناء، لكن ظلمته جماهير الفن التي دأبت على الاستمتاع بأنين فريد الأطرش وشجن عبد الحليم حافظ، ولم تشأ أن تسعد قلوبها بموسيقى وغناء وخفة دم منير مراد.