طرأت مستجدات على مسار إنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد الخطة الأخيرة التي أعلنتها الولايات المتحدة لإنهاء الصراع، حيث أعلنت كل من واشنطن وكييف، خلال الساعات الأخيرة عن إطار محدث للتهدئة، لم يعلم بعد ما سيكون موقف موسكو منه.
وجاء ذلك عقب اجتماعًا عقدت، الأحد، بين مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وأوكرانيين، لمناقشة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهادفة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في مدينة جنيف السويسرية.
يأتي ذلك التطور بعد الاتفاق الألولي الذي طرحته الولايات المتحدة، خلال الأيام الأخير، وبينما اعتبر كييف بمثابة إعلان لاستستلامها لما فيه من تنازل عن أراضي وقيود على الجيش، فإن موسكو رحبت به.
أما موسكو، فلا تزال على جهل بمضمون هذه التعديلات، حيث أكدت اليوم أنها لم تتلقى بعد خطة السلام المحدثة.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، أكدت في تصريحات، أمس الاثنين، أدلى بها المتحدث باسم البيت الأبيض، أنها عليها أن تضمن أن الروس سيقبلون هذه البنود أيضًا.
روسيا سترفض التعديلات
وفي خضم هذا المشهد المضطرب، يرجّح خبير الشؤون الروسية والمتابع لمسار إنهاء الحرب، الدكتور نبيل رشوان، أن ترفض موسكو التعديلات التي طرأت على الخطة الأمريكية لوقف الحرب الأوكرانية.
وأوضح رشوان، في حديث لـ"دار الهلال"، أن أسباب الرفض تتعلق بأن ما تطالب به الدول الأوروبية من شروط ترفضه روسيا، لا سيما ما يخص منح كييف حماية من "الناتو" عبر تطبيق المادة الخامسة من ميثاقه، وهو ما تعتبره موسكو بمثابة دخول غير مباشر لأوكرانيا إلى الحلف.
وزيادة على ذلك، توقّع أن تستمر الخلافات بين البلدين حول عدد قوات الجيش الأوكراني، والتي كانت الخطة الأمريكية الأولية تحدّدها بـ600 ألف جندي.
ولفت إلى أن مسألة "السيادة الأوكرانية" ما تزال من أشد النقاط الخلافية في مسار المفاوضات؛ فأوكرانيا قد لا تمانع من أن تترك أراضيها، غير أنها تريد ألا تعترف بأنها روسية، وهو ما يبقي باب النضال أمامها مفتوحًا في المستقبل، سواء كان عسكريًا أو دبلوماسيًا.
وأضاف رشوان أن القضاء على التيار القومي في أوكرانيا، أحد أسباب اندلاع الحرب، ما تزال روسيا تسعى لتحقيقه.
وفي المقابل، تبقى مسألة العقوبات بالنسبة لـ"موسكو" من النقاط الخلافية بين الأطراف؛ فبينما تريد روسيا رفعها بالكامل، ترفض أوروبا ذلك، لا سيما أنها هي من طرحت أن يكون إعمار أوكرانيا من الأصول الروسية المجمّدة، حسب رشوان.
ويؤكد رشوان أن وقف الحرب أصبح ضرورة لـ"موسكو"، خصوصًا أنه بحلول النصف الثاني من العام المقبل على أقصى تقدير سيصبح الوضع الاقتصادي فيها متدهورًا للغاية، أما كييف فإن اقتصادها مدمر بالفعل نتيجة الحرب في الوقت الراهن.
الأهمية الجغرافية لأوكرانيا
وفي ذات الإطار، يوضح رشوان أن أوكرانيا تعد محورًا جغرافيًا مهمًا سواء لـ"موسكو" أو لـ"واشنطن"، وهو الأمر الذي يجعل فكرة التخلي عنها صعبة بالنسبة للدول الغربية.
وأضاف أن الولايات المتحدة ليس من مصلحتها، تحت أي ظرف، أن تضيّع أوكرانيا من يديها، وكذلك الأوروبيون وحلف "الناتو"، وهو ما يجعل العملية التفاوضية شديدة الصعوبة.
هل اقترب وقف الحرب؟
كل ذلك يجعل من الصعب التنبؤ بما إذا كانت الحرب ستنتهي أم لا، أو ما إذا كان التوقف المحتمل مجرد التقاط أنفاس، لا سيما أن المشهد الميداني الحالي يمنح الأفضلية لـ"روسيا" أمام تراجع أوكراني.
"المصالح تتلاقى"
ويرى رشوان أن الولايات المتحدة تريد الانتهاء من هذه الأزمة، لأن لديها أهدافًا أخرى، حيث تصعّد في الوقت الحالي في الكاريبي ضد فنزويلا.
ويبدو لـ"رشوان" أن أوكرانيا، في نظر واشنطن، ورقة مساومة مع موسكو؛ بمعنى أن يكون تخلي روسيا عن كاراكاس مقابل تخلي واشنطن عن أوكرانيا، مستدلًا بأن الخطة الأمريكية بشأن الحرب كانت معظم بنودها تحقق مطالب موسكو.
كما يستدل بموقف روسيا في مجلس الأمن من مشروع نشر القوة الدولية في غزة الذي تقدمت به واشنطن، حيث لم تستخدم "الفيتو" ضده، رغم أنها كانت قد أعدّت مشروعًا مقابلًا.