تواصلت فعاليات الملتقى العلمي الرابع لأطلس المأثورات الشعبية "السيرة الهلالية ورواتها"، الذي يقام بديوان عام محافظة سوهاج، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، في إطار جهود الوزارة لدعم عناصر التراث الثقافي غير المادي وإبراز إسهامات رواة السيرة الهلالية عبر الأجيال.
وشهد اليوم الثاني من الملتقى جلسة بحثية بعنوان "رواة السيرة الهلالية"، بحضور د. محمد حسن عبد الحافظ، رئيس الملتقى، د. حنان موسى رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، د. الشيماء الصعيدي مدير عام أطلس المأثورات الشعبية، جمال عبد الناصر مدير عام إقليم وسط الصعيد الثقافي، وأحمد فتحي مدير عام ثقافة سوهاج، ولفيف من القيادات الثقافية والتنفيذية ونخبة من الباحثين والمتخصصين والمهتمين بالشأن التراثي.
ترأست الجلسة د. سمر سعيد، مدير معهد الفنون الشعبية بأكاديمية الفنون، واستهلها د. سامح شوقي بورقة بحثية تناولت ملامح القبيلة الهلالية كما وردت في السيرة، متوقفا عند قصة خضرة الشريفة وميلاد أبو زيد الهلالي، باعتباره رمزا للبطولة الشعبية.
كما ركز البحث على قيم الكرم والفروسية وفنون القتال لدى الهلاليين، إلى جانب التأكيد على تقديم السيرة في صيغ مسرحية وفنية جديدة تستعيد اهتمام الشباب.
من ناحيتها قدمت إسراء عبد الرحيم ورقة بحثية حول شخصية الراوي جابر أبو حسين، مركزة على أبعاد السيرة الثلاثة: المعرفي والقيمي والمهاري، إلى جانب تحليل شخصية الجازية الهلالية كنموذج نسائي قيادي له حضور مؤثر في أحداث السيرة.
واختتمت الجلسة بورقة بحثية قدمتها نهاد حلمي حول "رمزية الماء وطقوسه في السيرة الهلالية"، متناولة مشهد بركة الطير وأساطير التمني المرتبطة به، وموضحة أثر الربط بين طقوس الماء والبيئة الطبيعية في تشكيل الوجدان الشعبي.
شهدت الجلسة نقاشات موسعة من قبل الباحثين، حيث أكد د. محمد حسن حافظ أهمية التكنولوجيا في نشر السيرة الهلالية، ودعا د. مصطفى محمود إلى إعداد نماذج متعددة قابلة للتداول. وتناولت د. حنان موسى دور سيدات أخميم في السيرة، مشيرة إلى ضرورة تعريف النشء والأطفال بأحداثها.
بدورها تحدثت فاطمة أحمد عن تجربة ورش المدارس القومية في التعريف بالسيرة، بينما تحدث د. خالد الأخضر بو خالد من الجزائر عن النقد الثقافي ودوره في دراسة التراث العربي وحول رمزية الماء وربط الرموز الشعبية بالسياقاتها الاجتماعية.
وأشار الباحث البدوي قدورة العجني إلى تنوع طرق تقديم السيرة في مصر مع ثبات جوهرها، واختتمت المداخلات بطرح تجربة فاطمة أبو حمد في توظيف المسرح للكبار والأطفال لاستعادة موتيفات السيرة الهلالية.
أعقب ذلك عرض حي لرواة السيرة الهلالية، قدمه عزت القرشي وفرقته، في أجواء جسدت روح التراث الشعبي في سوهاج.
كما شهد اليوم عقد مائدة مستديرة بعنوان "جدلية الإبداع اليدوي والدور الوظيفي الحرف الشعبية"، أدارها د. أكرم مسعد.
واستهلت بورقة بحثية للفنان التشكيلي عرفة السبيكي قدم خلالها تعريفا دقيقا للحرف الشعبية وفروقها، مستعرضا صناعات الخوص، التمور، الحصير، صناعة النول، الطاقية الصوف، ومطلاع النخل.
كما أشاد بجهود إدارة الأطلس في إعادة توثيق هذه الحرف باستخدام تقنيات حديثة.
وتحدث طه إسماعيل، رئيس لجنة البحث، عن المواد الميدانية التي جمعت لإعداد أطلس الحرف الشعبية، موضحا رصد نحو 130 حرفة ومهنة، مع التفريق بينهما وتصنيف المتشابه منها.
كما قدمت سعاد شريف عرضا حول طرق الجمع الميداني وتوثيق الأدلة، مؤكدة توثيق 131 حرفة، واستعرضت أبرز إصدارات الأطلس، منها: أطلس الخبر(2005)، أطلس الموسيقى الشعبية (2007)أطلس الفخار (2024)، إلى جانب كتب متخصصة مثل: "الأولياء والقديسين" و"الحرف الشعبية المصرية".
شهدت الجلسة نقاشات ثرية حول الفروق بين الحرفة والمهنة والصناعة، شارك بها كل من د. محمد حسن، د. رشا الفوال، د. مصطفى محمود، والباحث شهاب عماشة.
وأشاروا خلالها إلى ضرورة عقد حلقات متتالية لمناقشة الحرف والمهن الشعبية بهدف الوصول إلى توصيات تدعم صون التراث المادي وغير المادي في مصر.
واختتم اليوم بزيارة ميدانية شملت عددا من المواقع التراثية والصناعات التقليدية بمدينة أخميم، بهدف توثيق الحرف المحلية وربطها بالسيرة الهلالية، وشملت زيارة: مدينة النول، وادي بئر العين وما يحتويه من صناعات تراثية، دير الشهداء، معبد ميرت آمون، مقابر الحواويش الأثرية، ومقام الشيخ شيخون المجاور للعين الطبيعية.
ينظم ملتقى السيرة الهلالية ورواتها من خلال الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية، وبإشراف الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد الثقافي، وفرع ثقافة سوهاج، وتختتم فعالياته مساء اليوم الثلاثاء، بإعلان التوصيات وذلك بمشاركة وفد من الأكاديميين المتخصصين في صون التراث الثقافي غير المادي إلى جانب باحثي الإدارة المعنيين بتوثيق السير الشعبية والروايات الشفاهية.