أعلن الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، قرارًا وُصف بأنه الأبرز هذا العام في مجال خدمة القرآن الكريم، حيث قرر إطلاق اسم الشيخ الشحات أنور- أحد أشهر قراء عصره وأمير النغم - على المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن الكريم.
ويأتي هذا القرار تقديرًا لمسيرة الشيخ الشحات محمد أنور، الذي ترك مدرسة قرآنية فريدة يقلده من خلالها آلاف القراء والمحبين حول العالم، حتى أصبح أيقونة في فن التلاوة وأحد أبرز سفراء القرآن.
نشأة الشيخ الشحات محمد أنور
ولد الشيخ الشحات محمد أنور عام 1950 في كفر الوزير بمحافظة الدقهلية، ونشأ يتيم الأب منذ أيامه الأولى، فاحتضنه خاله الشيخ حلمي مصطفى، ليكون له خير معين في حفظ القرآن وإتقانه قبل بلوغه سن الثامنة. ومنذ طفولته لُقِّب بـ الشيخ الصغير بفضل جمال صوته وتميز أدائه.
طفولة مبكرة صنعت قارئًا عالميًا
يروي الشيخ الشحات أنور في مذكراته أنه كان يتعامل مع كل لحظة تجمعه بالقرآن على أنها رحلة شغف، وكان يقرأ لزملائه في الكتّاب مستخدمًا علبة كبريت كميكروفون بدائي، ما يعكس تعلقه المبكر بالصوت والأداء. وكان يتردد على عزاء القرى ليستمع لكبار القراء ويحتك بالجو الروحاني للقرآن، وهو ما كوّن شخصيته الفنية وساعده على بناء مدرسته الخاصة لاحقًا.
وقد كان يوم 16 ديسمبر 1979 يومًا فارقًا، حين بثت الإذاعة المصرية تلاوته لصلاة الفجر لأول مرة، لينطلق صوته إلى العالم، ويبدأ فصلًا جديدًا من الشهرة الواسعة.
مسيرة قرآنية راسخة للشيخ الشحات أنور
لم يكن الشيخ الشحات أنور مجرد قارئ للقرآن، بل كان عميد أسرة قرآنية أنجبت بدورها قراءً كبارًا أبرزهم الشيخ أنور الشحات الملقب بـ الأستاذ، والشيخ محمود الشحات أنور المعروف بـ "العالمي"، وسفير دولة التلاوة.
أسس الشيخ الشحات نقابة القراء مع كبار المقرئين مثل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ محمود البنا، وتولى منصب الأمين العام للنقابة لمدة 28 عامًا، ظل خلالها في خدمة القراء وحفاظ القرآن، محافظًا على ميراث التلاوة المصرية التي تشكل جزءًا من هوية الأمة.



وقد اعتمد الشيخ قارئًا بالإذاعة المصرية عام 1979 بعد رحلة طويلة من التكوين والدراسة، إذ درس المقامات الموسيقية في المعهد الحر للموسيقى لمدة عامين ليتمكن من أسرار التلوين النغمي، وهو ما جعله أمير النغم بلا منازع كما وصفه كبار المتخصصين.
رحلة صوته من مصر إلى العالم
انتشر صوت الشيخ الشحات أنور في أنحاء العالم عبر إذاعة القرآن الكريم التي نقلت تلاوته لقرآن الفجر، فبلغ صوته الشرق والغرب، وكانت له جولات قرآنية في دول عربية وإسلامية وأوروبية وأمريكية، من بريطانيا إلى الأرجنتين وفرنسا والبرازيل ودول الخليج وإفريقيا وآسيا.
ووصفه الشيخ محمود البنا بأنه سيكون أحد أعلام التلاوة في مصر، وهو ما تحقق بجدارة عندما أصبح صوته جزءًا من الوجدان الديني لكثير من المسلمين.

شهادات العلماء في حق الشيخ الشحات أنور
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن مسيرة الشيخ الشحات أنور تؤكد أن مصر لا تزال ولادة للعباقرة في فنون التلاوة. وأكد أن الشيخ الشحات درس النغم الموسيقي بعمق مذهل، ما جعله قادرًا على الدمج بين الأداء القرآني والمقامات بروحٍ لا تتكرر.
وأما القارئ العالمي الشيخ محمود الشحات أنور فقدّم الشكر لوزير الأوقاف على إطلاق اسم والده على المسابقة العالمية، معتبرًا ذلك تكريمًا يعزز القيم الدينية والأخلاقية ويحفظ تاريخ رموز دولة التلاوة.
رحيل أمير النغم
في 13 يناير 2008، رحل الشيخ الشحات محمد أنور تاركًا وراءه إرثًا ضخمًا من التلاوات التي لا يزال محبوه يستمعون إليها حتى اليوم. وبقي اسمه حاضرًا في ذاكرة دولة التلاوة، حتى جاء قرار وزارة الأوقاف ليخلّد اسمه رسميًا في أكبر مسابقة عالمية للقرآن الكريم.
ورحم الله الشيخ الشحات أنور، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن القرآن وأهله خير الجزاء.
