ناقش اليوم الثالث من فعاليات المنتدى الرابع عشر للجامعات الخضراء، المنعقد بمدينة الأقصر، قضايا الأمن المائي وتغير المناخ، إلى جانب محاور تتعلق بدور الشباب في حماية البيئة والحد من السلوكيات الضارة، وذلك ضمن برنامج علمي وتوعوي موسع يستهدف تعزيز الوعي البيئي لدى الشباب العربي.
ويُعقد المنتدى تحت اسم «دورة العالم الجليل الأستاذ الدكتور مجدي علام»، وينظمه الاتحاد العربي للشباب والبيئة خلال الفترة من 12 إلى 19 ديسمبر الجارى، تحت شعار «التحول إلى الجامعات الخضراء»، بمشاركة 250 شابًا وفتاة يمثلون الجامعات العربية، وبرعاية وزارة الشباب والرياضة برئاسة الدكتور أشرف صبحي، وبالتعاون مع جامعة الدول العربية.
واستهلت جلسات اليوم بمحاضرة علمية ألقاها الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، تناول خلالها التحديات المرتبطة بالأمن المائي في مصر، مستعرضًا عددًا من المؤشرات والأرقام التي تعكس حجم التحدي.
وأوضح شراقي أن مصر، رغم محدودية معدلات سقوط الأمطار التي تبلغ نحو 18 مليار متر مكعب سنويًا، نجحت في تطوير سياسات متقدمة لإدارة مواردها المائية بكفاءة، بما يعزز قدرتها على مواجهة الضغوط السكانية المتزايدة. وأكد أن نهر النيل يظل الركيزة الأساسية للأمن المائي المصري، مشيرًا إلى حرص الدولة على تعظيم الاستفادة من مياهه من خلال الإدارة الرشيدة والتعاون الإقليمي، بما يرسخ مبدأ عدم الإضرار بالمياه الدولية ويعزز الاستقرار والتنمية المشتركة.
وأشار أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية إلى أن مصر تزرع نحو 10 ملايين فدان، وتنفذ مشروعات توسع زراعي كبرى، من بينها مشروع المليون فدان، ومشروع شرق العوينات، إلى جانب زراعة نحو 500 ألف فدان في سيناء، في إطار دعم جهود تحقيق الأمن الغذائي.
كما تطرق إلى ملف إعادة استخدام المياه، موضحًا أن مصر تعيد استخدام نحو 25 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي والصحي لتعويض العجز المائي.
ولفت شراقي إلى إنشاء محطة معالجة مياه بحر البقر، باعتبارها أكبر محطة معالجة مياه في العالم، بالإضافة إلى محطة معالجة أخرى بغرب الإسكندرية قاربت على التشغيل، موضحًا أن تحلية المياه تمثل مصدرًا مهمًا للمياه، خاصة في دول الخليج، كما تسهم الصوب الزراعية في تقليل معدلات استهلاك المياه.
وفي السياق ذاته، تناول الدكتور عطية الطنطاوي، عميد كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، دور التكنولوجيا الخضراء والرقمنة في تقليل الانبعاثات الكربونية، موضحًا أن أي نشاط لا يراعي البعد البيئي يمثل عبئًا إضافيًا على البيئة. وأكد عطية أن التوجه العالمي الحالي يعتمد على مصادر الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية.
وتحدث الطنطاوي عن آثار الاحتباس الحراري، مشيرًا إلى أن تقليل الانبعاثات يُعد مدخلًا رئيسيًا لمواجهة التغيرات المناخية، منوها بأن الزراعة الذكية وتطوير نظم الري الحديثة يسهمان بشكل مباشر في خفض الانبعاثات وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وأن الاعتماد على الحلول البيئية يقلل من استخدام الوقود الأحفوري ويحد من آثاره السلبية.
وشدد عميد كلية الدراسات الأفريقية العليا على أهمية ترشيد الموارد، خاصة المياه والكهرباء، متناولًا مفهوم الجامعات الخضراء ودورها في ترشيد استهلاك الطاقة وتقليل البصمة الكربونية، مستعرضًا تجربة مشتل كلية الزراعة بجامعة القاهرة كنموذج عملي لدعم الاستدامة البيئية.
من جانبها، أكدت الدكتورة جيهان البيومي، أستاذة الجغرافيا السياسية بجامعة حلوان وعضو مجلس النواب، أهمية تفعيل مفهوم البصمة الكربونية باعتباره أداة رئيسية للحفاظ على البيئة، مشددة على ضرورة إصلاح قضايا البيئة داخل النظم المختلفة ودمجها في السياسات المعمول بها.
كما أكدت الدكتورة ناهد رواس، أستاذة الجغرافيا البشرية بجامعة لبنان، أهمية ترشيد البحث العلمي وتوجيه الطلاب لخدمة القضايا البيئية، إلى جانب العمل على بناء مشروعات بيئية تسهم في مواجهة التغيرات المناخية وتقديم حلول تطبيقية قابلة للتنفيذ.
وتطرقت الدكتورة ناهد إلى دور المشروعات البيئية داخل الجامعات وأهمية تفعيل المجالس البيئية، مستعرضة مشروع الجامعة المستدامة، ومؤكدة ضرورة تقليل استهلاك الطاقة والمياه في إطار دعم جهود الاستدامة البيئية.