الخميس 18 ديسمبر 2025

تحقيقات

مصر تحدد خطوط حمراء بشأن حل الأزمة السودانية.. سياسيون: رسالة واضحة وحاسمة لحماية أمن واستقرار البلد الشقيق

  • 18-12-2025 | 16:07

الرئيس السيسي والفريق عبد الفتاح البرهان

طباعة
  • أماني محمد

تزامنًا مع زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني، جددت مصر تأكيدها على عدد من الخطوط الحمراء بشأن الموقف السوداني، ومنها الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم العبث بمقدراته ومقدرات شعبه، وكذلك الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بها، في خطوة وصفها سياسيون بأنها ذات دلالة قوية تؤكد الموقف المصري بشكل واضح وحاسم، موضحين أن البيان المصري اليوم يمثل نقطة انطلاق مهمة بشأن حل الأزمة السودانية خلال الفترة المقبلة.

 

خطوط حمراء بشأن الأزمة السودانية

واستقبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، وعقدا جلسة مباحثات مشتركة، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يجسّد تطلعات الشعبين الشقيقين نحو تحقيق التكامل والتنمية المتبادلة. واختُتمت المراسم بمأدبة غداء أقيمت على شرف ضيف مصر الكريم.

 

وفي بيان لرئاسة الجمهورية اليوم، أكدت جمهورية مصر العربية دعمها الكامل للرؤية التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان، وذلك في إطار توجهه نحو إحلال السلام وتجنب التصعيد وتسوية النزاعات في مختلف أنحاء العالم.

وأعربت مصر عن قلقها البالغ إزاء استمرار حالة التصعيد والتوتر الشديد في السودان، وما أسفرت عنه من مذابح مروعة وانتهاكات جسيمة لأبسط قواعد حقوق الإنسان بحق المدنيين السودانيين، لا سيما في مدينة الفاشر.

وشددت القاهرة على وجود خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها أو التهاون بشأنها، باعتبار أن أي مساس بها يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي السوداني.

وأكدت مصر أن الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم العبث بمقدراته ومقدرات شعبه يمثل أحد أهم هذه الخطوط الحمراء، بما في ذلك الرفض القاطع لأي محاولات لانفصال أي جزء من الأراضي السودانية، أو إنشاء كيانات موازية، أو الاعتراف بها، لما يشكله ذلك من تهديد لوحدة السودان وسيادته.

كما شددت مصر على أن الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بها يُعد خطًا أحمر آخر، مؤكدة حقها الكامل في اتخاذ جميع التدابير والإجراءات التي يكفلها القانون الدولي، واتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين الشقيقين، لضمان عدم تجاوز هذه الخطوط أو المساس بها.

 

رسائل تحذيرية مهمة

ويقول السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن البيان الصادر اليوم يحمل رسائل تحذيرية بالغة الأهمية، ترتبط أساسًا بخطوط حمراء تمسّ الأمن السوداني والأمن القومي المصري، باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، موضحا أن مصر أكدت بوضوح أنها لن تسمح بأي تحركات من شأنها تفتيت السودان أو انفصال أي جزء من أراضيه.

وأوضح، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه يُفهم من ذلك وجود إشارة واضحة إلى محاولات بعض الأطراف، وعلى رأسها مجموعة "تأسيس"، الساعية إلى إنشاء حكومة موازية، بما قد يقود إلى انفصال أجزاء من السودان، بدعم من قوات الدعم السريع وبعض القوى المشاركة في العمليات العسكرية، مشيرا إلى وجود انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، شملت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من قتل وتدمير ممنهج وهدم لمؤسسات ومنشآت الدولة، وهو ما يشكّل خطًا أحمر آخر لا يمكن تجاوزه.

وأشار إلى أن الرسائل المصرية شددت على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية وصونها، ودعم القوات المسلحة السودانية باعتبارها الضامن الأساسي لوحدة الدولة واستقرارها، مضيفا أنه تحمل هذه الرسائل تحذيرات واضحة وحاسمة، لا تقتصر على بيانات أو إشارات سياسية، بل تنطوي على استعداد للتحرك الحازم في حال تجاوز أي من هذه الخطوط الحمراء، وذلك في إطار القانون الدولي، واتفاقيات الدفاع المشترك بين مصر والسودان، فضلا عن عدد من الاتفاقيات المشتركة الأخرى ومنها اتفاقيات الدفاع العربي المشترك، وأطر التعاون بين الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر، والتي تهدف إلى تحقيق الأمن والتنمية، ومصر والسودان عضوان فاعلان فيها.

وأكد السفير صلاح حليمة أن هذه التحذيرات القوية تأتي مقرونة بدعم مصري للتحركات السياسية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الأزمة السودانية، والقبول برؤية تقوم على خارطة طريق تشمل هدنة تمتد لعدة أشهر، يليها وقف لإطلاق النار، وإعادة إحياء منبر جنيف، بما يسمح بدمج قوات الدعم السريع في إطار سياسي وعسكري منضبط، إلى جانب مسار موازٍ لمعالجة الأوضاع الإنسانية الكارثية التي خلّفتها هذه القوات، والتي تُعد من أسوأ المآسي الإنسانية في العالم.

ولفت إلى أن خارطة الطريق تتضمن مسارًا سياسيًا يقود إلى حوار شامل بين مختلف مكونات المجتمع السوداني، مرتبطًا بعملية إعادة البناء والإصلاح، بدءًا من مرحلة التعافي المبكر.

وشدد على أن البيان يمثل منعطفًا بالغ الأهمية والخطورة في تطورات المشهد السوداني، إذ تؤكد مصر من خلاله أن حديثها عن الخطوط الحمراء جاد وحاسم، وليس مجرد تحذيرات لفظية، بل رسائل واضحة مرتبطة بالأمن القومي السوداني والمصري، وبالحفاظ على وحدة السودان ومنع تكرار المآسي الإنسانية التي شهدها إقليم دارفور، لا سيما في الفاشر، وكذلك في ظل المعارك الدائرة حاليًا في شمال وجنوب كردفان، بما يستوجب تفادي تكرار الانتهاكات الإنسانية التي شهدها العالم مؤخرًا.

رؤية مصرية لحل الأزمة

ومن جانبه يقول الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن زيارة الفريق عبد الفتاح البرهان إلى مصر، تأتي في إطار العلاقات القوية والمتميزة التي تجمع بين السودان ومصر، حيث عُقدت جلسة مباحثات مشتركة بين وفدي البلدين، جرى خلالها التأكيد على الدعم الكامل من جانب مصر، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي للسودان من أجل تجاوز الظروف الاستثنائية والخطيرة التي يمر بها، والتي تشكل تهديدًا مباشرًا لأمنه واستقراره.

وأضاف في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه جرى التأكيد على ثوابت الموقف المصري، وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، وصون مؤسساته الوطنية، ووقف أعمال العنف والجرائم التي يتعرض لها الشعب السوداني، والعمل على إنهاء دوامة العنف المستمرة، موضحا أن الجانب السوداني عبّر عن تقديره الكبير للموقف المصري الداعم والمساند للسودان في هذه المرحلة الدقيقة.

وأشار إلى أن المباحثات تناولت أيضًا القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما في منطقة حوض النيل والقرن الأفريقي، مع التأكيد على أهمية التنسيق والتشاور المستمر بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بحماية الأمن المائي، كما شددت مصر على رفض الإجراءات الأحادية في حوض النيل، وضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي بما يحقق مصالح جميع دول النيل.

وفيما يتعلق بما ورد في البيان المصري حول الأزمة السودانية و«الخطوط الحمراء»، أوضح بدر الدين أن مصر أكدت أن المساس بمؤسسات الدولة السودانية يُعد تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، ويعكس ذلك الموقف المصري الثابت في التعامل مع قضايا الإقليم، وبوجه خاص مع السودان، باعتباره الجار الجنوبي لمصر، حيث إن أي تطورات يشهدها السودان تنعكس بشكل مباشر على الأمن القومي المصري.

وأشار إلى أن مصر تحرص على الحفاظ على أمن السودان واستقراره، ووحدة مؤسساته، وإنهاء أعمال العنف التي يعاني منها الشعب السوداني، وتؤكد هذه المبادئ باستمرار في تعاملها مع الأزمة السودانية، وكذلك مع مختلف الأزمات الإقليمية الأخرى.

وأضاف أن بشأن الرؤية المصرية لحل الأزمة السودانية، خاصة في ضوء المقترحات التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تقوم على دعم إيجاد حلول سلمية وجذرية للأزمة، والوصول إلى تسوية شاملة تنهي الصراع، مضيفا أن هذا التوجه يتوافق مع رؤية الإدارة الأمريكية الداعية إلى حل النزاعات والخلافات في مناطق متعددة من العالم بالطرق السلمية.

الاكثر قراءة