صدر حديثًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، كتاب "حكاية فن التحطيب المصري"، للباحث أحمد خليفة، ضمن إصدارات سلسلة "حكاية مصر"، وبالتزامن مع انطلاق فعاليات الدورة الخامسة عشرة من المهرجان القومي للتحطيب التي تقام في الفترة من 20 إلى 24 ديسمبر الجاري بساحة أبو الحجاج بالأقصر.
يعد الكتاب دراسة تحليلية توثيقية مصورة من خلال مهرجان التحطيب، ويشير خلالها الباحث إلى الأهمية الكبرى لتلك اللعبة التي تعد جزءا من التراث الثقافي غير المادي الذي تسعى هيئة قصور الثقافة جاهدة في الحفاظ عليه ونقله إلى الأجيال القادمة.
ويتناول الكتاب فن التحطيب بوصفه أحد أقدم الفنون القتالية والتراثية في مصر، ويستعرض جذوره التاريخية الممتدة إلى الحضارة المصرية القديمة، كما يوثق دوره في التدريب والطقوس الاحتفالية عبر العصور.
ويرصد الباحث تطور التحطيب حتى العصر الحديث، وارتباطه بالمناسبات الشعبية الكبرى خاصة في صعيد مصر، وكيف تحول إلى فن جماعي يجسد قيم الشجاعة والنبل والاحترام وروح المنافسة الشريفة.
كما يسلط الكتاب الضوء على العناصر الرئيسة لرقصة التحطيب، ودور العناصر الحركية والموسيقى الشعبية المصاحبة لها، مع التعريف بتاريخ شيوخ اللعبة والفرق الفنية التي شاركت في الدورة الرابعة عشرة للمهرجان بالأقصر.
كما يشمل الكتاب على شهادة المكرمين وبعض الصور التذكارية، ونبذة عن المخرج عبد الرحمن الشافعي مؤسس المهرجان.
جاء بغلاف الكتاب: إن التحطيب مرآة للمجتمع الصعيدي يكشف عن بنيته الثقافية، وعن روح التضامن والتنافس التي تجمع بين أفراده، وهو كذلك جسر يربط الماضي بالحاضر، إذ يحمل بصمات الفراعنة، كما يحمل ملامح القرية المعاصرة ومن خلاله نستطيع أن نقرأ قصة مصر الشعبية لا من خلال الوثائق الرسمية أو المدونات الأكاديمية فقط، بل من خلال جسد يتحرك، ومزمار يعزف، وجمهور يهتف ويحتفي.
ومن تقديم الكتاب نقرأ: "حين نتأمل ملامح الشخصية المصرية في عمقها التاريخي والثقافي، نجد أن القوة لم تكن منفصلة قط عن الجمال، وأن الفروسية لم تكن في يوم من الأيام مجرد صراع جسدي بارد، بل طقسا فنيا يحمل في ثناياه شحنة روحية ومعنوية، تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل.
ولعل لعبة التحطيب التي نشأت في صعيد مصر منذ قرون بعيدة، تمثل إحدى أرقى صور هذا التوازن العميق بين الصلابة والرقة، والالتزام بالضوابط، بين التحدي الجسدي والتجلي الفني، فهي ليست مجرد مباراة بالعصي، ولا مبارزة مجردة، وإنما هي فن من فنون الأداء الشعبي طقس جماعي، واحتفال بالانتماء والهوية، يتجاوز كونه مواجهة بين متبارزين ليصبح مسرحا يلتقي فيه التاريخ بالأسطورة، والمهارة الفردية بالقيم الجمعية.
وتنبع خصوصية لعبة التحطيب من بيئتها الأصلية في صعيد مصر، حيث تشكلت عبر الزمن في القرى والنجوع كرمز للقوة والاعتزاز بالنفس، ثم كفن احتفالي يزين الموالد والمناسبات العامة.
وفي مجتمع شديد التماسك مثل مجتمع الصعيد، حيث العائلة والقبيلة تمثلان مرجعية عليا للهوية، جاءت لعبة التحطيب لتعكس روح التضامن والتحدي في آن، فهي تمارس في ساحة مفتوحة على أنغام المزمار والطبول، وسط حشد من المتفرجين الذين لا يكتفون بمراقبة الأداء، بل ينخرطون وجدانيا في كل ضربة حركة، في كل التفاف حول العصا في كل خطوة يخطوها المتباريان داخل الدائرة".
سلسلة "حكاية مصر" تعني بنشر تاريخ مصر، وهي واحدة من إصدارات سلاسل الإدارة العامة للنشر الثقافي برئاسة الكاتب الحسيني عمران، التابعة للإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر د. مسعود شومان، تصدر برئاسة تحرير صبري سعيد، مدير التحرير د. انتصار محمد، سكرتير التحرير د. ماهينور فؤاد، تصميم الغلاف سمر أرز.