الخميس 16 مايو 2024

د. أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء: مؤسسة لا تتبع حاكما

8-3-2017 | 13:57

أكد الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء أن الأزهر الشريف لم يكن يوما تابعا لحاكم وعلى مر العصور وقف صامدا لا يخاف من حاكم أو يبرر له تصرفات خاطئة.

كيف ترى العلاقة بين أئمة الأزهر الشريف والحكام.. هل هى علاقة تبعية؟

الأزهر الشريف ليس تابعا لأحد، مؤسسة الأزهر لا تتبع حاكما، بل هو شعاع النور الذى ينشر كلام الله وسنة نبيه، ومؤسسة الأزهر الشريف هى عامود الأمة الإسلامية، تنشر مفاهيم الإسلام وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف يمكن أن يكون منبر الإسلام على علاقة تبعية بحاكم ما فهذا أمر لم ولن يحدث؟

وعلى مر العصور كان الأزهر الشريف صامدا لا يخاف من حاكم أو يبرر له تصرفات خاطئة.

والمحتل لم يستطع التأثير عليه فكيف يمكن لحاكم أن يجعل الأزهر تابعا له؟، مستحيل هذا بالطبع، فالأزهر حماية لنا من أى تيارات، وتلاحظ أن مصر مرت عليها فترات وعانت من الاحتلال الفرنسى والإنجليزى وغيرهما، ولم يستطع الاحتلال مطلقًا أن يؤثر عليها لأن فيها الأزهر الشريف، بعكس ما فعله الاحتلال فى الدول الأخرى مثل الجزائر وغيرها من بعض الدول التى فى اللغة والدين فيها، والدولة الوحيدة، التى لم يستطع أن يغير لغتها ودينها هى مصر، لأن فيها الأزهر، لدرجة أن بعض المؤرخين قال «من لم يذهب إلى مصر لم يعرف مجد الإسلام ولا عزه لأن فيها الأزهر».

كيف ترى علاقة رجال الدين بالحكام فى مصر؟

رجال الدين الحق ينطلقون فى الأرض من منطلق ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وكانت علاقة رجال الدين بالحكام أنهم كانوا يقدمون لهم النصح انطلاقا من قول الرسول، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، وكانوا يأمرون الناس بالبر والنهى عن المنكر، وعلاقة الأزهر بالحاكم واضحة ولا تتغير مهما اختلفت الأزمنة والعصور، فإذا كان الحاكم صالحا ويحكم بكتاب الله وسنة نبيه ويطبق الشرع فى الرعية سانده الأزهر أما إذا ابتعد عن شرع الله والشريعة الإسلامية فإن الأزهر وعلماءه يقومونه ويقدمون له النصح والإرشاد يتصدوا له.

هل يعد رجال الدين هم فقهاء الحاكم؟

لا لم يحدث ذلك مطلقا فهم على مدار التاريخ فعلماء الدين يقولون ما يطابق كلام الله وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أما من يحاول أن يكون فقيها للحكام فهم ليسوا برجال دين، بل هم طامعون فى سلطة أو مكانة ما يمن الحاكم عليه بها، وهذا لا ينطبق عليه لقب رجل دين، ونحن نعرف جيدا أنه هناك الكثير من الذين يتقربون من الحاكم تحت عباءة رجل الدين والمجتمع أيضًا يعلمهم ويعلم أن الدين برىء منهم.

هل كان الأزهر ورجاله يقدمون الصك الشرعى لتبرير تصرفات الحاكم؟

لم يحدث ذلك مطلقًا أن يقوم رجال الأزهر بتبرير تصرفات الحاكم إذا كانت خاطئة والأزهر له مواقفه الواضحة عندما يخطئ الحاكم، وكيف يقوم رجل دين ينطق بكلام الله ورسوله أن يبرر تصرفا أو قرارا خاطئا لحاكم، ومن يفعل ذلك ليسوا برجال دين ولا يمتون له بصلة، بل هم طامعو سلطة ويتخذون الدين ستارا لذلك ولابد من التصدى لهؤلاء الذين يشوهون صورة رجل الدين.

كيف ترى دور الأزهر فى العصور المختلفة بداية من العهد الملكى ثم الرئيس جمال عبد الناصر والسادات ومبارك؟

دور الأزهر واحد على كل العصور فالأزهر له طريق واحد هو السير على كتاب الله وسنة رسوله، والأزهر دوره تخريج العلماء الذين يقولون كلمة الحق ولا يخشون فيه لومة لائم، ولا شك أنه فى بعض الأحيان كان يحدث هجمات شرسة على الأزهر الشريف ولكنه كان يعرف جيدا أن يدافع عن نفسه وعن المنهج الذى يسير به.

كيف استطاع الأزهر أن يواجه الهجمة الشرسة التى تعرض لها وقت حكم جماعة الإخوان الإرهابية؟

لا شك أن مؤسسة الأزهر الشريف تعرضت لهجمة قوية فى عهد حكم الإخوان، وظهر غير متخصصين فى الدين التابعين لهم ووجدنا كما كبيرا من الفتاوى والأفكار الخاطئة، ولكن رجال الأزهر الشريف وهيئة علمائه استطاعوا أن يتصدوا لهم بكل قوة واستطاع الأزهر أن ينتصر على دخلاء الدين، الذين حاولوا أن يجعلوا هذا الدين لخدمة أهدافهم، وأتمنى أن يعود الإخوان وغيرهم من التنظيمات الإرهابية فى العودة إلى صوابهم مرة أخرى وأقول لهم كفوا عن قتل المسلمين فحرمة الدم من الكبائر، وأدعو الجميع إلى التصالح والتسامح والحياة الآمنة، والبعد عن العنف والمهاترات والمنغصات، وأن نحافظ على أمن واستقرار مصر وأن نحافظ على التنمية، لأن مصر لو ركعت لا قدر الله ضاع العالم العربى والإسلامى.

الرئيس السيسى ينادى منذ توليه رئاسة الجمهورية بتجديد الخطاب الدينى هل الأزهر قادر على ذلك الأمر؟

نعم المؤسسة الأزهرية ممثلة فى المشيخة والجامعة والمعاهد والوعاظ ومجمع البحوث الإسلامية كل هذه القطاعات، التى يشملها الأزهر قادرة، بعون الله وتوفيقه، على تجديد الخطاب الديني، فالأزهر الشريف إرادة إلهية شاء الله تعالى أن يظهر إلى الوجود بعد القرون الثلاثة الأولى، الذى تعرض فيه الأزهر الشريف لهجمة تتارية كبيرة كادت تطيح بتراث الأمة وبأصولها ومراجعها الإسلامية، ولكن شاءت إرادة الله أن ينهض الأزهر الشريف مرة أخرى ويعلو نجمه فى سماء الكنانة فاحتضن أبناء المسلمين من كل الأرض وأرسل علماءه إلى ربوع الدنيا لينشروا فيها الإسلام، وظل بعد إنشائه إلى يومنا هذا مصدرا للعلوم الإسلامية الأصيلة ينهل منها القاصى والداني، ولم يسمع أحد أبدا بأن بالأزهر إرهابا ولم يخرج من عباءته متطرف ولا إرهابى ولا منحرف لأنه قدم الكتاب والسنة تفسيرا وتوضيحا ونحن فى الأزهر قادرون على تجديد الخطاب الدينى وإعطائه دفعة قوية.

والتجديد ليس كما يرى البعض بأن الخطاب الدينى أصبح قديما ولا يناسب العصر ليس كذلك، بل يقصد بتجديد الخطاب الدينى هو توضيح الأحكام الشرعية فى المستجدات مع استخدام الآليات الحديثة، التى أفرزتها ثورة المعلومات والاتصالات من فضائيات وصحافة وإنترنت، بعد أن كانت الدعوة مقصورة على المنبر أو ندوة أو محاضرة، وأيضا لابد من تطوير الخطاب من ناحية اللغة، حيث يفترض مخاطبة الناس بلغاتهم، ومن ناحية الحوار فلابد ألا يقتصر حوار المسلمين على بعضهم البعض فقط، وإنما الحوار مع الآخر مطلوب وضروري، بحيث تصل الرسالة للعالم كله، وبذلك نضمن تصحيح المفاهيم المغلوطة.

وما مسالب الخطاب الدينى الآن؟

لا أرى مسالب فيه سوى اقتحام غير المتخصصين ساحة الفتوى وإحداث فوضى الفتاوى، هذا الذى يخشى من ورائه ويرجى مضاعفة الجهود من العلماء والدوائر العلمية والمؤسسات الدينية.