الأربعاء 24 ديسمبر 2025

أخبار

مصطفى الشربيني: التوافق مع آلية تعديل الحدود الكربونية أصبح ركيزة للأمن الاقتصادي بعد إضافة 180 سلعة جديدة

  • 24-12-2025 | 11:05

مصطفى الشربيني

طباعة
  • دار الهلال

أكد مصطفى الشربيني، رئيس الكرسي العلمي للبصمة الكربونية والاستدامة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) التابعة لجامعة الدول العربية، والمراقب باتفاقية باريس لتغير المناخ، أن التوسّع الأخير في نطاق آلية تعديل الحدود الكربونية الأوروبية (CBAM) يمثل نقطة تحول فارقة في مسار التجارة الدولية، ويعيد رسم قواعد النفاذ إلى الأسواق العالمية، لا سيما بالنسبة للاقتصادات النامية.

وعلق الشربيني، في تصريح اليوم /الأربعاء/، على إعلان المفوضية الأوروبية بشأن إضافة نحو 180 سلعة وقطاعًا صناعيًا جديدًا إلى نطاق تطبيق الآلية، أن هذا القرار يعكس تحولًا استراتيجيًا في السياسات التجارية والبيئية للاتحاد الأوروبي، ويضع معايير أكثر صرامة للمنتجات المتداولة عبر الحدود.

وأوضح أن الأثر على الاقتصاد المصري، رغم ما يحمله من متطلبات تنظيمية وفنية، يمكن أن يكون إيجابيًا على المدى المتوسط، إذا جرى التعامل معه باعتباره فرصة لإعادة هيكلة القطاعات التصديرية وتعزيز كفاءتها البيئية.

وأشار إلى أن اعتماد عدد من الصناعات المصرية على السوق الأوروبية، مثل الصناعات الهندسية، والمكونات المعدنية، والأجهزة الكهربائية، وقطع غيار السيارات، يمنح مصر فرصة حقيقية لتحديث خطوط الإنتاج، ورفع القيمة المضافة للمنتجات، وتحسين موقعها التنافسي داخل سلاسل القيمة العالمية، بما يدعم نفاذ الصادرات المصرية للأسواق الأوروبية بشروط أكثر استدامة.

وأضاف الشربيني أن آلية تعديل الحدود الكربونية تمثل حافزًا لتسريع التحول الصناعي نحو الإنتاج منخفض الكربون، بما يسهم في جذب استثمارات أجنبية نوعية في مجالات التكنولوجيا النظيفة وكفاءة الطاقة، ويدعم استقرار الصادرات المصرية ويعزز قدرتها على النمو في إطار اقتصاد عالمي أكثر التزامًا بالمعايير البيئية.

ولفت مصطفى الشربيني إلى أن الاقتصادات النامية ستواجه تحديًا مزدوجًا يتمثل في ارتفاع تكلفة الامتثال البيئي في حال غياب بنية تحتية متكاملة لقياس الانبعاثات، أو فقدان حصص سوقية لصالح دول وشركات سبقت في تبني نماذج إنتاج منخفضة الكربون، مؤكدًا أن سرعة الاستجابة لهذه المتغيرات ستكون عاملًا حاسمًا في تحديد الفائزين والخاسرين في النظام التجاري الجديد.

وشدد على أن التوافق مع آلية تعديل الحدود الكربونية لم يعد خيارًا بيئيًا أو التزامًا دوليًا فقط، بل أصبح أحد أعمدة الاقتصاد القومي، وعنصرًا رئيسيًا في حماية الصادرات، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وضمان استدامة سلاسل القيمة الصناعية، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني في الأسواق العالمية.

وأوضح أن المرحلة المقبلة تتطلب تنسيقًا وثيقًا بين الدولة والقطاع الخاص، من خلال إدماج حساب البصمة الكربونية في التخطيط الصناعي والتجاري، وبناء منظومات وطنية متكاملة للقياس والإبلاغ والتحقق (MRV)، إلى جانب ربط سياسات الصناعة والطاقة والتصدير باستراتيجية وطنية واضحة تستهدف التوافق الفعّال مع متطلبات آلية تعديل الحدود الكربونية.

وأكد الشربيني أن الدول التي تنظر إلى آلية CBAM كأداة للإصلاح الاقتصادي وليست عبئًا تشريعيًا، ستكون الأقدر على تحويل هذا التحدي إلى فرصة حقيقية للنمو الأخضر، بينما ستتكبد الاقتصادات المتأخرة تكلفة التأجيل من قدرتها التنافسية ومعدلات نموها خلال المستقبل القريب.

وعن الخلفيات الدافعة لقرار التوسيع، أوضح الشربيني أن المفوضية الأوروبية استندت إلى عدة عوامل دولية وسياسات اقتصادية، من بينها مخاوف المصانع الأوروبية من ظاهرة "تسرب الكربون" في حال استمرار دخول منتجات مستوردة غير خاضعة لتكلفة الكربون، إضافة إلى تراجع صادرات بعض السلع، مثل الألومنيوم، داخل الدول الأعضاء نتيجة تطبيق آليات الكربون الحدودية منذ عام 2023.

وأشار كذلك إلى رغبة الاتحاد الأوروبي في تعزيز تنافسية سلاسل القيمة الصناعية داخل أوروبا، عبر فرض اشتراطات بيئية أكثر صرامة على المواد الأولية والمنتجات النهائية.. لافتا إلى أن ردود فعل الصناعة والمراقبين الأوروبيين كشفت عن مخاوف إضافية، فعلى الرغم من اعتراض معظم الدول المصدّرة، ورغم اعتبار التوسيع خطوة متقدمة نحو تحقيق أهداف المناخ، فإن عددًا من ممثلي القطاع الصناعي الأوروبي رأوا أن القائمة الحالية للمنتجات المضافة لا تزال غير شاملة بالقدر الكافي لسد الثغرات القائمة.

واختتم الشربيني بالتأكيد على أن هذه التطورات تمثل تحديات جديدة أمام المصدّرين على مستوى العالم، وتفرض تبني استراتيجيات واضحة لخفض انبعاثات الإنتاج، وتحسين نظم التقارير والإفصاح البيئي، لتفادي أعباء ورسوم كربونية مرتفعة قد تعيق النفاذ إلى الأسواق الرئيسية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة