الثلاثاء 30 ديسمبر 2025

توك شو

التراث بين القبول والرفض.. طاهر زيد يوضح المنهج الصحيح للتعامل مع الموروث الإسلامي

  • 29-12-2025 | 20:14

الافتاء

طباعة

قال طاهر زيد، مدير وحدة الحوار بدار الإفتاء المصرية، إن قضية التراث من أكثر القضايا المثار حولها الجدل في الواقع المعاصر، حيث تتردد يوميًا دعوات متباينة بشأنه، ويتساءل كثير من المسلمين عن موقفهم من التراث: هل هو كله مقبول أم كله مرفوض؟ موضحًا أن الإجابة عن هذا السؤال تتطلب فهمًا دقيقًا لمعنى التراث وحدوده.

وأوضح خلال حلقة برنامج "مسارات"، المذاع على قناة الناس، اليوم الاثنين، أن التراث – ببساطة – هو المنظومة الفكرية التي ورثها المسلم عن من سبقوه، وأن كل ما كان موجودًا قبلنا يُعد بالنسبة لنا تراثًا، سواء كان نصوصًا مقدسة كالقرآن الكريم والسنة النبوية، أو نصوصًا غير مقدسة مثل آراء العلماء وأقوالهم واجتهاداتهم، مؤكدًا أن هذا التراث ليس درجة واحدة من حيث الثبوت أو الدلالة.

وأشار إلى أن المنهج الذي يتعامل به المسلم مع نصوص الوحي يختلف عن المنهج الذي يتعامل به مع آراء العلماء، لافتًا إلى أن واحدة من أخطر مشكلاتنا المعاصرة هي مشكلة المنهج، حيث يلجأ كثير من الناس إلى الانتقائية، فيجعلون أذواقهم الشخصية – التي تختلف من شخص لآخر – هي الحَكَم على التراث، دون وجود آليات أو ضوابط علمية للفهم الصحيح.

وأكد طاهر زيد أن على المسلم في البداية أن يفرّق بين ما هو قطعي وما هو ظني في نصوص الوحي، موضحًا أن النص القرآني قطعي الثبوت كله، ولا يجوز التشكيك في صحته أو نسبته إلى الله، أما دلالته فهي مجال للفهم والاجتهاد، كما بيّن أن السنة النبوية تضم ما هو قطعي وما هو ظني من حيث الثبوت والدلالة، وأن القطعي منها نسبة قليلة.

وأوضح أن آراء العلماء واجتهاداتهم تدور في إطار فهم النصوص وكيفية تطبيقها، وهي بطبيعتها مجال للأخذ والرد والمناقشة، حتى داخل التراث نفسه، مشددًا على أن التراث لا يمكن التعامل معه على أنه كتلة واحدة لا تقبل التفريق، لا في الفهم ولا في التطبيق ولا في آليات التعامل.

وحذّر من الوقوع في أحد طرفي النقيض، مؤكدًا أن القبول المطلق لكل ما ورد عن الأوائل دون فهم أو إدراك سيقود إلى مشكلات كبيرة، كما أن الدعوة إلى قطيعة معرفية كاملة مع التراث ستؤدي إلى مشكلات أشد، معتبرًا أن كلا الاتجاهين يفتقد المنهج السليم.

وأكد على أن الحل يكمن في إعادة استكشاف المنهج الصحيح للتعامل مع التراث، عبر تثبيت ما هو ثابت، ووضع آليات منضبطة لفهمه، بما يمكّن المسلم المعاصر من تحديد موقف متوازن لا يقع به في تطرف أو تفريط.

أخبار الساعة