الثلاثاء 21 مايو 2024

هل يستطيع القضاء فك شفرة تزاوج السلطة برأس المال في قضية عز؟

8-3-2017 | 20:37

 

لا تزال مجموعة أحمد عز لحديد التسليح والصلب تستحوذ على 67% من سوق الحديد في مصر، منذ استحواذ عز على حصة الـ51% من حديد الدخيلة عام 2006، وهو اللاعب الأول في سوق حديد التسليح في مصر، ولن ينسى جميع العاملين في قطاع التشييد والبناء، أزمة وصول سعر الحديد للأكثر من 5 آلاف جنيه للطن، في الوقت الذى كانت تشهد مصر طفرة كبيرة في أعمال التشييد والبناء وتزامنا مع برنامج الإسكان الاجتماعي الأول الذى تم إطلاقه عام 2005،الذى استهدف نصف مليون وحدة سكنية.

السؤال الذى تدور حوله منذ عام 2006 هو الدعم السياسى الذى حصل عليه عز ليستطيع الاستحواذ على هذه الحصة من سوق الحديد، عز الذى بدأ في منتصف التسعينيات خطين متوازيين في السياسة والبيزنس، الأول بتأسيسه مصنعه الأول حديد عز عام 1994، قدم نفسه كأمين عام للحزب الوطنى الديمقراطى "الحزب الحاكم" في مدينة السادات بمحافظة المنوفية.

وسبق ذلك خطوات تخليه عن هوايته وهى عزف "الدرامز" مع أصدقائه في الجامعة، فهو مواليد 1959، ودرس الهندسة في جامعة القاهرة ثم سافر إلى ألمانيا لاستكمال دراسته هناك ثم عاد، ليبدأ رحلة البيزنس الذى ورثه عن والده عبد العزيز عز أحد أشهر تجار الخردة في منطقة السبتية بقلب القاهرة.

يبدو أن هذه الخطوة كانت بناء على نصيحة صديق والده فريد خميس رجل الأعمال الذى عرف عنه حجم نفوذ قوى في عالم البيزنس وقربه من رموز نظام مبارك والذى كان أحد بوابات مرور أحمد عز لعام المال والسياسة.

وشهدت حياة أحمد عز خلال فترة دراسته فى الجامعة بعض الصدف التى ساقتها له الأقدار منها تعرفه على نجلى الرئيس مبارك جمال وعلاء وربطتهما علاقة الصداقة لسنوات طويلة، قبل ظهور كلاهما في المجال العام والنشاط السياسى، فعلاقة الصداقة بينه وبين جمال مبارك تحديدا جعلت من عز أمين سر لجمال مبارك، وجعلت نجل الرئيس السابق يستخدمه كرأس حرب في معركة نجل الرئيس مع الحرس القديم للسيطرة على الحزب الحاكم.

مواجهة تحديات الألفية الجديدة كانت كلمة السر التى أطلقها مبارك في خطابة خلال عام 2000 في الاجتماع المشترك للبرلمان بغرفتيه "الشعب والشورى"، حيث بدأ من هناك الحديث عن الشباب وتجديد الدماء داخل النظام وأروقة الحكم واللجوء إلى التكنولوجيا الحديثة والبحث عن الكوادر الشابة لتكون مصر قادرة على مواجهة تحديات الألفية الجديدة.

معركة الصقور والحمائم أو الحرس القديم والإصلاحيين كما كانوا يحبون أن يطلقوا على أنفسهم، الحرس القديم هم الكوادر التاريخية للحزب الوطنى الذى أسسه الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وكان يقود هذا الفريق الدكتور زكريا عزمى والدكتور كمال الشاذلى والدكتور فتحى سرور، وفى المقابل مجموعة جمال المبارك وكان أبرز اللاعبين إلى جواره أحمد عز.

"حكومة التكنوقراط " مصطلح استطاع عز أن يصدره للرأى العام، على اعتبار أن ذلك اعترافا ضمنيا بالمشكلات التى تواجه مصر، وأن مصر تحتاج إلى روح جديدة لمواجهة هذه المشكلات، وبدأ الترويج إلى أن مصر تحتاج إلى وزراء ليسوا سياسيين ولكن أكاديمية وأصحاب خبرات عملية في قطاعاتهم، حتى تم تكليف حكمة الدكتور أحمد نظيف والتي عرفت اعلاميا بحكومة رجال الأعمال، فجميع الوزراء كانوا رجال أعمال وتم تكليفهم بالحقائب الوزارية المرتبطة بالبيزنس الخاص بكل منهم.

بالتوازي أستطاع عز أن يحتل منصب أمين التنظيم للحزب الوطنى الديمقراطى ليكون بذلك المنصب سيطر على مفاصل الحزب الحاكم، وكسب كرسى بمجلس بأمانة السياسات بالحزب والتى كان يرأسها جمال مبارك، استطاع عز من خلال منصب أمين التنظيم من هندسة برلمان 2010 الذى كان برلمانا ذى أغلبية موالية ومؤيدة مستغلا إمكانيات الحزب من كوادر ومقرات وميزانيات، وهى نفس الأدوات التى استند إليها خلال الانتخابات الرئاسية الأولى عام 2005، والتى أجريت عقب تعديل دستور 1971، وتقليص الفترات الرئاسية.

كان نفوذ عز قويا حتى أنه استطاع أن يتلاعب في معادلات تقييم الأسهم الخاصة بالشركات، وطريقة حساب الخسائر والارباح وإضافة فروق الأسعار، وصدر المعايير والآليات تفصيلا على مقاس عز، حتى تم تقييم أسهم شركة حديد الدخيلة بأقل من قيمتها الفعلية، بهذه المعايير المغلوطة وغير المنضبطة، وتدخل عز ليقتنص فرصة التقييم غير العادل للأسهم، واستحوذ على حصة الـ51% من الشركة، ثم تم إلغاء هذه المعايير والعدول عنها بحجة اكتشاف أخطاء في معادلاتها الحسابية .

منذ استحواذ عز على مصنع الدخيلة عام 2006 وقضية الاحتكار الأولى التى تم تحريكها ضده في 2007، لم يستطع أحد كشف حجم هذا التلاعب في المستندات بسهولة، وأحتاج الأمر لشهور طويلة بل سنوات من التحقيق للوصول إلى التكييف القانوني للجريمة التى ارتكبها عز في حق الشعب المصرى واستغلاله لنفوذه السياسى والاستمرار في الممارسات الاحتكارية ضد الشعب المصرى.

فكان يستغل عز صعوده السياسي ليخدم على توسعة نفوذه الاقتصادي، وظلت هذه الإمبراطورية مسيطرة سياسيا واقتصاديا حتى عام 2011، ففي أعوام 2007 -2008 حاول المهندس رشيد أحمد رشيد مقاومة هذه الإمبراطورية وقام بتحويل ملف قضية احتكار عز لسوق الحديد والاستمرار في الممارسات الاحتكارية، وبدأ جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار في التحقيق في الأمر، ولكن حجم النفوذ السياسي لعز عطل كل هذه الإجراءات.

حتى جاء قرار المحكمة أول أمس بالتحفظ على أحمد عز ورئيس هيئة التنمية الصناعية الأسبق على ذمة تحقيقات القضية المعروفة إعلامية باحتكار الحديد والتى يواجها فيها تهم الاستيلاء على المال العام وإهداره بما قيمته 660 مليون جنيه من خلال التلاعب في تراخيص تشغيل مصانع الحديد والصلب.