من الطبيعى أن من يزرع شجرة ينتظر ولو جزءا
من ثمارها، وليس من المنطق أن يزرع شخص ويرعى، وينعم شخص ثانِ بجهود الآخرين، تلك
هي المعادلة التي جنت على مستقبل الطفلة المعجزة فيروز، التي تحل ذكرى رحيلها
اليوم.
ظهور
الموهبة
ينسب الفضل في اكتشاف موهبة الطفلة فيروز
إلى الفنان إلياس مؤدب، وكان صديقاً لوالدها ويتردد على منزله، وكانت الطفلة فيروز
ذات الخمس سنوات تقوم بحركات راقصة وتقليد لنجوم الفن أمام والدها وصاحبه إلياس، ما
دعا الأخير أن يقتنع تماماً بأن تلك هي نجمة المستقبل.
أقيمت مسابقة في أحد الملاهي الليلية لاكتشاف المواهب الفنية، حضرها العديد من
المنتجين ورجال الفن، فقرر إلياس مؤدب أن تشارك فيروز الطفلة في تلك المسابقة،
وعندما جاء دورها بهرت الحضور بموهبتها ووصلت أخبارها إلى الفنان أنور وجدي.
أنور
يزرع ويغامر وحده
قرر أنور وجدي أن يرى تلك الطفلة الموهوبة، وعند لقائه بها اتخذ قراره بأنها ستصبح
نجمة أفلامه التالية، لكن شريكه الموسيقار محمد عبد الوهاب خشى المغامرة وأعلن لأنور
أنه ليس مستعداً للخسارة، فقرر أنور أن يتولى الأمر وحده، فحاسته الفنية أكدت له
أن الطفلة نجمة المستقبل.
وقع أنور وجدي عقدا مع والد الطفلة، وأصرّ والدها أن يكون العقد لثلاث سنوات فقط،
بدأ أنور على الفور في جلب معلم الرقص إيزاك ديكسون وخبراء في التدريب والتعليم
لإعداد الموهبة لفيلمه الأول "ياسمين" عام 1950.
الطفلة
المعجزة تبهر الجماهير
مع عرض الفيلم الأول للطفلة فيروز، دوى النجاح الساحق في أرجاء الوطن العربي
للفيلم، وأشار بعض الصحفيين آنذاك أنهم لم يصدقوا في أول الأمر دعاية أنور وجدي عن
الفيلم واعتقدوا أن بها مغالاة، وعند رؤيتهم للفيلم تأكدوا من موهبة الطفلة
وسارعوا في تأكيد نجاحها صحفياً.
أنتج أنور وجدي الفيلم الثاني عام 1951 وهو فيلم "فيروز هانم" وحقق
أيضاً نجاحاً، ما أكد إمكانات الطفلة فيروز، وفي العام التالي شاركت في فيلم صورة
الزفاف الذي خفض أسهم نجاحها السابق لأن الفيلم لم يعتمد على ما أظهره أنور وجدي
في فيلميه السابقين وهو موهبة الطفلة نفسها.
دهب..
نهاية الذهب
أعاد أنور وجدي للطفلة فيروز بريقها من خلال فيلم "دهب" الذي أنتجه لها
وعرض في 22 مارس 1953 ومن المؤكد أن ذلك الفيلم هو آخر نجاح ساحق لفيروز، فقد
انتهى في نفس العام تعاقده مع والد الطفلة الذي رفض تجديد العقد ليستثمر هو النجاح
الذي بدأه أنور وجدي، ولم يجنِ أنور إلا القليل، ما زرعه لبزوغ تلك الموهبة
المعجزة.
أنشأ والد فيروز شركة إنتاج باسم فيروز وأنتج لها فيلم "الحرمان" الذي
عرض في أول أكتوبر 1953 ولم يكن الفيلم بمستوى أفلام أنور وجدي، وعلقت فيروز آنذاك
للصحف بأن عدم إقبال الجمهور على الفيلم سببه أنور وجدي، الذي استاء من تعنت
والدها بعدم تجديد العقد فأحضر بعض الأشخاص ليجعل الجمهور ينصرف عن الفيلم.
نهاية
الطفولة وبداية الشباب
في بداية الصبا شاركت فيروز شقيقتيها نيللي وميرفت بطولة فيلم "عصافير
الجنة" عام 1955، ثم شاركت إسماعيل يس بطولة فيلم "إسماعيل يس
للبيع" عام 1957، وهي على أعتاب الشباب شاركت فيروز في ثلاثة أفلام وهي
"أيامي السعيدة" و"إسماعيل يس طرزان" وآخرها "بفكر في
اللي ناسيني" عام 1959 , ولم تحقق تلك الأفلام النجاح الباهر الذي بدأه أنور
وجدي.
من المؤكد أن عدم تجديد العقد مع أنور وجدي أضر كثيراً بتلك الموهبة، التي لو ترك
لأنور استثمارها لظهرت سلسلة من الأفلام تحقق نفس نجاح أفلامه الثلاثة، فتاريخ
السينما يشهد له بنبوغه وعبقريته السينمائية، وقد رأت الشابة فيروز أن نجمها بدأ
يأفل فآثرت أن تعتزل وهي في قمة الشباب لتحافظ على ما حققته من نجاح في طفولتها.