الجمعة 27 سبتمبر 2024

أحزاب (الكوبي بست )..وانتخابات الرئاسة

2-2-2018 | 01:33

مجدى سبلة

سواء كان قد ترشح السيد البدوى رئيس حزب الوفد لرئاسة الجمهورية أو لم يترشح بعد أن رفضت لجنتة العليا الدفع به للترشح فى مواجهة الرئيس عبد الفتاح السيسى، يمكن أن نقول إن بوصلة الأحزاب السياسية المصرية كادت تتجه فى الاتجاه الصحيح عندما تعلن عن مرشحين أكفاء لرئاسة الدولة من الأحزاب المصرية لكنها سرعان ما عادت إلى سيرتها الأولى وما زالت تلك الأحزاب لا تقرأ ان الأصل فى الديمقراطية هى التعددية الحزبية، وأن الأصل فى تعريف كلمة «حزب سياسى» أى حزب كما نصت الأكاديميات «هو مجموعة من الأفراد تتفق على فكر معين فى إطار تنظيمى معين بهدف الوصول إلى الأغلبية» منطقياً أن يترشح السيد البدوى أو غيره من أى من الأحزاب التى لها الحق فى الدفع بمرشح لسباق الرئاسة، وأيضاً من حق المستقلين الذين يجدون فى أنفسهم معايير الترشح أن يترشحوا، لأن المعروف فى كل التجارب الديمقراطية فى العالم هو تنافس مرشحى الأحزاب على رئاسة بلادهم، باستثناء بعض الظروف الطارئة للبلاد التى تراها الشعوب مناسبة لما تمر بها بلادهم وإن كانت أنجح التجارب هى البلاد التى تستقر على حزبين أو ثلاثة وتتنافس لخدمة شعوبهم ببرامج إصلاحية وتكون هذه الأحزاب لها خبرة وتاريخ طويل فى الممارسة السياسية ولديها مبادئ وبرامج وأفكار ثابتة وواضحة جذبت الأغلبية من شعوبهم.


بغض النظر عن حزب الوفد وتاريخه المشرف الذى لا ينكره لأنه حزب خرج من رحمه زعامات وقادة ومعارضون أكفاء، إلا أننا نلاحظ عواراً سياسياً واضحاً فى الممارسة السياسية الحزبية به مثل باقى الأحزاب السياسية المصرية بصفة عامة القديمة منها والجديدة، أولها أنها لم تنجح منذ سنوات فى إفراز قادة سياسيين صالحين للترشح لرئاسة الجمهورية وعجزت هذه الأحزاب عن أن يكون لديها كوادرها وقواعدها الشعبية فى الشارع لكنهم متفوقون فقط فيما نسميه «الجعجعة السياسية» التى تظهر فى وسائل الإعلام ولم يكن لهذه الأحزاب نجاحات على الأرض، ولم تكن هناك مؤشرات نجاح لأى من الـ١٠١ حزب الجديد خرجت علينا بعد ثورة ٢٥ يناير وما هى إلا أحزاب على الورق ومقارات عبارة عن شقق ربما مفروشة وسكرتيره وماكينة تصوير وكمبيوتر.


الأمر الذى ينعكس على غياب المعارضة الموضوعية التى نحتاج إلى سماعها فى مجالسنا النيابية والمحلية المنتظرة لأن أى دولة مستقرة تحتاج إلى معارضة رصينة وقوية مبنية على آراء وطنية إصلاحية تصب فى خانة الدولة لترسيخ مفهوم الممارسة الديمقراطية السليمة.


والغريب أن التجارب الحزبية لم تنجح فى طرح مرشح واحد لديه القدرة على حشد الجماهير خلفه، ونظراً لعجزهم نجدهم يرددون أكاذيب أن الدولة بأجهزتها تقف وراء مرشح واحد، فى حين لو أن وراءهم قواعد تنظيمية وشعبية كاسحة سوف يفرضون نجاحهم على كل ما يحتجون به، لأن النجاح عبارة عن صوت انتخابى،مع العلم بأننا لم نعد نرى منعا للناخبين أثناء الإدلاء بأصواتهم، وبالتالى إذا كان للأحزاب ناخبون يمثلون الأغلبية سوف يحصلون عليها لكن للأسف نرى بعد فشلهم فى الحصول على الأصوات بسبب عدم إقناع برامجهم للجماهير يحتجون بأن أجهزة الدولة تقف ضد مرشحى الأحزاب. وينسون أن الصندوق هو الحكم وكلمة المواطن هى العليا فى النهاية.


بالرغم من أننا ننتظر أن تشارك الأحزاب السياسية فى الانتخابات الرئاسية بمرشحيها لكى يصبح لدينا مناخ ديمقراطي بأن مصر بها أحزاب وأشخاص قادرون على أن يصدروا رسالة للعالم كله أو على الأقل يقدموا نفس الرسالة للكارهون أن مصر بها قادة وسياسيون يمتلكون المنافسة من خلال أحزابهم، وأيضاً يقدمون صورة أخرى بأن مصر وقت المحن على قلب رجل واحد ويقدمون صوراً بأن مصر نموذج يجب أن يحتذى به أمام العالم كله. وأن المصريين يدركون حجم المؤامرات التى تحيط بمصر وبالمنطقة العربية.


وأيضا السؤال الذى يطرح نفسه كذلك أن مصر تحتاج إلى معارضة وطنية تخرج من بطون الأحزاب الشرعية المبنية على تنظيم حزب له مبادئ وبرامج وتعريف يهدف إلى أغلبية شعبية، وعندما يحقق حزب أى حزب شعبية ويمكنه وضع برامج ومبادئ حتى لو خسر الانتخابات يمكنه خلق كوادر للمعارضة السياسية إذا استمرت هذه المعارضة بموضوعية وببرامج وأفكار أفضل يمكنها أن تحقق شعبية أوسع إلى أن تصبح مسيطرة على الأغلبية فى وقت مناسب وتصل إلى الحكم بطريقة سياسية تتقبلها أغلبية الشعب، لكن يبدو أننا سوف نتأخر كثيراً لأن الأحزاب الموجودة الآن قديمها وحديثها لم تقدم بوادر نجاح سياسى حتى الآن.


لأن هناك مواقف سلبية واضحة تخرج من الأحزاب المصرية، مرة تطالب بالمقاطعة للانتخابات ومرة تطالب بتوحد الأحزاب لاختيار مرشح معين للدفع به فى انتخابات الرئاسة ومرة نسمعهم يصدرون رسائل سلبية بأن النظام الحالى لن يمكنهم من خوض الانتخاب، ومنهم من يرى أن المرشح عبد الفتاح السيسى فرض ولايته الثانية بإنتاج غزير من المشروعات التنموية الكبرى وكذلك بخطط مواجهته للإرهاب لدرجة أنه أصبح مطلباً شعبياً لا يستدعى عمل انتخابات لدرجة أنه من جملة هذه الأحزاب لم نجد حتى الآن حزباً واحداً يمكنه الدفع بشخصية تصلح لانتخابات الرئاسة لدرجة أنها أصبحت تمثل أزمة سياسية تواجه المصريين بالفعل.


وللعلم أن الدولة لم تضغط على أى الأحزاب للدفع بمرشح من عندها ولم تتدخل فى الممارسة السياسية لها.


للأسف كنا ننتظر من أحزابنا أن تلد نجوماً فى السياسية من أمثال ممتاز نصار وياسين سراج الدين فى الوفد وخالد محيى الدين ورفعت السعيد فى التجمع وإبراهيم شكرى فى حزب العمل.


وسواء نجحت تجربة حزب الوفد أم لم تنجح فى الدفع بمرشحها لكنها خطوة إيجابية فى نضج الحياة الحزبية فى مصر ويمكن للأحزاب المصرية مجتمعة أن تندمج أو تتحالف فى مرشح واحد حتى تنطلق الحياة الحزبية وتصبح قادرة على إدارة الدولة.


ولو كانت قد نجحت الأحزاب السياسية فى الدفع بمرشح واحد من هذه الأحزاب فذلك يرد رداً قوياً على مرددى عبارات أن الأحزاب المصرية غير موجودة على الساحة وكانت تحسب لهم، بأنها موجودة على الأرض وترسم خريطة التعددية الحزبية الحقيقية فى الدولة، ربما محاولة المستشار أحمد الفضالى فى الترشح رغم فشلها فى اللحظات الأخيرة إلا أنها محاولة إيجابية وأيضا ترشح موسى مصطفى موسى ، رئيس حزب الغد يعيد من جديد صحوة الأحزاب السياسية. بالرغم من أن هناك أحزابا أخرى تدعم الرئيس السيسى ، وهذا حق الأحزاب فيمن يؤيدونه، لكن ارتباك هذه الأحزاب بهذا الشكل يؤكد أن الأحزاب لم تبلغ سن الفطام ولم تنضج سياسياً بشكل كامل الأمر الذى يراه خبراء السياسين أنه ينتقص من الشكل الديمقراطى المطلوب فى إدارة الدولة.


لماذا لا يفكر حزب أو تحالف أحزاب فى تشكيل حكومة ويصبح كل حزب له تمثيل بحقيبة وزارية داخل الحكومة.


ما نداه من أوضاع الأحزاب المصرية الآن يؤكد أننا أمام تجربة مازالت فى مرحلة النمو وتواجدهم فى الشارع مازال فى بدايته.


بل أشد عوامل الضعف فى أداء الأحزاب المصرية هو العدد المبالغ فيه ١٠٤ أحزاب فى حين لو تخلى رؤساء الأحزاب عن تشابهات فى أسماء لأحزابهم وأهدافها أو مبادئها وبرامجها سوف تخرج بالاتفاق على حزبين أو ثلاثة أحزاب مصرية قوية يمكن لها أن تحقق شعبية معبرة عن الشارع المصرى تمثل كل القيادات السياسية فى مصر، وتصبح مؤثرة فى الحكم بالطرق الديمقراطية السليمة.


لأن لدينا فى مصر حوالى ٩ أحزاب تمثل تيار الإسلام السياسى وحوالى ٦٥ حزباً «كوبى بست» تمثل اليسار ويمثلون منطقة الوسط ويمكن تقسيم تلك المنطقة إلى يمين الوسط ويساره وهى أحزاب تؤمن بالليبرالية ربما أن الرئيس السيسى نفسه اقترح على الأحزاب أن يندمجوا فى حزب أو اثنين وهو حل يحدد ملامح للتعددية الحزبية المبالغ فيها، وربما أن تسفر هذه الدعوة لوجود كوادر يمكنها أن تخوض انتخابات الرئاسة والدفع بهم فى هذا السباق فى المستقبل.


الأحزاب والمعارضون يختلفون تماماً عن المشككين والمزايدين لأن المعارضة والأحزاب شرعية لكن المشككين غير شرعيين ويعملون لصالح مخططات الهدم التى تديرها أجندات أجنبية معادية للدولة المصرية..


وفى النهاية ربما تلاحظ عزوفا ملحوظاً من القواعد الشعبية عن الالتحاق بعضوية الأحزب السياسية نظراً لعدم تسويقها لنفسها بشكل جيد أو فشل هذه الأحزاب فى تقديم حلول أو مساهمات لمشاكلهم، علاوة على عجز هذه الأحزاب فى تسويق نفسها إعلامياً، بخلاف غياب رؤوس هذه الأحزاب عن القاعدة وعدم مشاركتهم فى ندوات وفعاليات مباشرة لقراءتهم قراءة جيدة، وأيضاً ربما تشكل قضايا الأسعار جزءاً من العزوف السياسى وانشغالهم فى قوت يومهم والجزء الأكبر لا يوجد حزباً أو مرشحاً بنفس كفاءة الرئيس السيسى فأثروا السلامة وابتعدوا عن هذه الأحزاب.


وأننا نرى كذلك أن دور القيادات الطبيعية والجمعيات الأهلية ورجال الأعمال هم الأكثر تفعيلاً وتأثيراً داخل القواعد الشعبية من الأحزاب، ومن هنا يمكن أن نقول لا عذاء لأحزابنا قديمها وحديثها.


أو نقول» صحى النوم يا أحزاب مصر».