الأربعاء 26 يونيو 2024

هل ينتهى زمن إحتكار اليسار واليمين للسياسة فى فرنسا ؟

11-3-2017 | 14:37

وكالات

هل تتجه فرنسا إلى طى صفحة احتكار اليمين واليسار للسلطة السياسية منذ عقود؟، فحملة الانتخابات الرئاسية قد تفضى إلى سيناريو غير مسبوق، هو خروج الحزبين التقليديين الرئيسيين من الدورة الأولى لصالح الوسط واليمين المتطرف.

وتتوقع استطلاعات الرأي فى هذه الحملة الانتخابية التى يطبعها تردد كبير بين الناخبين، مبارزة نهائية فى 7 مايو بين إيمانويل ماكرون – 39 عامًا، الوزير اليسارى السابق، الذى انتقل إلى الوسط مع حركته إلى الأمام، وزعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن – 48 عامًا.

ورغم اعتمادهما برنامجين متعارضين تماما، إلا أن القاسم المشترك بين المرشحين الأبرزين هو أنهما على رأس تنظيم "ليس يمينيًا ولا يساريًا" لم يسبق له أن مارس السلطة.

أما الحزب الاشتراكى وحزب "الجمهوريون" اليمينى المتأخران فى استطلاعات الرأى، فيجدان صعوبة فى لم الشمل حول مرشحيهما وإقناع المواطنين الذين خابت آمالهم. وأظهر تحقيق أجراه معهد إبسوس فى نهاية فبراير، أن 17% فقط من الفرنسيين يعتبرون أن النظام الديموقراطى يعمل بشكل جيد فى فرنسا، وأن أفكارهم لها تمثيل جيد فى السلطة.

ويقول المؤرخ “بيار روزانفالون” محللا الوضع فى صحيفة "لو موند": "إننا نعيش انقلابًا ديموقراطيًا فى فرنسا كما على مستوى العالم، يتجلى فى تقدم الثقافة الشعبوية وانهيار ثقافة الأحزاب".

وبعدما كان مرشح اليمين “فرنسوا فيون” فى البداية الأوفر حظا لخلافة الرئيس الاشتراكى فرنسوا هولاند، تراجعت حظوظه إثر ضلوعه فى فضيحة وظائف وهمية قد تكلف معسكره الرئاسة.

وأثار إصراره على البقاء فى السباق بالرغم من احتمال توجيه التهمة إليه، خلافا داخل صفوف حزبه. وأظهر تحقيق إبسوس تزايد مشاعر الخيبة والاشمئزاز والغضب خلال الأشهر الأربعة الأخيرة بين الناخبين.

وعلق السياسي الوسطى المخضرم فرنسوا بايرو الذي تحالف مؤخرا مع ماكرون "كل هذا يبعث لدى الفرنسيين شعورا بفقدان المعالم"، وبأن "ثمة سلوات في عالم الأحزاب السياسية التقليدية لا يجرؤ أحد على اعتماده" خارج هذه الأوساط.
ولم ينج اليسار من الشقاقات الداخلية. فالتوجهات الاقتصادية الاشتراكية الليبرالية التي اعتمدها هولاند في ولايته أثارت انقسامات عميقة، وفشله في الحد من البطالة خيب أمل شريحة واسعة من قاعدته الناخبة التقليدية، وترك ذلك جروحا يصعب على المرشح الاشتراكى بونوا آمون تضميدها، بالرغم من فوزه فى الانتخابات التمهيدية اليسارية.

ويتهمه الجناح اليميني من الحزب بأنه يمثل "يسارا انتقل إلى الراديكالية" مهددا بتأييد ماكرون، وهو ما فعله الأربعاء رئيس بلدية باريس السابق برتران دولانوى. أما زعيم اليسار الراديكالى جان لوك ميلانشون الذى رفض الدخول فى أى تحالف، فيحظى بـ 10% من نوايا الأصوات.

ويصب هذا الوضع لصالح إيمانويل ماكرون الذي يبدى عزمه على وضع حد لهيمنة "الرجال أنفسهم والأفكار ذاتها". ويقول المرشح الاشتراكى الليبرالى المؤيد للاتحاد الأوروبى إن "وسائلهم فشلت ببساطة"، وهو يطمح إلى "إعادة صياغة العقد مع الطبقات الوسطى المنسية" من اليمين واليسار.

كما تصب فضيحة فيون لصالح مارين لوبن المعادية للهجرة وللاتحاد الأوروبى، وقد تعزز خطابها "المعادى للنخب" و"المعادى للنظام القائم"، جراء قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد وفوز دونالد ترامب بالبيت الأبيض.

ولم تتأثر شعبيتها بالتحقيقات التي تطاولها، ولا سيما قضية وظائف وهمية فى البرلمان الأوروبى. ويرى ثلث من الفرنسيين (36%) أنها تطرح أفكارا جديدة لحل مشكلات فرنسا، بحسب استطلاع للرأى صدر مؤخرا.

وقال “ميشال ترافينيه” – 51 عامًا، العاطل عن العمل لوكالة فرانس برس: "أميل إلى التصويت للجبهة الوطنية، ولو أننى لا أعتنق كل أفكارهم. المطلوب هو التخلص من الجميع".

ورأى جيروم سانت مارى الخبير السياسى فى معهد "بولينغ فوكس" لاستطلاعات الرأى "نصل إلى نهاية نظام سياسى بدأ فى الثمانينات. شهدنا على مدى ثلاثين عاما تناوبا شبه منهجى بين اليسار واليمين فى الحكم، مع تراوح الجبهة الوطنية بين 15 و17%".

وتابع قائلا: "إلا أن التناوب بات يبتعد سنة بعد سنة عن تغيير حقيقى، بموازاة تصاعد الاستياء حيال الأزمة الاقتصادية. وبالتالى فإن العام 2017 قد يشهد نشوء استقطاب جديد بين الليبراليين والقوميين المتمسكين بالسيادة مع قيام شرخ جديد "بين الطبقات المندمجة في العولمة، وأخرى تشعر أنها خاسرة".