الجمعة 21 يونيو 2024

إنصافأ للمرأة .. الإسلام أكد حقوقها والمسيحية سبقت كل الدساتير

11-3-2017 | 17:45

تحقيق: محمد الشريف

لا شك أن المرأة تتمتع بحقوق فى ظل الشريعة الإسلامية لم تنلها فى نظيراتها من الشرائع، حيث أعلت مكانتها ورفعت شأنها وساوت بينها والرجل فى الحقوق الإنسانية والاجتماعية والسياسية وهو ما أكدت عليه وثيقة حقوق المرأة التى أصدرها الأزهر الشريف.

وقد كافحت المرأة على مر القرون لنيل حقوقها التى كفلتها الشريعة، فتصدرت الثورات وكانت فرس الرهان فى سباقات الانتخابات البرلمانية والرئاسية لاسيما الاستفتاء على الدستور.

فهل أنصفت القوانين المرأة مثلما أنصفها الإسلام، وهل منحتها حقوقها كاملة؟ أم ما زالت تشمل على ثغرات كفيلة بظلمها والنيل من مكتسباتها والتمييز بينها والرجل؟ سؤال طرحته"حواء" على رجال الدين والقانون للوقوف على نواحى الإيجاب والسلب فى قوانين المرأة .

فى البداية يقول د. نصر فريد واصل، عضو هيئة كبار العلماء: إن وثيقة حقوق المرأة التى أقرها الأزهر ما هى إلا تأكيد على ما قررته الشريعة الإسلامية التى أرسى قواعدها رسول الله"صلى الله عليه وسلم" منذ أكثر من 14 قرنا من الزمان من حيث مكانة المرأة الإنسانية والاجتماعية، وشخصيتها القانونية وحقها فى التعليم والعمل والمشاركة فى العمل العام وهى مبادئ بينها الخالق سبحانه وتعالى فى كتابه حين بين وضع المرأة فى المجتمع فقال: "فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض.."، كما بين أن العلاقة بينها والرجل تقوم على المسئولية المشتركة التى أساسها كلمة الحق والعدل مصداقا لقوله تعالى:"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"، وأكد الإسلام أن المساواة والمسئولية المشتركة أساس لفهم وتأسيس العلاقة بين الجنسين،وأن مبدأ القوامة يؤكد على المسئولية الحكيمة ويعنى الالتزام المالى نحو الأسرة بما يحقق المسئولية المشتركة بين الرجل والمرأة وليست سلطة التصرف المطلقة.

فهم خاطئ

وتقول د. آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضوة مجلس النواب: بالرغم من أن المرأة تتمتع بحماية دستورية منذ 1956 ودستور 1971 وآخرها دستور 2014 إلا أنها تعانى حتى الآن من تمييز شديد فى القوانين التى نالت من حقوقها ومكتسباتها التى كافحت قرونا من أجل الحصول عليها، وقد ناقش المجلس تلك القوانين وقام بتعديل بعضها وإصدار تشريعات من شأنها حمايتها من مظاهر العنف التى كانت تمارس ضدها ومنها تغليظ عقوبة الختان والمواريث والخلع والتحرش، مشيدة بقرار وزير العدل بأحقية بنك ناصر فى تحريك الدعوى ضد المتهرب من دفع النفقة لمستحقيه معتبرة ذلك القرار انتصار للمرأة،مؤكدة أن ما تشهده المرأة من ظلم ليس من واقع القانون ولا الشريعة الإسلامية ولكن بسبب ثقافة المجتمع الذكورية التى تهمش المرأة وتعظم من حق الرجل، وسوء تفعيل تلك القوانين وافتقارها إلى التطبيق الصحيح.

وأكدت نصير اعتزامها على مناقشة قانون اقتسام الثروة بين الزوجين فى دور الانعقاد الثانى الذى من شأنه القضاء على المشكلات المتعلقة بالنفقة ومسكن الزوجية‏‏ والحضانة وضمان حياة كريمة للمطلقة بمستوى مادى لائق وليس إذلالها عبر المحاكم لإعطائها نفقة لها ولأولادها.

المسيحية والمرأة

من جهته أشار الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة إلى حرص الكنيسة على تحسين أوضاع المرأة والحفاظ على حقوقها حسبما كفل الدستور ومن قبله المسيحية، مؤكدا أن المسيحية سبقت كل الدساتير والقوانين الوضعية فى إقرار حقوق المرأة والحفاظ على آدميتها ومساواتها مع الرجل فكان ترتيب الله فى خلق حواء أنه لم يخلقها من قدم آدم حتى لا يدوس عليها ويحتقرها، ولا من رأسه فتتعالى عليه بل خلقها من أحد أضلاعه حتى تكون على قدم المساواة معه.

مشيرا إلى حرص الكنيسة على تفعيل مفوضية ضد التمييز التى نص عليها الدستور فى عام 2017 للحفاظ على مكتسبات المرأة وحقوقها ومكافحة كل أشكال العنف والتمييز ضدها، وحمايتها من مرتكبيه سواء كانت جهة رسمية أو غير ذلك، ووضع عقوبات رادعة ضد من يمارسه.

ثقافة ذكورية

أما الأب بطرس دانيال فيؤكد أن الشريعة المسيحيةتنظر إلى الرجل والمرأة سواء،فهما شريكان يكمل بعضمها الآخر ولا تستقيم الحياة دون أحدهما، مشيرا إلى أنهاتبيح للمرأة تقلد جميع المناصب القيادية والانخراطفى العمل السياسى والتشريعى كما يمكن للمرأة فى المسيحية تولى رئاسة الوزراء أو مقاليد الحكم إلا أن التقاليد والأعراف والثقافة الذكورية التى تحكم المجتمع المصرى تحرم عليها تولى المناصب القيادية وترفض ولايتها على الرجال، لذا يتطلع الأب بطرس أن تسن قوانين فى العام الجديد تحمى المرأة مما تتعرض له من نظرات دونية أو تعديات على مكتسباتها قائلا:"أتمنى أن تتغير نظرة المجتمع إلى المرأة فهى الأم والأخت والزوجة"، متطلعا إلى تعاون أكبر بين الرجل والمرأة على كافة المستويات للنهوض بالوطن، وأن تسند المناصب إلى من يصلح لها نظرا للكفاءة وليس للنوع.

مسئولية النائبات

أما د. أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب فقد أكد أن قوانين المرأة من القضايا الملحة والمهمة التي يجب الاهتمام بها وتنقيتها من كل ما يلحق الضرر بالمرأة ووضع آليات لتنفيذها، ودعا العبد برفع الوعى بحقوق المرأة وإدراجها ضمن القضايا الملحة فى الخطاب الديني، كما حمل النائبات مسئولية تسليط الضوء على القوانين المجحفة للمرأة والعمل على تعديلها ووضع تشريعات لحمايتها من كل أشكال العنف، مؤكدا أن الشريعة الإسلامية كرمت المرأة ورفعت شأنها وأعلت مكانتها وقررت لها حقوقا مساوية للرجل، كما تضمن الدستور العديد من المواد المنصفة للمرأة والتى تعد انتصارا لها وإضافة لمكتسباتها لكن ينقصها التفعيل والتطبيق الصحيح وهذا ما نسعى لتحقيقه فى البرلمان.

مشروعات قوانين

وأشارت النائبة البرلمانية دينا عبد العزيز إلى أن النائبات تبنين أكثر من مشروع قانون فى دور الانعقاد الأول منها مشروع قانون عدم التمييز والميراث والختان، مؤكدة على ضرورة أن يتبنى البرلمان سياسات واضحة لتمثيل المرأة بشكل جيد فى كل المناصب السياسية بالدولة خاصة وأنها استطاعت أن تشارك بشكل جيد فى الوفود البرلمانية، مضيفة: هناك عدد من مشروعات القوانين المهمة التى تخص المرأة والتى ينبغى أن تتبناها النائبات منها قانون المرأة المعيلة، كما ينبغى أن يكون هناك حزمة من التشريعات المتعلقة بالمشروعات الصغيرة لزيادة دخل المرأة خلال الفترة المقبلة ووجود محفزات قوية للاستثمار من أجل النهوض بمستواها المعيشى.

محكمة الأسرة

وتابعت دينا: على النائبات العمل على إصدار تشريعات من شأنها حث محكمة الأسرة على إنجاز كل القضايا والدعاوى الخاصة بالمرأة فى المحاكم، ومشروع قانون لتمثيلها فى المحافظين، وتسهيل تعيين المرأة المعاقة، والسعى لإيجاد تأمين صحى للمرأة الفلاحة.

رصد الثغرات

وقالت المحامية نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصرى لحقوق المرأة: بالرغم من أن الدساتير المصرية تؤكد على المساواة بين المواطنين وتلزم الدولة بحماية وضمان حقوق المرأة ومساواتها بالرجل أمام القانون لكن ما زالت هناك نصوص كثيرة فى القانون تمارس التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية والعمل، وقوانين الاغتصاب والإجهاض والعنف الأسرى والجنسى.

وتؤكد أبو القمصان على ضرورة التحرك الإيجابى تجاه هذه القضية الحيوية لرصد الثغرات القانونية التي يستغلها أعداء المرأة لتبرير تهميشهم لها أو تفضيل الرجل عليها وتقديمها إلى مجلس النواب للعمل على معالجتها بنصوص أكثر صراحة وواقعية لمنع التحايل عليها.

التمكين الاقتصادى

وطالبت النائبة مارجرت عازر عضوة لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، بمراجعة التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة وإقرار سياسات وتشريعات تضمن احترام وإنقاذ حقوقها الواردة في الدستور والاتفاقيات الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان، مشددة على ضرورة تمكين المرأة فى عامها اقتصاديا لاسيما بتمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، موضحة أن التنمية المستدامة التي اعتمدتها الأمم المتحدة وتسعى القيادة المصرية إلى تحقيقها لن تتأتى إلا بوجود المرأة ومشاركتها في كافة المجالات والقضاء على كافة السياسات التي ترسخ التمييز ضدها، وأكدت عازر على أن قوانين حماية المرأة ليست كافية وينبغى إصدار تشريعات زاجرة لكل من تسول له نفسه لظلمها أو النيل من مكتسباتها.

وتتطلع عازر فى 2017 الذى أقره الرئيس عبد الفتاح السيسى عاما للمرأة إلى مناقشة قانون جديد لتعديل عقوبة جريمة الزنا فى قانون العقوبات، مؤكدة أن هناك ظلما يقع على المرأة فى ذلك القانون حيث تغلظ العقوبة على المرأة بشكل أكبر من الرجل مع أنه من المفترض تطبيق مبدأ المساواة فى العقوبة على كل من الرجل والمرأة خاصة أن الجريمة متساوية.

وأنهت عازر حديثها مطالبة البرلمانيات بالقيام بدور فاعل فى دور الانعقاد الثانى والتفاعل والمشاركة فى الموضوعات المطروحة للنقاش لتحسين أوضاع المرأة على كافة المستويات لزيادة الثقة لدى الناخبين فى تمثيل المرأة ما ينعكس على زيادة نسبة تمثيلها فى المجالس المقبلة.