ألقت الأقدار على عاتق الرئيس عبدالفتاح
السيسي، مسئولية ضخمة واختارته ليعبر بمصر كافة التحديات التي تواجهها داخليا وخارجيا،
مسؤولية تحملها الرئيس بوطنية خالصة وعشق لمصر، وحملها بإصرار على تحمل التبعات ومواجهة
التحدي والرغبة في البناء والعمل من أجل المستقبل.
واحدة من أبرز تلك التحديات الداخلية كان
التخطيط للمدن الجديدة ومدن الجيل الرابع، الذي يكبح جموح النمو العشوائي غير المخطط
في مصر، وفيض كيل الوادي الضيق بما يحتضنه من سكان يتمركزون حوله.
ورغم الظروف الراهنة التي تعيشها مصر بأبعادها
المحلية والإقليمية والعالمية، جاءت الرؤية التنموية الجديدة بالتوازي مع الدفاع عن
مقدرات مصر وأمنها القومي، ومجابهتها للمؤامرات التي تحاك بها، جاءت لتحدد وتضع أفضل
السبل للتعامل مع هذه القضية الحيوية بما يمكن المجتمع المصري من النهوض من عثرته والانتقال
إلى مصاف الدول المتقدمة.
برهانان أثبتهما تدشين الرئيس عبدالفتاح
السيسي لعدد من المدن الجديدة، خلال افتتاحه أمس الخميس، المرحلة الأولى من مدينة العلمين
الجديدة، والبرهانان يؤكدان أنه بحلول عام 2030 ستكون مصر بمساحة أرضها وحضارتها وخصوصية
موقعها قادرة على استيعاب سكانها ومواردها في ظل إدارة تنمية مكانية أكثر اتزانا، تنمية
قادرة على تلبية طموحات المصريين والارتقاء بجودة حياتهم، استنادا لمفاهيم "النمو الاحتوائي
والمستدام والتنمية الإقليمية المتوازنة"، وذلك بمشاركة الجميع في عملية البناء والتنمية،
واستفادة كافة الأطراف من ثمارها.
البرهان الأول، يثبت أن الأفعال دائما أصدق
وأبلغ من الأقوال، حيث لم يسبق افتتاح تلك المدن التي يصل عددها إلى حوالي ٢٥ مدينة
جديدة أي دعاية أو وعود كلامية، وظهرت إلى النور بعدما دارت عجلة مشروعاتها وباتت مراحلها
الأولى قادرة على التحدث عن نفسها، فتقول "صدق ما ترى" من تنمية عمرانية
في جميع ربوع مصر، وتعد بالمزيد من الإنجازات التي ستكون بها مصر ذات اقتصاد تنافسي
متوازن ومتنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة، قائم على العدالة والاندماج الاجتماعي
والمشاركة ذات النظام البيئي المتزن، مستثمرة عبقرية المكان والإنسان لتحقق التنمية
المستدامة لمصر والمصريين.
البرهان الثاني، يشير إلى نجاح مصر في خطتها
الجريئة طويلة المدى التي تنتهجها في إطار استراتيجية ٢٠٣٠، والتي تمثل خريطة الطريق
التي تستهدف تعظيم الاستفادة من المقومات والمزايا التنافسية، وتعمل على تنفيذ أحلام
وتطلعات الشعب المصري في توفير حياة لائقة وكريمة، وتتضمن تلك الخطة محاور عدة من بينها
محور التنمية العمرانية، الذي يختص برفع مستوى جودة الحيز المعمور الحالي والمستقبلي،
بالإضافة إلى العمل على معالجة قضايا العمران المتفاقمة والملحة، مستهدفة تحديد نطاق
التنمية المكانية التي يمكن لها استيعاب الزيادة السكانية المتوقعة في الأعوام المقبلة.
استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر
2030 )، تعتبر أول استراتيجية تتم صياغتها وفقا لمنهجية التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى
والتخطيط بالمشاركة، حيث تم إعدادها بمشاركة مجتمعية واسعة راعت مرئيات المجتمع المدني
والقطاع الخاص والوزارات والهيئات الحكومية، ولاقت دعما ومشاركة فعالة من شركاء التنمية
الدوليين، حيث تتضمن أهدافا شاملة لكافة مرتكزات وقطاعات الدولة المصرية.
مدن جديدة كاملة وشاملة كافة مستلزمات الحياة
المعيشية، ستنتشر في كافة ربوع مصر بعيدا عن الوادي الضيق، ستزيد من المساحة القابلة
للعمران من 6 إلى ١٠ في المائة لترسم محطة أساسية في مسيرة التنمية الشاملة في مصر،
محطة تربط الحاضر بالمستقبل وتستلهم إنجازات الحضارة المصرية العريقة، لتبني مسيرة
تنموية واضحة لوطن متقدم ومزدهر تسوده العدالة الاقتصادية والاجتماعية وتعيد إحياء
الدور التاريخي لمصر في الريادة الإقليمية، وعندما تمر الأعوام ويكتب التاريخ صفحاته
عما شهدته مصر من أحداث خلال القرن الـ٢١، سيسطر بكل إعزاز وتقدير هذا الفصل من الإنجاز،
وعندما يدرس الأحفاد تاريخ بلادهم سيجدون أن مصر قادها في تلك الفترة أحد أبنائها المخلصين.