السبت 11 مايو 2024

في ذكرى رحيله.. لماذا لم يخلع الملك فاروق لقب البكاوية على «العقاد»؟

12-3-2017 | 12:11


كتب : خليل زيدان

تحل اليوم الأحد 12 مارس ذكرى رحيل عبقري لن يجود الزمان بمثله وهو الأديب الكبير عباس محمود العقاد الذي سخّر حياته كلها لخدمة الفكر الأدبي حتى تعدت مؤلفاته المائة كتاب ومقالاته تجاوزت الآلاف ومازلنا في دار الهلال حتى اليوم نعيد طبع روائع كتاباته منها عبقرية محمد وعبقرية عمر وعبقرية الصديق.

إذا كنا نغوص في الماضي ونستحضر سيّر الخالدين فذلك لنظهر كيف كانت مصر، ولتكون تلك المقالات نبراسًا للأجيال الحالية يستمدون منها الأمل ليسيروا على نهج من سبقهم وتستعيد مصر ريادتها كما كانت في الأدب والفنون والعلوم، فكاتبنا ومبدعنا عباس العقاد لم ينل قسطًا وفيرًا من التعليم ولم يحظ بأي من مظاهر الرفاهية وولد وعاش في فترات كفاح مصر ومع ذلك أصبح من أوائل الكتاب والمبدعين المصرين في الفكر والأدب، ومن مؤلفاته المائة كانت إسلاميات العقاد التي تجاوزت الأربعين كتابًا، صور فيها بكلماته الشخصية رموز الإسلام ووضح فيها خلائقهم وجليل أعمالهم، مع توضيح حقائق الإسلام وفلسفة القرآن والديمقراطية في الإسلام، وأثبت لمن شكك أن الإسلام انتشر بالسيف بالأدلة والبراهين المقنعة كذب هذه التهم الباطالة في كتابه "مايقال عن الإسلام"، وأثبت أن النبوة في الإسلام كانت كمال النبوات وخاتمة الرسالات.

ومن مؤلفات العقاد الأدبية أيضًا "الصهيونية العالمية، وجحا الضاحك المضحك، والشيوعية والوجودية، وغاندي وسعد زغلول وهتلر في الميزان والشيخ محمد عبده، وله في الشعر 10 دواوين منها وهج الظهيرة وأشباح الأصيل وهدية الكروان وأشجان الليل، 

بجانب الأدب كانت للعقاد كتابات سياسية وأيضًا معارك في نفس المجال استخدم فيها الحدة المعهودة عنة حتى سجن 9 أشهر عام 1930عندما هاجم الملك فؤاد الأول عند محاولته تغيير جملتين في دستور مصر وأصبح العقاد عدو لدود لفؤاد الأول حتى رحيله عام 1936 ولم ينج مستشار الملك فؤاد أيضًا وهو على ماهر من لسان العقاد، ومع انشقاق الحزب السعدي عن حزب الوفد الذي كان ينتمي إليه العقاد وكان نجم الكتابة السياسية فيه، تغير موقف العقاد السياسي، فبعد أن كان معادياً لفؤاد الأول ملك مصر أصبح صديقاً ومحباً للملك فاروق عند توليه الحكم، بل وكتب مديحًا وثناءً فيه بعد أن التقى بفاروق ، وحتى بعد أن انفصل فاروق عن زوجته الأولى الملكة فريدة وتزوج بالملكة ناريمان صادق كتب العقاد مقالاً بمجلة الهلال في مايو عام 1951 يضع فيه تفسيرًا سياسيًا طريفًا للحدث مضمونه أن فاروق يرعى سُنة الديمقراطية ويُجدد سنة الإسلام ويزيل الحواجز بين الشعب والراعي باختيار مليكة من الشعب.

إنحاز العقاد لفاروق وغيّر موقفه السياسي لسببين أولهما أنه كان مرتبط بالحزب السعدي الذي يعتمد كلية على تمويل الملك فاروق والقصر الملكي، وانتقد البعض مديح العقاد لفاروق وأن العقاد رجل صاحب تاريخ وطني، فكان هناك تفسير بسيط لمديحه للملك بأنه نوع من أنواع أدب النفاق، والسبب الآخر لقرب العقاد من فاروق هو ما كان يأمله العقاد في منحة من المنح وهي الألقاب مثل بك وباشا التي أعطاها فاروق لمادحيه ولمن هاجموا وأسقطوا حزب الوفد القديم وأسقطوا حكومته وكان العقاد أشدهم قسوة، لكن فاروق لم ينس أن العقاد هاجم وأهان أباه في الماضي وأيضًا لم ينس على ماهر إساءة العقاد له ما جعله يؤكد على فاروق بألا يمنح العقاد أية ألقاب.

وعلى الفور ظهر غضب العقاد وصرح في جريدة البلاغ قائلاً: تقولون إن الأديب في غنى عن الألقاب، أما وقد منحت الدولة للأدباء ألقابًا، ففيم حرمان العقاد وحده؟ وإذا كان اللقب قد منح لمكانة فمَن هو الذي يفضلني في المكانة ؟

 نعم لم يمنح العقاد ألقابًا ملكية وكفاه لقب الأديب وكفاه مجدًا مكانته الخالدة في تاريخ مصر بما تركه من فكر وأدب باقيًا ما بقيت الحياة.   

    Dr.Radwa
    Egypt Air