الأربعاء 29 مايو 2024

روح أكتوبر

15-1-2017 | 13:55

ما أحوجنا إلى روح حرب أكتوبر المجيدة الآن، روح النصر وإرادة الفوز، واستنهاض الهمم، والاستعداد الجاد، وتكاتف المصريين جميعا من أجل تحقيق هدف واحد «العبور» وتحويل النكسة إلى انتصار واسترداد سيناء المحتلة ورفع العلم المصري عاليا خفاقا على كل شبر من أرض مصر.

روح أكتوبر قد تكون الشفرة  ومفتاح الأمل والعمل على نهضة مصر وتقدمها والخروج من المشكلات التى تواجهنا حاليا، ولما لا، فحرب أكتوبر لم تكن مجرد انتصار عسكرى وحسب, وإنما كانت انتصارا حضاريا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث تجلى فى إرادة كاملة شعبا وجيشا وحكومة فى رفض الهزيمة وتحقيق النصر, واسترداد الكرامة، حيث شهدت حرب أكتوبر أكبر عملية إعداد للدولة لمواجهة العدو الإسرائيلي وذلك من خلال تطوير واستخدام كل القدرات والإمكانات المتاحة للدولة في كل جوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والبشرية من أجل تحقيق النصر، وقد تطلبت عملية إعداد الدولة للحرب مشاركة أجهزة كل مؤسسات الدولة واشتراك القيادات بكل مستوياتها، ومشاركة الشعب بكل طوائفه، وإنفاق المال والجهد، وتحفيز كل الطاقات الممكنة لدى المصريين والدولة نحو هدف واحد مشروع قومى، أكثر من ٤٠ عاما  كان انتصار أكتوبر واسترداد سيناء آخر المشروعات القومية مشروع قناة السويس الجديدة التى التف حولها المصريون وجمعوا ٦٣ مليار جنيه لتمويله والمشاركة فيه، ما أحوجنا إلى مشروع قومى شامل يلتف حوله المصريون يؤمنون به ويشاركون فيه، مشروع متكامل للانطلاق نحو مستقبل أفضل تستحقه مصر ويعوض الفرص الضائعة طوال العقود الماضية.

فعندما يكون هناك مشروع قومى حقيقي يصدقه الشعب وينخرطون في تحقيقه، كل في مكانه تقل الجرائم وتذوب الصراعات ويتم الاستفادة من الطاقات، مثلما حدث في أكتوبر ١٩٧٣

، بروح أكتوبر لم تسجل محاضر الشرطة أى أحداث فى هذا اليوم من جميع أنواع الجريمة التى يرتفع معدلها وقت الحروب فى جميع الدول التى مرت بذات التجربة.. من قبل ومن بعد وهو مالم ولن يتكرر إلا فى مصر ولم تتحقق شكوى واحدة من أى نقص أو ارتفاع أسعار فى السلع.. وهو شىء يراه علماء الفلسفة مستغربا لدرجة كبيرة، إلى جانب انتظام غير مسبوق فى شوارع ومؤسسات وحكومية وشعبية على السواء .

روح أكتوبر كانت وستظل فصلا مهما يدرس في الكليات العسكرية، درس أكاديمى فى فنون القتال تحت ضغط ميزان قوى غير متكافئ وظروف سياسية غير مواتية ...مما أعاد النظر فى أساليب القتال المعروفة قبل أكتوبر٧٣ وأصبح الاعتماد على الفرد وإعداده عقائديا وعسكريا أهم من الاعتماد على المُعدات والسلاح بحيث أصبح المقاتل هو الفيصل فى حسم نتيجة الحروب بصرف النظر عن تسليحه، كما هدمت حرب أكتوبر نظرية تفوق السلاح الغربى وتغيرت نظم تصميم الأسلحة الرئيسية وهى المدرعات والطائرات التى تفوق عليها مقاتل يحمل هذه القواذف محققا التفوق على الطائرة والدبابة ..

 كما أبطلت حرب أكتوبر فاعلية الموانع بأنواعها ومهما بلغت قوتها من موانع مائية أو نقط حصينة مجهزة بامتياز أو حقول ألغام ..لتثبت للعالم أنه لا يوجد مستحيل على المصريين إذا تم استنهاض هممهم وتوظيف طاقاتهم نحو هدف واضح ومؤمنين به، ففي حرب أكتوبر قلبت مصر الموازين العسكرية فى العالم كله وتم تعديل قواعد القتال وإنتاج السلاح والمعدات الحربية بأنواعها، فبرغم كل التعقيدات التى أحاطت بخط بارليف والساتر الترابي جاءت بكل بساطة فكرة مثل مدافع المياه التى أذابت الساتر الترابى على الضفة الشرقية للقناة، والذى كان يمثل عائقا أسطوريا لم يتحقق من قبل فى تاريخ الحروب، كما نجحت خطة الرئيس أنور السادات في الخداع الاستراتيجى رغم نشاط الأقمار الصناعية الأمريكية التى كانت تبث آلاف الصور فى الثانية الواحدة للإسرائيليين عن تحركات القوات المصرية، وبرغم ذلك فقد تحقق الخداع الاستراتيجى ونجحت مفاجأة الهجوم، وحدّث ولا حرج عن مواجهات تجسد كل معانى البطولة وتحقق مهامها بل وتوقع خسائر فادحة للعدو.

في حرب أكتوبر استعدت الدولة بالكامل جيشا وشعبا وحكومة نحو تحقيق هدف الانتصار، ونحن الآن نحتاج لنفس الروح بين الجميع لتحقيق النجاح في معركة التنمية التى لا تقل أهمية وصعوبة عن حرب أكتوبر ولا بديل أمامنا غير النجاح في هذه الحرب.

وأيضا من الدروس المهمة هي نجاح مصر في حرب أكتوبر في توحيد القوى العربية في تحالف واحد قوى والتنسيق بين العرب لتنفيذ الحرب وتحقيق النصر، فالعرب الآن في أشد الحاجة إلى نبذ الفرقة والاختلاف والتوحد ضد أعدائهم  في المنطقة وهم كثر .

كتب : محمد حبيب